القارة الإفريقية... حاضنة ثرية لتنظيم القاعدة

 

شبكة النبأ: لاتزال الجماعات المتمردة وعناصر تنظيم القاعدة في القارة الإفريقية تواصل عملياتها العسكرية في العديد من الدول الإفريقية، لأجل إضعاف النفوذ الحكومي وتحقيق مكاسب المهمة من خلال السيطرة على بعض المناطق والمدن المهمة وجعلها قواعد ومراكز محصنة لانطلاق هجماتها، تلك التحركات وبحسب بعض المراقبين أصبحت اليوم من أهم واعقد المشاكل التي يصعب معالجتها بسبب تزايد قوة الجماعات المتمردة التي أصبحت تمتلك أسلحة عسكرية متنوعة حصلت بعد التغيرات المهمة التي شهدتها المنطقة وهو ما ساعدها على مواصلة أعمالها الإجرامية ، وفي هذا الشأن حذرت منظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسف) من قيام المجموعات المسلحة في شمال مالي بتجنيد المئات من الاطفال داعية جميع الاطراف الى منع مشاركة هؤلاء الاطفال في المعارك. وقال متحدث باسم هذه المنظمة الاممية في جنيف ان "اليونيسف تلقت معلومات مؤكدة عن قيام المجموعات المسلحة في شمال مالي بتجنيد الاطفال بشكل متزايد واستخدامهم في اغراض عسكرية. وقد اعلنت مصادر موثوق بها ان عدد الاطفال المجندين يصل الى المئات وانه في تزايد مستمر". بحسب فرنس برس.

وذكر المتحدث بان اليونيسف سبق ان اعلنت ان المجموعات المسلحة في شمال مالي جندت مباشرة ما لا يقل عن 175 صبيا تتراوح اعمارهم بين الثانية عشرة والثامنة عشرة. واوضح ان "المجموعات المسلحة تستخدم هؤلاء الاطفال في القتال وفي حمل الامتعة والمعدات ومساعدة الطهاة وايصال الرسائل والحراسة" مشيرا الى ان "بعضهم ينضم طوعا الى هذه المجموعات بسبب الفقر المدقع الذي تعاني منه اسرهم". وتحتل مجموعة "انصار الدين" الاسلامية المسلحة المتحالفة مع القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، وحركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا شمال مالي كله، اي ثلثي اراضي البلاد، منذ اخر اذار/مارس الماضي.

هجمات جديدة

من جانب اخر سيطرت مجموعات متمردة على مدينة بريا (وسط) المعروفة بمناجمها ونهبتها، وباتت تهدد نظام فرنسوا بوزيزي فيما كانت البلاد تشهد هدنة نسبية منذ اتفاقات السلام الموقعة منذ 2007. وفي اعقاب هجمات على نديلي (شمال) ، هاجم متمردو تحالف سيليكا فجرا بريا واستولوا على هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها 30 الف نسمة في المنطقة الهامة المشهورة بالماس في وسط البلاد، وهي قاعدة للقوات المسلحة لوسط افريقيا.

وبحسب مكتب الدراسات ومراقبة الالماس والذهب فان افريقيا الوسطى تنتج بحوالى 65 مليون دولار من الماس سنويا، يأتي 10 الى 15% منها من منطقة بريا حيث ما زال الانتاج حرفيا. ويهدد تحالف سيليكا المؤلف من عدة فصائل، باطاحة حكومة الرئيس فرنسوا بوزيزي، مطالبا ب "احترام" مختلف اتفاقات السلام الموقعة بين 2007 و2011.

وتنص هذه الاتفاقات خصوصا على نزع السلاح واعادة ادماج المقاتلين، لكن احد عناصر التحالف قال اخيرا "انه لم يحصل شيء لاخراجهم من البؤس". وتقول القيادة العسكرية العليا ان المتمردين "يقومون بنهب المتاجر ويلحق بهم بعض السكان الذين يستفيدون من عمليات النهب" في بريا. وقد اجتاز تحالف سيليكا حوالى 300 كلم من نديلي الى الجنوب الشرقي للوصول الى بريا. واذا كان لا يزال بعيدا عن العاصمة بانغي التي تبعد اكثر من 400 كلم، فهو يهدد بتقويض استقرار البلاد، لاسيما وان ضعف القوات المسلحة في افريقيا الوسطى لا يحتاج الى دليل.

وتقول مصادر عسكرية متطابقة ان الجيش النظامي "قام بعملية انكفاء" وان "معظم عناصر القوات المسلحة لافريقيا الوسطى شوهدوا يفرون في اتجاه بمباري" (وسط جنوب) معقل الجيش الثلاثاء بعد الهجوم. وحصل هذا التقهقر بعد اسبوع على الهجمات على نديلي التي ادت ايضا الى انكفاء القوات المسلحة لافريقيا الوسطى مع 14 قتيلا وحوالى اربعين مفقودا لا يعرف هل هم اسرى او فارون او يحاولون الوصول الى احدى القواعد.

