فضائيات المصارعة الحرة

والعودة الى مسرحيات عدنان القيسي

عبد الكريم ابراهيم

لم يستطع حسين ذو العشرة اعوام ان يتمالك نفسه وهو يرى مشاهد المصارعة الحرة في احدى الفضائيات، فأراد ان يطبق حركة معينة على اخيه الاصغر محمد صاحب التسعة اعوام، وكانت النتيجة ضربة فوق الحاجب ادخلت الاخير المشفى لتلقي العلاج اللازم مع عقوبة عائلية استحقها الاول قد تصل الى قطع المصروف اليومي عنه.

 هذه بعض حالات العنف التي ارتسمت في ذهنية اغلب الاطفال والمراهقين وهم يشاهدون نزالات المصارعة الحرة التي كثرت في الاونة الاخيرة عدد فضائياتها لدرجة التضخم واصبحت اسماء ( جون سينا، راندي اورتن، اندر تيركر وwwe) تتردد على السنة الاطفال في البيوت وعيونهم لا تضيع فرصة في ظل وجود الكهرباء بشطريها الوطني و(السحب).

لماذا تروج بعض الفضائيات للعنف؟ واين تكمن متعة المشاهدة؟ سؤال اجاب عنه الدكتور محمود عبد الرزاق استاذ العلوم التربوية والنفسية في الجامعة المستنصرية: تنعكس مظاهر العنف على المجتمع عبر عدة مصادر ترتسم في ذهنية المتلقي ولعل اخطرها الذي ينتقل عبر الصوت والصورة والحركة حيث يجد الباب مشرعا للدخول الى عقول الاطفال الذين يحاولون من خلال التقليد ان يجربوا حظهم منها لعدم ادركهم خطورة القيام بمثل هذه الافعال.

ويضيف عبد الرزاق " التقليد سمة بارزة في حياة المراهق والطفل وكل الاشياء تنطبع بسهولة في ذهنيهما لانهما يملكان عقلية خالية من الشوائب والمنغصات والمشكلات الحياتية. لماذا الترويج للعنف؟ ربما يكون للاغراض التجارية دور كبير في ظهور هذا النوع من الفضائيات اعتمادا على ما تبثه من اعلانات كما يقول الباحث الاجتماعي عبد الواحد عطا: فضائيات المصارعة الحرة تعتمد بالدرجة الاساس على الاعلانات التجارية التي تلائم المادة التي تطرحها خصوصا الادوية ومنشطات التقوية وبناء الاجسام التي تجذب فئات معينة من المجتمع ويؤثر فيها هذا النوع من البث الاعلامي ويصور ان مثل هذه المواد الكيمياوية قادرة على بناء جسم مفتول العضلات كما يظهر ابطال المصارعة.

عدنان القيسي يعود من جديد !اللافت للنظر ان حمى المصارعة الحرة غير مقيدة عادت من جديد بعد ظهور المصارع العراقي المعروف عدنان القيسي في بداية سبعينيات القرن الماضي كما يقول الباحث عبد الحليم العلي ويضيف " المصارعة الحرة التي تعتمد الركل والضرب من بدون قيود كانت قد حظيت بشعبية عالية في اوساط العراقيين في السبعينيات ويعد عدنان القيسي ظاهرة جذبت اليها الجميع واخذ الكبار والصغار يقلدونه حتى النساء حيث ظهر قماش يسمى باسمه الى اخره من الاثار الجانبية ".

هل المصارعة الحرة مسرحية ام مشاهد حقيقية؟ للمصارعة بنوعيها الرومانية والحرة قواعد وقوانين يجب الالتزام بها ولكن هذه القواعد تلغى في المصارعة غير المقيدة كما يقول الباحث سرحان الوالي ويضيف " هناك شبه اتفاق بين اغلب المصارعين على القيام بحركات بهلوانية مثيرة تستقطب الجماهير.

 السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لايشترك ابطال هذه اللعبة في المسابقات الاولمبية والحصول على الاوسمة لبلادهم " ويؤكد الوالي على وجود مسرحية رياضية " في بعض اجزاء من العالم توجد عملية صناعة النجوم ولا يقتصر على الوسط الفني بل يشمل الجانب الرياضي لاسيما في هذه اللعبة الخطرة لان الغرض من ورائها ليست رياضية بدرجة الاولى والغاية تجارية وجني الاموال وبشتى الطرق ولعل المراهنات تأتي في مقدمتها". ويشير الى وجود " الاتفاقات المسبقة في تحديد النتيجة ويمكن مشاهدة مسرحية رياضية على حلبة المصارعة بطريقة مكشوفة للجميع حيث يقوم اكثر من مصارع بلكم الخصم وقد يصل الى استخدام وسائل اخرى في هذه المعركة كالكراسي والعصي وغيرها من الادوات المحظورة في اغلب الانشطة الرياضة المتعارف عليها ".

 المشكلة ان هذا النوع من المصارعة لايقتصر على الرجال بل انتقلت عدواه الى الجنس اللطيف حيث مشاهد العنف من قبل المقاتلات وهن يشدن شعر بعضهن بعضا وهذا يخالف انوثة المرأة والرياضة النبيلة. الدكتورة لمى عقيل استاذة اللغة الانكليزية تعلق على هذا المشهد " لا اتصور ان نجعل من الرقة والشفافية للمرأة تتقاتل في الحلبة ليس الا من اجل ارضاء الجمهور وسماسرة اللعبة وتوجد الكثير من الرياضات الجميلة التي اثبت النساء فيها قدرة عالية وحققن انجازات عالمية كالعاب القوى والتنس والسباحة وحتى القتالية منها ولكن لا يصل الامر الى هذه الطريقة المقززة ".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 25/حزيران/2012 - 4/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م