أجهزة كمبيوتر... عندما تعمل معها

 

شبكة النبأ: في حال توفرت لك 10 ثوانٍ من الوقت على الإنترنت، فإن لويس فون آهن يريدك أن تعمل لديه. لن يدفع لك أستاذ علوم الكمبيوتر في جامعة كارنيغي ميلون هذا البالغ من العمر 32 عامًا أي أجر مقابل عملك، إلا أنه سوف يوفر لك المتعة لعمل أشياء له. لقد بدأ هو نفسه باستخدام الكمبيوتر عندما كان طفلاً لأن ممارسة ألعاب الكمبيوتر وفرت له المتعة.

فقد ولد فون آهن في غواتيمالا لعائلة من الأطباء. كانت والدته تتكلم معه في معظم الأحيان باللغة الإنجليزية كي يتمكن من الدراسة في الولايات المتحدة. وقد فعل ذلك – درس الرياضيات أولاً في جامعة ديوك في ولاية نورث كارولينا، ثم درس الكمبيوتر في جامعة كارنيغي ميلون في بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا. وعندما كان في جامعة كارنيغي ميلون، طلبت شركة ياهو منه ومن مستشاره الأكاديمي مانويل بلوم، مساعدة الشركة في التغلب على الرسائل الإلكترونية الاقتحامية للشركة.

وتعني كلمة "سبام" (SPAM) الرسائل الدعائية الاقتحامية، أي إرسال رسائل بالبريد الإلكتروني تافهة، أو دعائية، أو تجارية، أو احتيالية، تُرسل آليًا من أجهزة كمبيوتر إلى عدد كبير من مستلمي رسائل الإنترنت دون موافقتهم. في العام 2000، طّور بلوم وفون آهن برنامج "كابتشا" (CAPTCHA)، الذي يتشكّل من سلسلة من الأحرف المشوهة قليلاً يمكن للناس قراءتها ولكن لا تستطيع قراءتها أجهزة الكمبيوتر. ومن خلال تزويد كلمة مرور خاصة لتمكين البشر من قراءتها، يعمل برنامج "كابتشا" (CAPTCHA) وهي الأحرف الأولى للكلمات في الجملة الإنجليزية التالية:

(mpletely Automatic Public Turing Test to Tell Computers and Humans Apart)

وتعني باللغة العربية (اختبار تيورينغ العام الآلي تمامًا للتمييز بين جهاز الكمبيوتر والإنسان) على منع البرامج الآلية من الدخول إلى مواقع الإنترنت. وحاليًا يستخدم هذا الحل، الذي انتشر عبر الإنترنت بكثافة، 60 ألف موقع إلكتروني.

وبعد أن أدرك أن باستطاعة الناس القيام بأشياء معينة مثل حل الألغاز التي لا تستطيع أجهزة الكمبيوتر حلها، ركز فون آهن على كيفية الاستفادة من القدرات العقلية البشرية لحل مسائل العمليات الحسابية. وطّور مفهوم "العمليات الحسابية البشرية، أو "الاستعانة بمصادر خارجية متعددة" كما يُطلق عليها البعض (crowdsourcing). لكنه قال لمجلة وايرد (wired) بأن الناس لن يساهموا بطاقتهم الذهنية إذا لم تتوفر لهم تجربة ممتعة تقتل أوقات فراغهم مقابل ذلك."

أطلق فون آهن في عام 2006، اللعبة إي أس بي (ESP)، التي يتم فيها عرض نفس الصورة على لاعبين اثنين ويطلب منهما كتابة بطاقات وصفية تعريفية. يكسب اللاعبان نقاط للبطاقات التي تكون متطابقة. انتشرت اللعبة كانتشار الفيروس، وشارك فيها ما يزيد عن 200 ألف لاعب، وساعدت في تحسين تكنولوجيا أبحاث الصورة. اشترت شركة غوغل لعبة إي أس بي (ESP) وبعض ابتكارات فون آهن الأخرى.

وإحدى الأشكال المتنوعة لأحرف اختبارات "كابتشا" CAPTCHAs. وهذه الكلمة تلفظ "ويكيبيديا".

في منتصف العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، أصبح فون آهن أحد أكثر علماء الكمبيوتر الشباب طلبًا للعمل في شركات الكمبيوتر. اتصل بيل غيتس به شخصيًا لتوظيفه للعمل في شركة مايكروسوفت، وقدمت له مؤسسة ماك آرثر منحة "عبقري" بقيمة 500 ألف دولار، وأخرى بقيمة 200 ألف دولار كأحد زملاء هيئة التدريس الجديدة لدى شركة مايكروسوفت.

