مفاخر آخر الزمان في قمة طهران!

خليل الفائزي

صرعنا الإعلام الرسمي منذ أسابيع بمشاركة او عدم مشاركة قادة ينتمون لمنظمة عدم الانحياز وهي المنظمة التي انتهى دورها عملياً وانتهت صلاحية بطاريتها بانتهاء ما كانت تسمى بالحرب الباردة جداً بين أمريكا والاتحاد السوفيتي.

 ولتسليط الضوء على أهمية او عدم أهمية دور معظم الحكام والرؤساء المشاركين في قمة طهران وهي القمة السادسة عشر لمنظمة عدم الانحياز اخترنا بعض الشخصيات التي ابهرنا بها الإعلام الرسمي وكأنها ملائكة نازلة من السماء ذاك الرئيس والحاكم كأنه ولي من أولياء الله الصالحين!.

 فمثلاً رئيس كوريا الشمالية الابن كيم جونغ اون الذي استلم الحكم بقوة السلاح والإرعاب والقمع من والده جونغ ايل صاحب القبضة الحديدية الذي حكم البلاد هو ووالده لمدة 63 عاماً في نظام مغلق بالكامل أطلق عليه زيفا الجمهورية الشعبية وهو النظام الذي أشبه بجمهوريات الموز وحكم الخازوق التي شهدناها في العقود الماضية أمثال جمهورية زين الدين بن علي وجمهورية الكتاب الخضر للقذافي وجمهورية الخلافة العسكرية لحسني مبارك والضباط الأحرار الذين استلموا النظام الجمهوري المزعوم منذ عقود وكرّسوا لتوريثه بقوة الأمن والسلاح لأولادهم وانجال أنجالهم.

 وعودة لكوريا الشمالية ورئيسها الثوري والشعبي، فنظامها حقاً جمهوري وشعبي يحتذى به وقدوة للجميع!... هذا النظام لا يعرف القمع والإرعاب ولا يحكمه العسكر المجرمون والتافهون وفي كوريا الشمالية تنشط فيه بكل حرية مئات من الأحزاب والمنظمات المعارضة اكثر عدداً من الرؤوس النووية التي لا تهدد السلام العالمي وحياة ملايين من البشر!.

 والشعب الكوري الشمالي لا يعرف مطلقا معنى الفقر والحرمان وهو يعيش خلافاً لقادة الجيش والأمن وقوى القمع والإرعاب في جنان عدن تجري من تحتها انهار العسل والخمر وتنتشر في ربوعه أنواع أشجار الفواكه والنعيم المطلق ولا يأكل هذا الشعب أوراق الشجر لسد جوعه ويرفض أكل البيتزا والماكدونالد والوجبات السريعة الغربية المحرمة.

 ويتنعم الشعب الكوري الشمالي بحريات شخصية واسعة النطاق ومعدومة تماماً في الغرب الوحشي ، فالصحف الرسمية والمعارضة بالآلاف والإعلام مناصفة بين الحكومة والمعارضة والانتخابات لا لعب في نتائجها ولا تزوير بها بتاتاً اذا فرضنا بالطبع وجود وإجراء انتخابات بالأساس!.

 أليس مثل هذا النظام قدوة للجميع ومفخرة لدول عدم الانحياز وانه يجب مد البساط الأحمر للرئيس الكوري الشمالي من بيونغ يانغ الى طهران بل وعلينا حمله بركوع على الأكتاف والترحيب به بكرة وعشية والصلاة والسلام عليه في الأرض والسماء!.

 مفخرة قمة طهران الثانية الرئيس المصري الجديد محمد مرسي الذي يمثل "الإخوان" اكثر مما يمثل الشعب المصري في قراراته ومواقفه الثورية!.

 الشعب المصري البطل وخلافاً لمواقف "الإخوان" المعادية لإسرائيل لم يهاجم مبنى السفارة الإسرائيلية في القاهرة ولم ينزل علمها من الطابق الحادي عشر، بل ان هذا الشعب العميل والخائن ظل يطالب بالإبقاء على علاقته مع إسرائيل الجارة الصديقة للعرب والمسلمين، بينما الرئيس مرسي انزل العلم الإسرائيلي فورا واغلق سفارة الكيان الصهيوني ومزق بغضب معاهدة الاستسلام "كامب ديفيد" مع العدو ورفض بيع الغاز المصري الطاهر لتل ابيب ونشر القوات المصرية في سيناء المحتلة أمريكيا ولم يستقبل لا هلاري كلينتون ولا وزير دفاع امريكا ليون بانيتا رافضاً معونات المليار دولار الأمريكية النجسة وقمحها الملوث ودقيقها العفن المعجون بدماء شعوب العالم، ولم يتفوه مرسي باي إساءة للمذاهب الإسلامية الثورية بل واصدر قراراً بتطبيع وتنشيط علاقات مصر مع الدول الإسلامية بدلاً من إسرائيل المجرمة وأمريكا القاتلة لإرادة الشعوب.

 أليس الأحرى بنا جميعاً التفاخر بمثل هكذا رئيس ونفرش له بساط الترحيب الأحمر من القاهرة لطهران؟، مع ان مرسي سيزور طهران من بوابة بكين!.

 مفاخر قمة عدم الانحياز الأخرى رؤساء جمهوريات الموز الزائفة والأنظمة التوريثية والدول التي هي حقاً غير منحازة لأمريكا ولا لروسيا ولا بريطانيا وليست فيها قواعد عسكرية أجنبية بالعشرات خاصة بالقرب من حقول النفط والغاز! ولا تتآمر على دول اخرى ولا تشارك في المخططات الصهيونية ولا تتعاون مع إسرائيل في إذلال الأمة الإسلامية والعربية ولا تقمع شعوبها بالحديد والنار ولا ترسل قواتها لقتل معترضين ومحتجين سلميين في بلدان مجاورة ولا تزور نتائج الانتخابات ولا تنتقص حقوق الانسان وتحترم جداً رأي أكثرية الجماهير وتسمح للمعارضة المشاركة في الحكم ولا تحتكر السلطة والإعلام ولا تنهب ثروات الشعوب ولا تختلس الاموال العامة والخاصة ولا تبطش بالمواطنين بقدرة القوات المسلحة التي أسست وجهزّت بأكثر الأسلحة قمعاً وقتلاً للمواطنين وليس الدفاع عن عزة وكرامة الأوطان.

 معظم حكام ورؤساء هذه الدول ليسوا عاراً على المجتمعات البشرية ولا تحقد عليهم الشعوب والملل بل انهم ذخراً وفخراً لنا على مدى العصور والأزمان وغير منحازين لا لإسرائيل ولا لروسيا ولا لأمريكا ولا أم أمريكا وأذنابها!.

* إعلامي وقانوني مقيم في السويد

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 25/آب/2012 - 6/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م