الادارة والقيادة والمسؤولية الفتية... وطموحات الامم

علي اسماعيل الجاف

يقول جون وليم، عام 2010 عن الادارة الاتي: "هي التخطيط والتنظيم والمتابعة والتقييم والتقويم". وهذه الاسماء عبارة عن عجلات تسير بصورة متتابعة وبخطى بطيئة مستمرة ومتواصلة لكي يتم تحقيق الاهداف المرسومة وفق برامج علمية ومعيارية.

وتعني الادارة: "مجموعة الفعاليات والواجبات والمهام والمسؤوليات التي يتولى المدراء والقادة مسؤولية تنفيذها وانجازها من خلال وجود سياسات وخطط استراتيجية." كذلك، الادوار التي تناط بهم وفق الظروف والمتغيرات الآنية والطارئة.

نلاحظ وجود مدراء وقادة لا تدرك معنى ادارة الوقت الحديث التي تحدث عنها مارك جون، عام 2010 عندما قال: "من يجلس على مكتبه ساعتين فهو ليس قائدا ولا مديرا وانما رجلا" مكتبيا."

نحن، نأخذ المفائد والمفاهيم من الغرب، نحاول تطبيق التخطيط (وضع الافكار والآراء والرؤى وفق خطة يمكن تطبيقها)، ولا ندرك مدى امكانية التفاعل المجتمعي مع برامجنا.

فعندما تكون هناك حملة صحية او توعوية او وقائية نلاحظ المواطن لا يشارك بصورة فعلية في البرنامج ومنهم من لا يريد ان يقدم ابنه او بنته الى المثقف الصحي لغرض اخذ جرعة لقاح ما، وظهر لدينا ما يسمى "المتسربين" وغيرها من الاسماء، في حين نلاحظ المواطن في الغرب يكون متطوعا و "مساهما" من ذاته دون وجود رقابة او متابعة او اجبار يفرض عليه من الدولة.

فهنا حاجة واضحة الى تعزيز دور المواطن. وان الخطط التي نستنسخها او نستعيرها من الغرب اقترحها وشارك فيها ونفذها المجتمع قبل الدولة!

ولهذا نجدهم ينجحون في خطواتهم وخططهم وبرامجهم، وعلى العكس نحن لا نحقق ما نطمح اليه... فنجد الجانب التربوي فاعلا" وممنهجا" من حيث التنظير والتنوير، والبرامج التطويرية، المستنسخة من الغرب، تأخذ حيزا "كبيرا".

في حين نرى المسؤول او المدير او القائد ينشغل في معظم اوقاته في الجوانب العمرانية كبناء بناية او مكانا لإيواء التلاميذ او الطلبة في حين ان المهمة الاساسية هي التربية والتعليم وكيفية تطويرهم وتعليمهم لان التعليم يختلف عن التعلم، وقد افردنا فصلا "كاملا" في كتابنا استراتيجيات التعلم والتعليم، عام 2010. فمهمة البناء والتأهيل والتعمير اصحبت المهمة الاولى مما افقد من اهمية النتائج المتوخاة، فنلاحظ ضعفا "واضحا" في مادة اللغة الانجليزية... ولا تعالج هذه المشكلة ونجد التلميذ او الطالب في دول الجوار يتحدث ثلاث او اربع لغات!

يقول سميث عام 1995: "ليس المهم يغير المنهج او الموضوع ولكن المهم ان تكون هناك بيئة وادارة ورجلا "مؤهلا" يقود العملية التربوية والاكاديمية التي من خلالها يتم تحقيق الاهداف.

ويعني الهدف: تحقيق مشروع او برنامج ما وفق سقف زمني محدد، بينما الغاية: تحقيق شيئا "ما خلال فترة زمنية غير محددة".

فتحولنا من أكاديميون وتربويون الى رجال بناء واعمار وتخطيط، كم نحتاج لنتعلم تلك الاشياء الجديدة؟ وفق الخطة الخمسية التي تركها الغرب منذ زمن طويل. فعندما نسأل أنفسنا عن البنايات في بريطانيا وفرنسا وامريكا لا نجد تفسيرا لما يجري في بلادنا!

فهنا لا سبيل للقادة والمدراء والمسؤولين في متابعة تطوير مؤسساتهم الخدمية قبل الانتاجية لان مهمة البناء والتأهيل والتعمير أوكلت لهم، وتركوا ادوارهم الحقيقية والفعلي التي تنفع المواطن! فنرى التنظيم ضعيفا لان المهمة أكبر مما نتصور ونتوقع فيبقى المسؤول ضحية الزمن والانتظار ومساحي الاكتاف الذين يهمهم مصالحهم قبل الوطن.