قال فون آهن إن هذه الأموال علاوة على أرباح ابتكاراته منحته حرية اختيار النمط المفضل في حياته. واستطرد قائلاً، "كان باستطاعتي التقاعد. ولكني اخترت غير ذلك لأنني أحب التحديات الجديدة والتدريس." وهكذا قبل عرضًا من جامعة كارنيغي ميلون للتدريس فيها ولم يأسف على هذا القرار أبدًا. وصف فون آهن طلاب علوم الكمبيوتر في جامعة كارنيغي ميلون كطلاب متفوقين، مضيفًا، "يعجبني بالفعل أن أتفاعل معهم. إنهم يتسمون بذكاء بالغ وبفضول شديد."

ألعاب هادفة

برز تحد رئيسي عندما بدأ مرسلو الرسائل الدعائية الاقتحامية يتفوقون على فون آهن في لعبته بالذات. فقد استخدموا تكنولوجيا كابتشا لدحر دفاعات كابتشا. وفي كل مرة حاول أحدهم حل "لغز" كابتشا، كان يستغرقه ذلك عشر ثوان على الأقل. أجرى فون آهن عملية حسابية بأن حوالي 500 ألف ساعة في اليوم تُهدر على الانترنت على برنامج كابتشا. وقال للتلفزيون العام الأميركي "بدأت بالتفكير: هل هناك طريقة نستطيع من خلالها استخدام هذا الجهد الإنساني للقيام بشيء مفيد للإنسانية؟"

توصل فون آهن إلى حل أسماه اختبار "ري-كابتشا" (reCAPTCHA). لا يُحسّن اختبار "ري كابتشا" أمن الإنترنت فحسب، إنما يساعد أيضًا على التحويل الرقمي للكتب والصحف القديمة. فلا تستطيع أجهزة الكمبيوتر التي تتصفح مثل تلك الصفحات التعرف على العبارات المتلاشية. يرسل برنامج اختبار "ري-كابتشا" هذه الكلمات إلى شبكة الإنترنت عل شكل "كابتشات" (CAPTCHAs) كي يفك رموزها البشر. استنادًا إلى مجلة ديوك، وهي نشرة دورية جامعية، كان هناك في عام 2011 من 60 إلى 70 مليون شخص - وقد تكون أنت واحدًا منهم من دون معرفة ذلك – يستنسخون حوالي 100 مليون كلمة في اليوم. يستخدم مشروع "أرشيف الإنترنت" (مشروع لا يبغي الربح قائم في سان فرانسيسكو)، وغوغل بوكس، وصحيفة نيويورك تايمز خدمة اختبار "ري-كابتشا".

وأطلق فان آهن أيضًا عددًا أكبر من "الألعاب الهادفة". وقد برزت في ذهنه فكرة اللعبة الأحدث- "دوو لينغو" (Duolingo)- خلال زيارة إلى غواتيمالا عندما لاحظ مدى محدودية محتوى وخدمات الإنترنت المتوفرة للذين لا يتكلمون سوى اللغة الإسبانية. وتسمح لعبة ديولينغو للاعبين "بتعلم لغة مجانًا في الوقت نفسه الذي تساعد فيه أيضًا على ترجمة موقع انترنت إلى لغات أخرى غير الإنجليزية. وكشف فان آهن "إنها تنمو أكبر وأكبر كل أسبوع."

يحاول فان آهن زيارة غواتيمالا مرتين في السنة، ليس لرؤية عائلته وحسب بل أيضًا "للمساعدة في دعم الإطلاق الأولي للأبحاث والابتكارات التكنولوجية" في وطنه الأم. كما يقدم محاضرات وينخرط مع الناس في الجامعات ويشترك في فعاليات إطلاق شركات جديدة. اعتبر فون آهن أن أنشطة التكنولوجيا العالية هنا لا زالت ضعيفة، ولكنها تزداد قوة. "ففي غضون خمس إلى عشر سنوات، سوف ترون بعض هذه الأشياء [التكنولوجيا العالية] تخرج من غواتيمالا."

إن العمل لدى لويس فون آهن لمدة عشر ثوانٍ أو ما يقرب من ذلك سوف يوفر متعة كبيرة. تعلم أكثر حول آخر مشروع قام به عالم الكمبيوتر هذا: ترجمة الإنترنت إلى لغات أخرى غير الإنجليزي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 2/تشرين الأول/2012 - 15/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م