نهاية العالم... أشائعة باتت من الماضي

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: يشكل تاريخ 21/12/2012 نهاية العالم المزعومة يوما مميزا للكثيرين حول العالم،   خصوصا بعدما روجت له الأوساط الإعلامية وحلقات النقاش بشكل كبير إلى درجة أن البعض قاموا بعمليات تخزين لسلع عديدة وتحضير الملاجئ بكافة المستلزمات استعدادا لاستقبال نهاية العالم، فقد رابط مئات الأشخاص في أماكن مختلفة حول العالم اعتقادا منهم بـ"نهاية العالم" الجمعة بناء على "نبوءات" بعضها مرتبط بثقافة شعوب المايا بحلول النهاية, دون أن تتحقق تلك النبوءات المزعومة، وكما يبدو بان  فكرة هذه الإشاعة التاريخية تشرح نفسها ببساطة من خلال

مصادرها التي تراوحت بالنسبية من العلم والأسطورة، واليوم المزعوم قد مر ولم يحصل اي شىء بالعالم ولم تتحق نبوءة شعب المايا، مما يوضح ان التوقعات بعالم الغيب خارج نطاق القدرة الإنسانية، فدحضت كل التوقعات والتساؤلات من لدن المعتقدين  بنهاية العالم في هذا التاريخ، فمازال عالمنا مستمرا منذ أكثر من أربعة مليارات سنة ولا يوجد تهديد حقيقي مرتبطا بالعام 2012.

دحض نبوءة نهاية العالم

فقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن حقيقة نبوءة شعب "المايا" حول انتهاء العالم بتاريخ 21 ديسمبر/ كانون الأول 2012 بسبب حادث كوني كبير "سيقلب الأرض رأسا على عقب،" بعد أن يرتطم جسم ضخم سمي كوكب "نيبيرو" بالكرة الأرضية منهيا كافة أشكال الحياة عليها، وجاء في دراسة نشرت على مجلة تايم الأمريكية، أن نحو 10 في المائة من سكان الولايات المتحدة الأمريكية يؤمنون بالفعل بهذه النبوءة، من جهتها قامت وكالة الفضاء الأمريكية بإصدار العديد من التحذيرات عدم صحة هذه النبوءة. بحسب السي ان ان.

وأكدت وكالة ناسا من أن عمليات المراقبة في كافة مواقعها المنتشرة وبالتعاون مع عدد من وكالات الفضاء ومراكز البحوث العالمية أكددت على عدم وجود أي كوكب بالقرب من الأرض أو حتى أجرام سماوية بعيدة من الممكن أنها تسير بسرعات عالية جدا بحيث ستصل الأرض وترتطم بها خلال الشهر الجاري، وبينت ناسا أن كوكب نيبيرو ذاع صيته في العام بداية الألفية الجارية، وأنه سيرتطم بالأرض مسببا إبادة كلية لكافة أشكال الحياة العام 2003 وهو الأمر الذي لم يحصل.

الاحتفالات بنهاية العالم

في سياق متصل نبوءة المايا المفترضة حول نهاية العالم التي دفعت ببعض السذج الى اقرب ملجأ منهم او الى بلدة متزهدة في البرازيل او جبل مقدس في فرنسا وملجأ محصن خاص في الولايات المتحدة، اما الذين لا تزال اقدامهم على الارض فسيحتفلون بنهاية العالم ربما في حانة في هونغ كما في سيدني.

وقد تسببت هذه النبوءة المتداولة على نطاق واسع بتحريك العجلة الاقتصادية في مناطق كثيرة في العالم، اذ يكثر الطلب على المخابئ الحصينة، والتموين الاحتياطي، وغرف الفنادق، وزيارة الاماكن "المقدسة"، كما باتت هناك قوائم طعام معدة خصيصا لنهاية العالم، اضافة الى الكثير من المقتنيات ذات الصلة.

في المكسيك، وسائر دول اميركا الوسطى التي كانت تشكل ارض حضارة المايا في ماضي الزمان، من بيليز وغواتيمالا الى هندوراس والسلفادور، تحولت نهاية العالم منذ اشهر الى مورد كبير لقطاع السياحة الذي انهكته الازمة الاقتصادية، وباتت المواقع الاثرية لحضارة المايا جاذبة للجمهور من السياح، اضافة الى المؤتمرات ومحاكاة الطقوس القديمة، وعروض الصوت والضوء. وفي هندوراس سيشارك الرئيس شخصيا في احتفال يقام لهذه المناسبة، ويتردد بين المؤمنين بنهاية العالم قريبا ان المواقع الاثرية للمايا ستكون بمنأى عن الاحداث الجسام التي سيشهدها بنو البشر، ربما بسبب "الطاقة الايجابية" فيها او "القوى الجوفية" تحتها، او لكونها اماكن للعبادة.

