الأزهر انقلاب على الذات أم وقوع في الأسر

رسول الحجامي

تنظر الشعوب الإسلامية الى الأزهر الشريف نظرة إجلال واحترام، لما يتمتع به من مكانة مميزة في قلوب المسلمين، ولدوره في إعداد أجيال وأجيال من علماء المسلمين منذ نشأته الفاطمية والى وقتنا الحاضر، هذا الدور المحوري في تمثيل الإسلام جعل الأزهر كمؤسسة وكخطاب إعلامي وشعبي يقدم صورة مسؤولة عن الإسلام.

الإسلام العالمي الإنساني الذي يتسامى فوقه العنصريات والطائفيات والأعراق والمذاهب بل وحتى اختلاف الأديان والملل والنحل، الإسلام الذي يحترم الآخر ويتقبله، الإسلام الذي يدعو الى التسامح والتعايش السلمي، دون تقزيم الآخر، ولا نبذ ولا إلغاء ولا إقصاء، الإسلام الذي يحترم عقائد الناس في حدود الوطن الواحد وتحت مظلة القانون، الإسلام الذي جعل دينه علما وقرانه درسا، وفتح آفاق المعرفة وبني آليات الاجتهاد، الإسلام الذي يحترم اختلافاته المذهبية ويتقبل اختلاف آراء فقهائه، بل ويعدها رحمة وعنصر إثراء وقوة لتقصي وجوه المعارف.

نعم هناك رجال دين متطرفون في المشرق والمغرب وهناك فتاوى تكفيرية بحق المسلمين تصدر من على منابر تفرقة المسلمين ودفع بعضهم لقتل بعض، وتغري بعضهم بانتهاك أعراض بعض مع وحدتهم بالرب والكتاب والقبلة...و...و...

نعم هناك دول وممالك أصبحت تصدر النفط أضعافا مضاعفة الى الغرب وتصدر فتاوى التكفير الى الشعوب الإسلامية و العربية بنفس زخم مؤشرات ارتفاع سعر برميل النفط.

نعم هناك دوائر ومؤسسات هدفها نشر الطائفية وبث روح التفرقة بين طوائف ومذاهب الشعوب الإسلامية لتحولها الى شراذم متناحرة ومتصارعة، هزيلة ضعيفة، تشوه صورة المسلمين وتمحو رسالة الإسلام.

ولكن الأزهر مؤسسة عريقة لا يمكن أن لا تكون له رؤية مستقبلية واعية، ولا يمكن أن ينقلب على رسالته الإسلامية والإنسانية.

لا يمكن للأزهر الشريف أن يتحول الى بوق للطائفية ولا منبر للتطرف، ولا ببغاء لترديد فتاوى القارونيين (نسبة الى قارون الذي من الله عليه بالمال فطغى) الذين يريدون أن يشركوا المسلمين بما تلطخت أيديهم من دماء وجريمة.

شيخ الأزهر المحترم خرج ليمنع إنشاء مسجد للشيعة!

هذا المنع سيرسل رسائل خطيرة الى جميع المذاهب والطوائف الإسلامية، هذه الرسالة سوف تكون الإجازة التي حلمت بها الكثير من الجماعات التكفيرية لتولغ في دماء المسلمين، هذه الرسالة التي أطلقت عشية ذهاب الإخوان المسلمين في مصر الى كرسي الرئاسة تنقل بيان تهديد مرعب للأقباط المصريين على وجه الخصوص وللأقليات الدينية في العالم الإسلامي بشكل عام، وكذلك تنقل رسالة لكل العلمانيين إن لا مكان لكم بيننا الآن. قد يقول البعض المنع لم يختص إلا بمساجد الشيعة ؟!

ونقول: إنها بداية ومسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة، مع ملاحظة إن الشيعة هم ثلث سكان العالم الإسلامي أو في اقل تقدير ربع مجموع المسلمين فكيف الحال بغيرهم ؟.

وسواء إن الأزهر بدا ينقلب على رسالته وتاريخه أو انه واقع تحت اسر تيارات متطرفة ومهدد من قبل جماعات التكفير فانه أرسل رسالة خاطئة وخطيرة في وقت تستباح شوارعنا ومدننا بجرائم التكفيريين ويذبح مستقبلنا وثوراتنا وإسلامنا بمقصلة التطرف.

[email protected]

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 29/آيار/2012 - 7/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م