ومهمة ترسيخ السلام في افريقيا الوسطى المنبثقة من القوة المتعددة المتعددة الجنسية لافريقيا الوسطى، كانت تستخدم في بريا قاعدة تنازلت عنها للقوات المسلحة لافريقيا الوسطى في حزيران/يونيو وتموز/يوليو. وكانت القوات المسلحة لافريقيا الوسطى عاجزة عن الاحتفاظ بها. واعتبر دبلوماسي غربي اخيرا ان "بوزيزي لا يحكم الا بانغي والجنوب".

وقد انشىء تحالف سيليكا في آب/اغسطس من قبل جناح منشق عن جبهة "اتفاقية الوطنيين من اجل العدالة والسلام"، التي شنت عددا من الهجمات على شمال بانغي منذ ايلول/سبتمبر وعن جبهة "الاتفاقية الوطنية من اجل الانقاذ" بقيادة "الجنرال" دافاني محمد موسى. وانضم اليه الفصيل المنشق لاتحاد القوى الديموقراطية للتجمع الذي يقف وراء المعارك العنيفة التي وقعت في نديلي منذ 10 كانون الاول/ديسمبر.

ويقول الاستاذ الجامعي ايزيديرو مبامو "يجب ان نرى في هجمات المتمردين هذه الايام ميولا للثورة لدى قسم كبير من الناس، حتى لو ان ذلك لا يقال بالاجماع. انها في الواقع انتفاضة تتشكل تدريجيا ومن الصعب ان تتوقف". واعتبر مبامو ان "هذه الميول ترجمت افعالا من قبل القادرين: الذين يستخدمون الاسلحة بالتأكيد، بسبب العنف الذي تلجأ اليه الحكومة ضد المواطنين، والطبقة السياسية والمجتمع". بحسب فرنس برس.

وخلص الى القول "ثمة تخوف من العودة الى نقطة البداية، كما حصل في 2003 لأن الشبان العاطلين عن العمل والبائسين او المقاتلين السابقين الذين ينتظرون ادماجهم في الجيش، يمكن ان ينساقوا وينضموا الى هذه الانتفاضة المحتمل ان تكون قادرة على اسقاط النظام القائم".

ملاحقة المتشددين

الى جانب ذلك نشر الجيش الأوغندي صاحب المساهمة الأكبر في قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال قوة جوية لتعزيز القوات التي تأمل في استعادة مدينة من سيطرة المتشددين المرتبطين بالقاعدة. وتخلى المتمردون الذين أضعفتهم الانقسامات الداخلية والقيود المالية عن بعض الأراضي التي كانوا يسيطرون عليها في مقديشو وفي وسط وجنوب الصومال حيث يقاتلون ايضا القوات الإثيوبية وقوة كينية اندمدت الآن في بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال.

وتدعو خطة تدعمها الولايات المتحدة إلى تشكيل حكومة ذات شرعية مقبولة من العشائر المنقسمة في الصومال وبرلمان جديد وجمعية تأسيسية لتحل محل المؤسسات التي تعاني من الفساد والاقتتال. وقال اللفتنانت موزيس أومايو المتحدث باسم سلاح الجو الأوغندي إن القوة التي تتألف من طائرات هليكوبتر للنقل والقتال غادرت أوغندا إلى الصومال يوم الاثنين. وقال "الظروف تتغير باستمرار في الصومال ورأينا أن الوقت مناسب لنشر قوة جوية لدعم قواتنا البرية." وأضاف "أرسلنا طائرات هليكوبتر ستقدم غطاء جويا للقوات القتالية وترافق القوافل وتقوم بمهام إنقاذ وإنزال جوي للقوات." وقال أومايو إن طائرات الهليكوبتر لن تقوم بعمليات إلا في المناطق التي تنتشر فيها القوات بما في ذلك قوات بوروندي وجيبوتي.

من جهة اخرى عقد رؤساء دول منطقة البحيرات العظمى اجتماعا في كمبالا لتحديد معالم "قوة محايدة" تكلف "القضاء" على المجموعة المسلحة الناشطة في شرق الكونغو الديموقراطية ومراقبة حدودها مع رواندا. وكان "مبدأ" انشاء هذه القوة المحايدة اقر خلال قمة سابقة للمؤتمر الدولي لمنطقة البحيرات العظمى على هامش قمة رؤساء دول الاتحاد الافريقي في اديس ابابا. ويضم المؤتمر الدولي للبحيرات العظمى احدى عشرة دولة هي رواندا والكونغو الديموقراطية واوغندا وانغولا وبوروندي وافريقيا الوسطى والكونغو وكينيا والسودان وتنزانيا وزامبيا.