في بوليفيا، يقام احتفال ديني في جزيرة الشمس في بحيرة تيتيكاكا أعلى بحيرة في العالم، وهي مسقط رأس مؤسسي امبراطورية الانكا بحسب الاساطير القديمة.

وفي البرازيل، وتحديدا في موقع يبعد 250 كيلومترا عن العاصمة برازيليا، تتحضر قرية التو باريزو ذات "الطاقة الروحية" منذ سنوات لليوم الآخر، الامر الذي يجذب مئات المؤمنين والفضوليين، ولا تقتصر المخابئ من يوم القيامة على بلدان اميركا الوسطى، فجبل رتانج، على بعد 200 كيلومتر من بلغراد، اصبح هو الآخر مكانا آمنا بحسب "خبراء الطاقة"، وخصوصا بسبب شكله الهرمي.

وفي فرنسا، تتجه الانظار الى قمة جبل بوغاراش (جنوب غرب) الذي يقال ايضا انه سيكون ملجأ آمنا في نهاية العالم، وقد ارتفعت اسعار الغرفة الواحدة في بعض فنادقه الى 1500 يورو في الليلة المنتظرة، تدفع مسبقا بصرف النظر عما سيؤول اليه العالم. وقد اطلقت السلطات الفرنسية نداء لثني الجموع عن التوجه بكثافة الى هذا المكان، خوفا من وقوع حوادث امنية.

في غرب تركيا، تجذب قرية سيرينس ايضا الباحثين عن ملجأ يقيهم الظواهر الكونية المرعبة التي يرتقبونها بعد ايام قليلة، وهم يؤمنون ان هذه القرية ستكون آمنة لانها ستكون المكان الذي سترفع منه السيدة العذراء مريم الى السماء..وقد اكتظت اسرة فنادق قرية سيرينس البالغة 400 سرير عن آخرها، والى جانب "المناطق الآمنة"، باتت تنتشر في بلدان عدة "مخابئ آمنة"، كما في الولايات المتحدة حيث ينتظر المؤمنون بنهاية قريبة للعالم هذا اليوم في مخابئ محصنة مضادة للانفجارات النووية، او في كهوف جرى تحويلها الى ملاجئ.

وفي روسيا، يمكن الحصول على مخبأ آمن مقابل 30 الف روبل (حوالى 12 الف دولار) لكن الاماكن محدودة اذ لا تزيد عن 300 ملجأ انشئت في مخابئ عسكرية حصينة تعود الى الحقبة الستالينية، بعمق 65 مترا تحت سطح الارض.

وفي شرق فرنسا، فتحت قلعة شوننبور وكهوفه تحت الارض بصورة استثنائية. وهذا البناء هو جزء من خط ماجينو الدفاعي الذي عجز عن صد القوات النازية في الحرب العالمية الثانية.

اما في آسيا، فان نهاية العالم من اليابان الى الهند لا تبدو سوى مناسبة لتحريك العجلة الاقتصادية، فملهى "سكاي بار" في نيودلهي دعا زبائنه الى "رقصة قد تكون الأخيرة"، وفي هونغ كونغ تقدم المطاعم وجبات خاصة للمناسبة، وتعرض ايضا ان يكون الطعام مجانيا، في حال قامت الساعة!.

وفي استراليا انتشرت الدعوات للاحتفال ب"عيد نهاية العالم". ويبدو العراف الهندي راج كومار شارما واثقا من ان نهاية العالم ليست وشيكة، اذ انه ينتظر قبل ذلك حربا عالمية ثالثة بحلول العام 2052. بحسب فرانس برس.

الامور في الصين ذات النظام الشيوعي الحديدي لا تحتمل مزاحا، فقد القت السلطات القبض على 400 مسيحي في شمال غرب البلاد يؤمنون بامكانية حلول يوم الدينونة في الايام القليلة المقبلة، وبناء على مزيج بين نبوءة المايا ونبوءة اخرى مفترضة لنوستراداموس، بات الكوريون الجنوبيون ينتظرون يوم الحادي والعشرين من كانون الاول/ديسمبر ليتبينوا صحة القول ان مغني الراب ساي، صاحب المليار مشاهدة على يوتيوب، هو "رسول نهاية العالم".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 23/كانون الأول/2012 - 9/صفر/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م