حديث الحديث

ياسر الحراق الحسني

من المسائل التي تؤرق الباحث في التاريخ الإسلامي وخاصةً في مجال دراسة السنة النبوية الشريفة وجود القناطير المقنطرة من المواد المعيقة لتحصيل الحقائق. مواد في هيئة قواعد صلبة غير قابلة للتعدين لا يمكن معها تطبيق المنهج العلمي والتحرك بكل حرية في فضاءات البحث.

ويزيد الأمر تعقيداً وجود تناقضات ومعايير مزدوجة وحواجز من العرف المقدس والخطوط الحمراء التي تشبه الخط الوهمي في خارطة المغرب الكبير. لا وجود لها من الناحية الواقعية ولكنها تخرط التاريخ والجغرافيا في الخيال وفي الصور.

والفرق هو أن الخطوط الوهمية على خارطة المغرب فيها لعب بوحدة وسلامة التراب الوطني بينما الخطوط الحمراء الوهمية في التاريخ الإسلامي فيها لعب بوحدة وسلامة عقل الانسان المسلم. إن تاريخ الأبواب المؤصدة على أخبار وآثار وعقائد في سنن نقلها الخطاؤون لهو السبب في التعصب الذي به يكوي المتدينون بعضهم البعض، ويحمي أعمدتهم المختصون في تسيير الشعوب المتعصبة من قوى العالم المعاصر.

 من هذا المنطلق، كان من المهم تسليط الضوء على صنعة تشجير الحديث البالية التي ما اثمرت ثمراً إلا وكان هناك كلام عن أرض مغتصبة استغلت للغرس أو ماء ملوث إستعمل في السقي ما أعطى نتاجاً كثر فيه الفاسد حتى صار لا يعلم الصالح علم اليقين ببساطة ما انتهجه المحدثون. فتجلت تداعيات هذا الأمر في تاريخ يمتد من الخلافة إلى الإستعمار إلى الخلافة المحمية التي جمعت في الاستخلاف بين الإلاهي والإستعماري، مع الإشارة إلى الإستثناء الذي تتميز به المجلات السيادية التي لم يفرزها تحالف العشيرة والفقيه.

هذه ليست دعوة لإهمال الأحاديث كما يفعل القرآنيون، ولكنها عرض للإشكال وطرح لحل معقول نضمن به قراءة جديدة أقرب إلى تحصيل الحقائق من القراءة القديمة المفتقرة إلى المصداقية. ولا نقصد من هذا دعوة للتفريط في قواعد الحديث ولكن نقصد الإشارة إلى ضرورة تجنب مكامن الضعف فيها وملئها بالإعتماد على مناهج البحث التاريخي والإستفادة كذلك من علوم وتقنيات أخرى.

الإشكال على حجية السند الصحيح

يعم الإعتقاد عند المسلمين وخاصة الطائفة السنية بأن الحديث الذي يكون سنده متصلاً ويكون مروياً عن المضبوطين من الثقاة والعدول الورعين هو حديث يطمأن إلى صدوره عن الرسول ص. ولعل إختيار البخاري مثلاً -على إحصاء الأستاذ محمد عبد الباقي- لحوالي 7500 حديث من بين ما يفوق مائة ألف حديث كانت تحت يديه دليل على أن الكم الهائل مما كان يروى في عهده كان إما منقطع السند إلى صحابي مشهور أوفي سنده من لم تثبت وثاقتهم عنده. وإتصال السند إلى صحابي مشهور أهم ما يميز ما يعرف ب: “شرط البخاري” و” شرط مسلم ” إجمالاً (بغض النظر عن عدم قول البخاري ومسلم بهذا الشرط كما ذهب إليه السخاوي في “فتح المغيث”). ولا يلتفت إلى قضية وثاقة كل حلقات السلسلة بسبب وجود الطعون في بعضها سواء عند البخاري أو مسلم.