لكن الوضع في شرق الكونغو الديموقراطية ادى الى توتر العلاقات بين كيغالي وكينشاسا وكامبالا. وتتهم سلطات الكونغو الديموقراطية استنادا الى تقرير للامم المتحدة، رواندا بدعم متمردي حركة 23 مارس (ام23) المنبثقين عن حركة تمرد سابقة قبل ان يتم دمجهم بالجيش الكونغولي بعد اتفاق وقع مع كينشاسا في 23 آذار/مارس 2009. وعاد المتمردون الى القتال ضد القوات الحكومية في نيسان/ابريل الماضي.

وتنفي كيغالي ذلك وتتهم بدورها القوات الديموقراطية لتحرير رواندا، وهي حركة التمرد الهوتو الرواندية المعارضة لنظام بول كاغامي والناشطة في شرق الكونغو الديموقراطية. ومؤخرا، وجه الاتهام الى اوغندا ايضا بدعم المتمردين لكن من قبل منظمات غير حكومية كونغولية. ونفت كمبالا ذلك. وخلال قمة اديس ابابا التقى كاغامي وكابيلا للمرة الاولى منذ استئناف حركة "ام23" القتال واجريا محادثات على انفراد.

وقد اتفقا على مبدأ تشكيل "القوة المحايدة" الا انه ينبغي تحديد شكل هذه القوة. ولدى كينشاسا وكيغالي رؤيتان مختلفتان جدا للامر. وقالت الكونغو الديموقراطية انها تريد ان تساهم في القوة بعثة الامم المتحدة على اراضيها التي تضم 19 الف رجل وتنتشر في شرق البلاد. لكن كيغالي لم توفر اتهاماتها للقوة الدولية واتهمتها بالانحياز للسلطات الكونغولية.

واعترفت الامم المتحدة بان مروحيات البعثة تدخلت عدة مرات دعما للجيش الكونغولي ضد المتمردين. وفي قمة كمبالا، يفترض ان تقترح اشكال عدة من القوات كما كشفت وثائق اعدها وزراء خارجية دول البحيرات العظمى. وبين الاشكال المطروحة قوة اقليمية تضم جنودا من المنطقة وتمولها دولها. وقال الاتحاد الافريقي انه مستعد للمساهمة فيها، وقوة "دولية واقليمية تلحق ببعثة الامم المتحدة" يتم تعزيز تفويضها بينما تقتصر مهمة البعثة حاليا بحماية المدنيين.

واجبر استئناف المعارك في شرق الكونغو الديموقراطية في منطقة شمال كيفو المضطربة، 250 الف شخص على الفرار. وقد لجأ كثيرون منهم الى رواندا واوغندا.

انتهاكات وتحقيقات

في السياق ذاته قالت الامم المتحدة إن بعثتها في جمهورية الكونجو الديمقراطية أفادت بأن 126 امرأة تعرضن للاغتصاب في بلدة بشرق البلاد بعد ان فر اليها جنود كونجوليون مع تقدم المتمردين نحو مدينة جوما. وقاتلت قوات كونجولية يدعمها جنود من قوة الامم المتحدة لحفظ السلام متمردي جماعة إم23 -الذين يقول خبراء بالمنظمة الدولية ومسؤولون كونجوليون انهم يتلقون مساندة من رواندا- على مدى الاشهر الثمانية الماضية في شرق البلاد الغني بالمعادن.

وقال مارتن نسيركي المتحدث باسم الامم المتحدة ان بعثة المنظمة الدولية لحفظ السلام في الكونجو والمعروفة باسم (مونوسكو) تحقق في انتهاكات مزعومة لحقوق الانسان في مينوفا ومحيطها وقعت وإنها استجوبت أكثر من 200 شخص في المنطقة. وأبلغ نسيركي الصحفيين "وفقا للنتائج الاولية فان بعثة الامم المتحدة وثقت ما لا يقل عن 126 حالة إغتصاب." بحسب فرنس برس.

وقال نسيركي "القوات المسلحة الكونجولية بدأت التحقيق في تلك الانتهاكات لحقوق الانسان... إلي الان القي القبض على تسعة من افراد القوات المسلحة.. اثنان فيما يتصل بحالات الاغتصاب وسبعة فيما يتصل بأعمال نهب." وقال ايرفيه لادسو رئيس عمليات حفظ السلام بالامم المتحدة للصحفيين بعد ان أطلع مجلس الامن الدولي على الوضع في شرق الكونجو انه يبدو ان معظم حالات الاغتصاب ارتكبها جنود من الجيش الكونجولي

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 31/كانون الأول/2012 - 17/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م