قرارات مرسي الثورية وأموال الخالة القطرية!

خليل الفائزي

يستغرب الكثير من المراقبين والسياسيين تغير موقف المجلس العسكري المصري وقبول رئيسه وسائر أعضائه الحاكمين بالقرارات الثورية المزعومة التي اتخذها الرئيس محمد مرسي الذي ودون سابق إنذار اصدر قرار عزل المشير طنطاوي عن قيادة القوات المسلحة وأوجد تغييرات جذرية في المجلس العسكري بالإضافة الى إعادة نشاط مجلس الشعب وإبطال القرارات السابقة التي أدت لحل هذا المجلس بسبب سيطرة (الإخوان) على رئاسته ومواقفه.

 فطاحل التحليلات والتفاسير وأصحاب النظريات الاستراتيجية الثاقبة للأرض وزحل والمريخ اجمعوا عبر الفضائيات التي تغدق عليهم الأموال والألقاب دون قيود: ان هذه القرارات ثورية ولا مثيل لها في التاريخ وتؤكد استقلال رئيس الجمهورية الجديد! وانها تثبت قدرة وصلابة الرئيس مرسي الذي اصبح اكثر ثورية وحزما بعد زيارة العمة هيلاري الأمريكية والخال حمد القطري للقاهرة!.

 سؤال: لقد اتخذ مرسي قبل عدة أسابيع مثل هذه القرارات لكنه ضرب على قفاه وبقوة بواسطة المجلس العسكري ولم يتمكن من لي ذراع طنطاوي حينها وظل مرسي يطيع قرارات المجس العسكري دون اعتراض فيما وقفت المحكمة الدستورية ضده وأصرت على حل وإغلاق مجلس الشعب الى اجل غير مسمى.

 يا ترى ماذا حدث ليتراجع المجلس العسكري المصري فورا عن قراراته ويسمح لمرسي اتخاذ القرارات على هواه وبكل حرية ودون قيود هذه المرة ؟!. يا ترى هل هي أحداث سيناء الدامية والمخزية التي أثبتت عجز القيادة العسكرية الحاكمة امام الإرهابيين المسلحين في سيناء ومخططات إسرائيل التي تدعمهم بالمال والسلاح وعدم تمكن القوات المسلحة لمصرية في سيناء من إطلاق ولا طلقة واحدة لردع الإرهابيين؟، ام ان قرارات مرسي الثورية والشجاعة جدا جاءت في الحقيقة بعد عدة ايام من زيارة الوزيرة كلينتون للقاهرة وتذكيرها لمرسي بأهمية المعونات الأمريكية للجيش والحكومة المصرية وبعد يوم واحد فقط من زيارة أمير دولة قطر للقاهرة واجتماعه مع مرسي وتأكيد الشيخ حمد ان قطر قررت منح الحكومة المصرية والمجلس العسكري معا مبلغ ملياري دولار (دفعة أولى على الحساب!)، حمل منها امير قطر في جيوب دشداشته الشرحة والمرحة 600 مليون دولار أودعها فوراً في حساب المصرف المركزي المصري.

دولة قطر التي اشترت صمت وموقف وسياسة معظم الدول والجماعات وحتى المنظمات التي تدعي المقاومة والثورية– مع الأسف – في الأعوام الماضية لا تزال تشتري مواقف وضمائر معظم حكام المنطقة وقادة الجيش فيما اشترت دولة الإمارات مواقف منافس مرسي للرئاسة احمد شفيق الذي استبدل طموحه برئاسة جمهورية مصر وابتلع لسانه الطويل ضد (الإخوان) واكتفى ان يكون مستشاراً لرئيس دولة الإمارات براتب شهري لم يكن يحققه في الأحلام بتاتاً!.

 من المؤسف إننا نعيش في عالم الانبطاح والطاعة لمن يدفع اكثر وحتى الذين ظلوا يتشدقون بالمواقف الثورية وانهم جاءوا من اجل الدفاع عن إرادة الجماهير وتحقيق حلم الوحدة والتكاتف بين الدول العربية والإسلامية اثبتوا جلياً للجميع انهم مجرد بيادق وعبيد ومتخاذلين أمام أصحاب المال والسلاح وتزوير الحقائق والتاريخ.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 16/آب/2012 - 27/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م