تداعيات الربيع العربي وصعود القوى المتطرفة

علي الطالقاني

يوجد في العالم أكثر من 500 منظمة إرهابية تتوزع بشكل مخطط له وحسب الظروف التي تمر بها الدول المعنية، وتنفق هذه المنظمات من الأموال نحو 20 مليار دولار. وتعتمد في تمويلها على التجارة وغسيل الأموال وتجارة المخدرات ونشاطات أخرى.

أما مجموع الاعتداءات الإرهابية للعام 2011 كانت أكثر من 10000 توزعت في 70 بلداً، أما عدد ضحايا الإرهاب بلغ نحو 12500 شخص وجرح نحو 45000 شخص. وتوزعت جغرافياً في جنوب أسيا والشرق الأوسط وبلغ نسبتهما نحو 75 في المئة من مجموع الاعتداءات، وحوالي 5700 مايعادل 56 بالمئة من الاعتداءات كان وراءها سنة متشددون أما حالات القتل نسبتها 70 في المئة تقف وراءها المجموعة المتشددة. بحسب إحصاءات مركز مكافحة الارهاب القومي.

لا شك إن التنظيمات الإرهابية تحاول استغلال الفجوات التي تحدث أثناء المتغيرات السياسية والتي بدورها تحدث فراغاً أمنياً، وتعاني الكثير من البلدان سواء كانت أوربية أو إسلامية أو عربية من الأعمال الإرهابية، لكن بعض دول الشرق الأوسط وخلال فترة ثورات الربيع العربي تميزت بطغيان الأفعال الإرهابية جراء المتغيرات الجذرية في بنية الأنظمة السياسية، حيث وفر هذا التغيير مناخات ساعدت على إفاقة الخلايا النائمة وحرضت الأخرى التي تعمل على الأرض من أجل الحصول على مواقع لها وهي تعمل بطرق عنيفة أزهقت آلاف الأرواح وأعاقت عملية التقدم الديمقراطي والنمو، وفي ظل الفوضى السياسية العارمة التي تجتاح دول المنطقة والخلافات القائمة بين التيارات السياسية وانتشار السلاح وعدم ضبط المنافذ الحدودية وانهيار البنى التحتية، إضافة الى الظروف الإقليمية المتوترة ساهم كل ذلك في تنشيط وتأسيس مجاميع تؤمن بالعنف.

ان أحداث الربيع العربي خلقت مناخاً وأتاحت فرصة لتنظيم القاعدة ما يشكل خطراً إرهابياً على مختلف دول العالم. فان هناك أدلة كثيرة على وجود مجاميع تعبر الحدود بين البلدان وتقوم برحلات سعياً للتدريب والقيام بأعمال قتالية.

وتنتشر الحركات الجهادية في مختلف دول العالم ففي أوربا مثلا هناك جذور الارهاب الذي يرتبط ارتباطا وثيقاً بالخلايا النائمة ويتغلغل أفراد التنظيمات الإرهابية بين الجاليات وله طرق يمارس من خلالها الاحتيال المقنع والمخطط له، حيث يستهدف الإرهاب دول مختلفة مثل السويد وفنلندا والنرويج ومعظم دول أوربا ويرتبط النشاط الإرهابي مع التحولات السياسية التي تتمثل بصعود اليمين المتطرف الى البرلمانات ووصوله بقوة الى برلمانات هذه الدول ومشاركته في العملية السياسية بشكل فاعل.

أما في دول الشرق الأوسط توجد تنظيمات إرهابية تحت مسميات مختلفة كما في العراق وسوريا حيث يوجد تنظيم القاعدة وفرعه دولة العراق الإسلامية وفي ليبيا انصار الشريعة وفي اليمن انصار الدين وفي المناطق الحدودية بين ليبيا والجزائر ومالي جبهة النصرة ولواء الأمة وفي الصومال تحت اسم المجاهدون الشباب. وفي باكستان وأفغانستان تنظيم القاعدة وطالبان كما تعتقل هذه الدول أعدداً كبيرة من الجهاديين.

أما في أمريكا فهناك دوراً خفياً تخوضه وكالة المخابرات المركزية سي آي إي - التي تمتلك نحو 250 ألف موظف وجاسوس- وبعض الأحيان تعمل بشكل خفي لممارسة نشاط مشبوه يحقق غاياتها فعلى سبيل المثال مايجري في سوريا الآن حيث تقول تسريبات تم إرسال حوالي 1500 جهادي من أفغانستان تم تدريبهم من قبل سي آي إي للقتال إلى جانب المتمردين تحت إمرة القائد السابق لـ المجموعة المقاتلة الإسلامية الليبية عبد الحكيم بلحاج.

وأكدت تقارير مسبقة من منظمات دولية ان تنظيم القاعدة يعتبر الخطر الأكبر على المجتمع الدولي. وان فروع التنظيم تمارس اعمالها بنشاط في مختلف انحاء العالم.

يقول هارديب بوري رئيس لجنة مكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة، إن تهديد القاعدة حقاً خطير على الرغم من العمليات الناجحة لتصفية عدد من قادته، مؤكدا أنه يواصل نشاطه في أنحاء مختلفة من العالم.

وفي دراسة تحليلية صادرة عن بروكينغز تحت عنوان كسر الروابط بين القاعدة والمنظمات التابعة له، يرى الباحث دانيال بيمان. ان التدخل العسكري الأميركي في العالم الاسلامي زاد في تجمع القاعدة بالمنظمات التابعة له. واعتبر الباحث ان هناك فرصة لكسر الروابط المالية واللوجستية والفكرية بين القاعدة والمنظمات التابعة له مع ظاهرة ابتعاد مجموعات اسلامية مصرية وليبية وتونسية وفلسطينية عن نهج القاعدة نتيجة التطورات التي يشهدها العالم العربي.

ومع صعود بعض القوى السياسية في العالم العربي التي تؤمن بالعنف كوسيلة لتحقيق أهدافها والتي رفعت شعارات تنادي بالخلافة الاسلامية وشكلت نواة وشبكات متشعبة تستند في رؤاها على فكر التنظيمات السلفية الجهادية. انتهزت هذه القوى الفرصة لتقوية مواقعها عسكرياً وسياسياً، وهي تعمل الآن على تجنيد أعضاء جدد من دول الشرق الأوسط والدول الإسلامية وقد عملت على فتح معسكرات سرية للتدريب.

ويرى خبراء انه بالرغم من تراجع تنظيم القاعدة ودخوله مسارا من الصعب عكس اتجاهه لكن الشبكات الاقليمية التابعة لهذا التنظيم لا تزال تشكل خطرا ومن الضروري إيجاد تعاون عالمي للوقوف بوجه الإرهاب ومكافحته. وينبغي العمل على إصلاح المؤسسات الدولية الأمنية والعدلية والثقافية. وان تلافي خطر القاعدة يكمن في وجود حكومات ديموقراطية قادرة ومسؤولة.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 5/كانون الأول/2012 - 20/محرم الحرام/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م