هروب السجناء انتكاسة عسكرية وسياسية

علي الطالقاني

أثارت عملية تهريب السجناء في العراق تساؤلات جدية بشأن اللوجستية المتعلقة بتدريب القوات الأمنية إضافة الى كونها تمثل ظاهرة خطيرة على الوضع الامني العام في العراق.

ولاشك ان عدم امتلاك آليات فعالة لمراقبة السجون والتوقيف، وعدم امتلاك معدات حديثة من التقاط صور للإرهابيين أو أخذ بصماتهم وعينات من الحمض النووي للفارين، يمثل تهديداً كبيراً لجهود مكافحة الارهاب، فان الأجهزة الأمنية لازالت تعمل بوسائل تحقيق وحفظ السجون بطريقة بدائية جدا.

وتعتبر عملية فرار السجناء مؤخرا من سجن تسفيرات تكريت الذي يضم 350 سجينا بينهم من صدر بحقهم قرار قضائي بالإعدام، من أكبر العمليات النوعية التي حققتها التنظيمات الارهابية في العراق، ولاشك أن هناك قوى سياسية وأمنية وقضائية ربما ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر بالحادثة من خلال عدم حسم القضايا العالقة بخصوص المعتقلين وتوضيح مصيرهم.

ويرى خبراء بشؤون الارهاب ان هناك فشل وعجز في الاستراتيجية العراقية بعدم تدريب وتمكين القوات الأمنية من السيطرة على الوضع الأمني، كما تعزز الدلائل على وجود حالات فساد مستشر في مفاصل الدولة.

إن هروب السجناء ربما يمثل انتكاسة عسكرية وسياسية وسط تداعيات وخلافات سياسية تضرب بالعملية السياسية. وجاء الهروب هذه المرة بطريقة جريئة وجسورة تدل على أن التنظيمات الارهابية لاتزال تراوغ ولا يمكن الاستهانة بها ربما بسبب تنامي الخلافات السياسية والتحديات الأمنية. ان عمليات هروب السجناء أمر كارثي مفاده أن الأجهزة الأمنية غير قادرة على حفظ الأمن.

ويرى مراقبون ان هناك قلق من سبب عملية الهروب تعزز مخاوف تقويض الجهود الأمنية وتظهر فشلاً ذريعاً وضعف الأجهزة الأمنية.

وقد حققت التنظيمات الارهابية أهداف عدة، منها ان التنظيمات الارهابية قادرة على اختراق السجون واخراج السجناء بطرق عسكرية، والأمر الثاني اثبات انه باستطاعتها اختراق بعض القوى الأمنية وتعزيز صفوف التنظيمات الارهابية بعناصر قوية. كما حصل في سجن تكريت رغم هناك معلومات مسبقة تشير الى احتمالية وقوع الحدث.

ويرى خبراء في مكافحة الارهاب ان عدم وجود بيانات ومعلومات متبادلة محلياً ودولياً يسبب فراغاً خطيراً بحيث لا يمكن لدولة ان تعتبر نفسها آمنة من خطر الإرهاب.

ومن الممكن تفسير ما حدث في سجن تكريت قد يكون أمرا مدبراً داخلياً حيث توجد مؤشرات على ان هناك تواطؤ من قبل حراس السجن. حيث كانت هناك تهديدات ومعلومات تشير الى وجود عناصر مسلحة ستهاجم السجن الذي فر منه أكثر من 100 سجين.

كما ان إطلاق سراح المتهمين تحت ذرائع مختلفة، يشكل خطورة كبيرة على الوضع الأمني في البلاد، حيث هناك من يفكر بطريقة انتقامية فضلا عن وجود قسم منهم يعود الى نشاطاته الارهابية بأدوار مختلفة.

يذكر أن حوادث اقتحام السجون ليست أمراً نادراً في العراق إذ تكررت وفر أعداد كبيرة آخر مرة كانت في ايلول الماضي حيث فر 35 سجينا متهمين بالإرهاب عبر أنبوب للصرف الصحي من سجن مؤقت في مدينة الموصل التي تعتبر من معاقل تنظيم القاعدة شمال العراق.

ما هو مطلوب يمكن تلخيصه بعد نقاط:

أولا. حسم جميع الملفات العالقة بالنزلاء المتهمين بالإرهاب.

ثانيا. أن يكون القضاء مستقلا ويأخذ دوره بشكل فاعل تجاه قضايا المعتقلين.

ثالثا. بناء سجون لا يمكن اختراقها.

رابعا. التعرف على طرق البحث والتحري ومهارات مراقبة السجون، والمسؤوليات الملقاة على عاتق قوى الأمن عبر طرق حديثة، كما أن طريقة التعامل مع النزلاء يجب أن تكون وفق آليات قانونية وإنسانية بنفس الوقت.

من هنا نستخلص ان التنظيمات الارهابية في العراق لها قاعدة دعم كبيرة في الداخل والخارج. وينبغي أن تكون هناك اجراءات أمنية شاملة ودقيقة تجاه ذلك.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 2/تشرين الأول/2012 - 15/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م