تمييز جيناتي في القدس

توفيق أبو شومر

ابتسمتُ ساخرا، وأنا أقرأ خبرا في صحيفة جورسلم بوست سأنقله في نهاية هذا المقال وقلتُ:

إن إسرائيل دولة فريدة في عالم اليوم، لا بمقاييس الجغرافيا وعدد السكان وأجناسهم ، ولا بمقاييس التكنلوجيا والعسكرة، بل بمعيار آخر وهو إصرارها على أن تعيش خارج إطار النظام العالمي، وخارج حالة التوافق المتعارف عليها دوليا (الوضع الراهن Status que) وهي الحالة التي تسير عليها معظم الدول، وأصبحتْ إسرائيل بتفوقها في توظيف ماضيها لخدمة حاضرها، هي وحدها إستاتوس كو!

يجوز لإسرائيل -وفق مبدأ الفرادة- أن تظلَّ هي الدولة الوحيدة في العالم التي تواصل احتلالها لشعبٍ كامل، وهي لا تفرض سيطرتها فقط على شعبٍ فلسطيني كامل، يساوي في عدده أو يزيد على حجم سكانها اليهود الأنقياء ، بل إنها تفرض الحصار والتضييق والمنع عليه أيضا، وهي ما تزال تواصل نهب ما تبقى له من أرض وتبني فوقها المستوطنات.

 كما أنها ما تزال هي الدولة الفريدة في العالم التي تصنع أبشع جرائم التاريخ، على أيدي متطرفيها الحارديم وهي غربلة سكان المدينة المقدسة القدس والتضييق عليهم باستخدام التمييز الجيناتي في كل مناحي الحياة لغرض تهجيرهم من بيوتهم، ويحدث كل ذلك في عصر الألفية الثالثة، عصر العالم المفتوح، بدون أن تُطارد أو تعاقب هذه الدولة (الديمقراطية) على ما ترتكبه من جرائم في حق البشر !!

وإسرائيل أيضا هي الدولة الفريدة في عالم اليوم التي يمكنها أن تختار أي مكانٍ في الأرض وتقصفه بطائراتها، بادعاء أنه مأوى للإرهاب، وليس ذلك فقط، بل إنها تغتال مَن تشاء في أي دولة من دول العالم، ولا يهمها أي اتهام من أية دولة أو فرد، ولا تكترث بأي تهمة أو لوم، فهي قادرة بفرادتها أن تُلغي أحكام المحاكم، وتُلغي حتى قرارات الأمم المتحدة، مثلما فعلت عام 1975 عندما تمكنت من إلغاء القرار الصادر عن الجمعية العمومية باعتبار الصهيونية حركة عنصرية!!

وهي أيضا فريدة في تعاملها مع المنظمات الدولية، لا يهمها أي قرار يصدر عن هذه المنظمة مهما كان، وما أكثرَ ما اتهمتْ إسرائيلُ الأممَ المتحدة بأنها منحازة للفلسطينيين، أو أنها أصبحت تحت سيطرتهم، فإسرائيل قد أدانت لجنة حقوق الإنسان والأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون، عندما طالبها بوقف الاستيطان والتمييز العنصري ضد الفلسطينيين!

هذه الدولة الفريدة لها الحق في نشر كل عملائها في أية بقعة من الأرض، وهي صاحبة أضخم سجل استخباري في تاريخ العالم يقف على رأسه ثلاثة أجهزة استخبارية هي الأوسع نفوذا في عالم اليوم، وهي جهاز الشاباك للأمن الداخلي، والموساد للأمن الخارجي والاستخبارات العسكرية المتعددة الاتجاهات والأهداف!

 هذه الدولة الفريدة التي لها آلاف الجمعيات والمؤسسات في العالم، والتي تعمل بتنسيقٍ كامل، ومنها مؤسسة (مكافحة التمييز ضد اليهود) ومقرها أمريكا، والتي يرأسها إبراهام فوكسمان تحتجُّ اليوم على فنزويلا ، أما سببُ الاحتجاج فهو!!!

" أن فضيحة !!كشفت عنها وثائق استخبارية فنزويلية تسربت من وكالة إسبين للمخابرات الفنزويلية، فقد كُلِّفتْ بمراقبة الجالية اليهودية فيها !! وبخاصة الشخصيات اليهودية البارزة والدبلوماسيين حتى في أمريكا اللاتينية!! وتضم الوثائق صورا عن يهود فنزويلا وغيرهم ومواقع مؤسساتهم وتجمعاتهم وعناوينهم، مما يدل على تحيز شافيز ضد اليهود، وكما ورد في تعليق منظمة مكافحة التمييز، فإن ذلك يؤكد نزعة التشكيك في وطنية اليهود، وهو دليلٌ على الكراهية، وباعث على التحريض ضدهم، وعلى العالم أن يوقف هذه الهجمة"

نشر الخبر يوم 1/2/2013 في صحيفة الجورسلم بوست

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 5/شباط/2013 - 24/ربيع الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م