الوطن: "هو المكان الذي نعيش فيه، هو البيت، الارض، التل، الجبل، الصحراء، هو الارض الطاهرة والتربة العطرة، هو الذكريات والاحزان، النشأة والصبا، هو الروح التكافلية الاجتماعية، هو النسق الثقافي الاصيل، هو الذي اعطانا ورعانا".

المواطنة كلمة تتسع للعديد من المفاهيم و التعريفات فالمواطنة في اللغة مأخوذة من الوطن وهو محل الإقامة والحماية، والمواطنة بصفتها مصطلحاً معاصراً تعريب للفظة (Citizenship) التي تعني كما تقول دائرة المعارف البريطانية: (علاقة بين فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة، وبما تتضمنه تلك العلاقة من واجبات وحقوق - متبادلة - في تلك الدولة).

المواطنة من مفهومها القومي لها قيمها مثل الولاء، حب الوطن، خدمة الوطن بإخلاص التعاون والمشاركة في الأمور العامة بين المواطنين، أما المواطنة بمفهومها العولمي فهي تتطلب السلام، والتسامح الإنساني و احترام ثقافات الآخرين و تقديرها و التعايش مع كل الناس، كذلك التعاون مع هيئات ونظم و جماعات و أفراد في كل مجال حيوي كالغذاء و الأمن و التعليم و العمل والصحة. وان مسئوليات المواطنة:

أولا: المسئوليات الإلزامية

وهي المسئوليات التي تفرضها الدولة على المواطنين وهي:

1. الضرائب.

2. الخدمة في القوات المسلحة و الجيش.

3. الالتزام بالقوانين التي تفرضها الدولة و يسنها ممثلو الشعب في البرلمان.

ثانيا: المسئوليات الطواعية

أما بالنسبة للمسئوليات التي يقوم بها المواطنون طواعية دون فرض التزامات عليهم بشأنها هي:

1. المشاركة في تحسين الحياة السياسية و المدنية.

2. النقد البناء للحياة السياسية.

3. العمل على تضيق الفجوة ما بين الواقع الذي نعيشه و الغايات و الآمال الديمقراطية التي نرجوها.

ثالثا: تفرض مجموعة من الالتزامات الأخرى من خلال القانون العام وهو القانون الذي يختص بتنظيم العلاقة ما بين الفرد و الدولة و تظهر الدولة فيه بمظهر السيادة:

1. الواجب الوطني في مكافحة الأمية.

2. واجب العمل.

3. واجب الدفاع عن الوطن و أراضيه.

4. واجب الحفاظ على الوحدة الوطنية.

5. صيانة أسرار الدولة.

6. الواجب الوطني في المساهمة في الحياة العامة.

وتوجد هناك امولا كثيرة وكبيرة لا تملكها دولا عظمى، يمكن النهوض بها في واقعنا... فنرى المدير او القائد او المسؤول يستعين بشخص ما داخل مؤسسته كما يستعين المنتخب بنفس النخبة عندما تكون لدينا تصفيات، ولا سبيل لإيجاد الطاقات الشابة التي تمثل ولادة الجيل الجديد. فيتم استبدال المدير او القائد او المسؤول، في الآونة الاخيرة، ويأتي الجديد ليلغي كل ما بناه السابق رغم كونه فتيا" بناء" على توصيات واراء فئوية وشخصية يقدمها المقربون لتحقيق منافع ومصالح شخصية وليس المصلحة العامة؛ ويكون المواطن الكريم ضحية في هذه المعادلة! فلا وجود للمتابعة لان من جاء بذلك الرجل لا يحاسبه فكيف ينجح في ايجاد مواطن الخلل والضعف لديه، فيستمر حتى انتهاء فترة توليه في المنصب ولا سبيل للمتابعة في هذا النهج.

فلا اريد ان اتكلم عن انواع الادارات والمتابعات: الدورية، العاجلة، المفاجئة، المدنية، نصف السنوية، والسنوية لان كل واحدة تم ايضاحها في كتابنا الذ تم تأليفه: "تحسين الاداء الوظيفي، عام 2008.

بقى لدينا عنصران مهمان: التقييم والتقويم الذين جاءا ليكونا بديلا عن تسمية التحقيق والتفتيش في دول الغرب، وظهرت تسمية "التعزيز الاداري"؛ "الاغناء المعرفي والفكري"؛ "التمكين النموذجي"؛ "القائد المثالي"؛ "المدير الناجح"؛ "التغذية الاسترجاعية"؛ "التيسير"؛ "الاعتمادية"؛ و"ادارة الجودة الشاملة".

وتشير هذه التسميات الى الجوانب العملية والتطبيقية التي استخدمت في الغرب منذ سبعينات القرن المنصرم. وهناك ضرورة الى فصل الجهات الرقابية والتقويمية بمؤسسات خاصة لتكون فعالة وناجحة وليس تطبيقا "صارما" على الفقراء!

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 15/تشرين الثاني/2012 - 30/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م