التدريس الجامعي.. كم أم نوع؟

علي إسماعيل الجاف

يعاني الطلبة في الجامعات من ظلم متواصل يسلط عليهم من قبل المحاضرين والأساتذة دون ان يكون هناك رقيبا" ومقيما" يتابع ذلك الظلم للحد منه. فيدخل المحاضر او الأستاذ ليلقي المحاضرة المقررة خلال اليوم، ويبدأ بالسرد النظري في الغالب، الذي يخلو من 10% من الجانب العملي وكأن أمامه حشد من المبتكرين والمبدعين والمتميزين في المجال الذي يطرحه او يشرحه. فلا يوجد هناك معرفة ان المخاطب تخرج حديثا" من المرحلة الإعدادية، رغم انه لا يملك خزينا" معرفيا" وعمليا" كافيا"، ويواجه الحياة الجامعية الجديدة بروح من التفاؤل والأمل، لاسيما بعد الحرمان الذي عاناه خلال المراحل الدراسية السابقة.

فقد يترك طالبا" قسمه او فرعه بحجة ان المؤهلات العلمية او الفكرية التي يمتلكها لا تؤهله على خوض العام الدراسي، ويبقى البعض الأخر مناضلا" ومصارعا" الحياة الجديدة المليئة بالتنظير والمواربة والسرد المعرفي... في حين لا يوجد هناك مرجعا" يتجه اليه ليوضح معاناته التي يمر بها يوميا". فيأتي الحاضر او الأستاذ ليقدم محاضرته او درسه الذي يكون في الغالب ما بين (40-50) ورقة يتم اكمالها خلال ساعة او ساعتين. فيعود ذلك الطالب الى منزله او قسمه الداخلي ليواجه معاناة أخرى لا يقوى على تحديها او انجازها خلال اليوم. فقد يقوم بإعداد طعامه ويترك درسه...

 وفي حالات أخرى، يتوقع المحاضر او الأستاذ ان الطالب يجب ان يكيف نفسه ضمن الأجواء الجامعية، وعليه ان يقرأ طوال الليل، ليتمكن من فهم او دراسة المادة بنفسه، ويقولون ان الطالب لم يعد صبيا" ليوجه او يعلم؛ لكن نقول ان مرحلة الكلية هي المرحلة الأهم في حياة الطالب لان مدخلاته ستعكس كمخرجات في المجتمع. فإذا كانت سيئة فما هي أهمية ان يكون لدينا جيوش من الأطباء او المهندسين او القانونيين او المدرسين... الخ وهم لا يتقنون المهارات العلمية والفكرية، وعقولهم مليئة بالمواد السردية والتنظيرية التي تتبخر بمجرد انتهاء السنة!

فلابد ان تكون هناك وقفة حقيقية من اجل ان نبدل الأسلوب والطريقة التدريسية الجامعية، وان تكون الدراسة عبارة عن ساعات نقضيها خلال اليوم الجامعي؛ وبالتالي، لا نقوى على مواجهة التقدم الحضاري والفكري والعلمي على كافة الأصعدة. فما فائدة الطبيب الذي لا يعرف اللغة والحاسوب والبحث، ولا يتقن اختصاصه من الجوانب العملية، ويبقى ضحية الزمن في التعلم او اللجوء الى الآخرين الذين سبقوه في المشوار، وكذا القانوني والمهندس والمدرس،...الخ.

فاليوم، توجد هناك مدارس تخصصية في الدول المتقدمة تقوم على أعداد الطلبة، فنحتاج الى إعدادية في الطب، القانون، الهندسة لان البلد بحاجة الى هذه الاختصاصات ليكونوا قادرين على كسب المعرفة والعلم بصورة صحيحة. وكذلك، هناك حاجة الى الاعتناء بالمعاهد الخاصة بالمعلمين والمعلمات لان المخرجات التي نراها كم وليس نوع! من حيث المهارات، الكفاءة، الخبرة، والنوعية المعيارية والنموذجية. وأبلغت حديثا" ان اغلب المعلمين والمعلمات يجبرون الطالب على الدورة الخصوصي...، وكذلك الاعتماد على الملازم المعدة من قبل أساتذة أكفاء في تدريس تلاميذهم...، فيجب ا يكون هناك أساتذة يحملون شهادات عليا يدرسون في تلك المعاهد كون المناهج ضخمة وكثيرة وقيمة، وتحتاج الى حملة شهادات ماجستير ودكتورا لتكون المعارف علمية وعملية، وليس ان يقوم مدرس بتدريس مواد المعهد.

 أخيرا"، هناك ضرورة قيام دائرة التقييم والتقويم بزيارات ميدانية لمعرفة كفاءة المحاضر والأستاذ في الجامعات لان ما موجود هو كم وليس نوع!

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 10/كانون الثاني/2013 - 27/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م