 وهذا شيء ذكره إبن حجر في هدي الساري محاولاً القول بأن الطعون لا تخدش في الوثاقة. وقضية شرعية الطعن في رجال ” السلسلات الصحيحة” هي من الأشياء التي نبه إليها باحثون معاصرون مثل الدكتور عدنان إبراهيم الذي أورد أمثلةً لمثل هذه الطعون في خطبة آخر جمعة من أبريل المنصرم. فجاء بنموذج شيخ البخاري عثمان بن أبي شيبة الذي قيل إنه جاوز القنطرة في حين كان مشهور عنه العبث بالقرآن حيث كان – كما وثق لدى الدراقطي- يقرأ مثلاً “ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل” على نحو” ألف لام ميم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل”. وكان يقرأ كذلك “ضرب بينهم بسور له باب” على نحو “ضرب بينهم بسنور له ناب”. ومثل هذا الكلام المخجل الذي لا تسمعه في المجتمعات المسلمة إلا من ذوي السمعة السيئة والجهلة كان من لوازم شيخ البخاري “الثقة” الذي كانت عنده دعابة كما وصفه الذهبي، في وصف رحيم متمسلف لمن ثبت بحقه الإستهزاء بالقرآن. ولعل قراءة ” تركوك” على نحو “ترى كوكا ” هي من نتائج هذا الإنحراف الذي سنة شيخ البخاري المذكور.

فإذا كانت الطعون لا تخدش في وثاقة السند المتصل إلى صحابي مشهور عند البخاري مثلاً أو مسلم، ما أدى إلى ظهور ما يسمى بأصح الكتب بعد القرآن مع كل ما ذكر، فإنه من المعقول جداً القول بمركزية ومحورية السند عند غالبية المسلمين العددية المتمثلة في الطائفة السنية. يستشف مما ذكرنا أن الرجال الذين نقلوا الأحاديث “الصحاح” فيهم من لا يعقل الأخذ عنه، وأخذ أعلام الذين دونوا الصحاح عن مثل هؤلاء يسقط نظرية صحة احاديثهم بل ونظرية عدالتهم لتصبح مسألة السند في حاجة إلى قرائن أخرى بالضرورة من أجل إحراز توثيق يطمأن له.

إن القول بعدم إمكان سلامة المسندين من الطعونات ليس هو أوحد ما ينسف ما يتغنى به أهل الغلو في حجية السند. فيكفي وجود نماذج من الأحاديث “الصحيحة” عند عامة المسلمين والتي يمكن ضرب سندها بمتنها ليسقط الحديث كلياً. نختار في هذا الصدد نموذجاً لحديث عارض مضمونه رسم القرآن المتداول. الحديث موجود في “صحيح” مسلم وبسببه لا زال الخطباء ويتبعهم العامة من شدة تعصبهم للسند يقرأون القرآن على غير ما طبع به وعلى خلاف ما تدوول من نسخ. الحديث مروي عن أنس أنه قال فيه :” صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وخلف أبي بكر وعمر كلهم يفتتح الصلاة بـ{ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، ولا يذكرون { بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ}. وهذا مشهور لا يحتاج إلى إثبات، إذ يكفيك الذهاب إلى أي مسجد سني في السعودية أو الإستماع إلى أي خطبة جمعة لعامة المسلمين على الإنترنيت لترى الدليل على محورية ومركزية السند حتى في مقابل القرآن المطبوع.

 وهذه إحدى الحماقات الشائعة حيث انك إذا سألتهم عن رسم القرآن المتداول يقولون أنه صحيح، لكن لما يقرأون فاتحته، يحذفون البسملة إلتزاماً بالحديث الصحيح السند المذكور، ويضيفون عبارة “آمين” إلتزاماً بحديث صحيح آخر في البخاري.

فالقول بكفاية جوهر صحة الروايات كما أشرنا – أي السند- قول باطل لا أساس له من الصحة. ولعل إعتماد الطائفة الشيعية الإمامية على أئمة أهل البيت بإعتبارهم معصومين عالمين غير معلمين ورثوا العلم (بما فيه الحديث النبوي) خلفاً عن سلف لمدة تفوق 200 عام جعلهم في غنًى عن أحاديث مسندة إلى النبي ص عن طريق غيرهم. فإذا كان البخاري ولد سنة 194 للهجرة ليجمع بعد عناء طويل ما سماه ب “الصحيح” من الأحاديث مع كل ما يمنع تحقق ذلك من فوارق زمنية وتعقيدات مثل الظروف السياسية ومشاكل تقنية مثل التصحيف ومشاكل الخط والتزوير وما أشبه ذلك مما لا ترى له إعتباراً عند معظم الباحثين، فإن الشيعة الإمامية ولد امامهم الحادي عشر سنة 232 هجرية، وكان كلامه بحكم مكانته في العقيدة بمثابة كلام علي بن أبي طالب ع.

فإذا قلنا بحصول الإطمئنان لإمكانية نجاح البخاري في جمع الأخبار عن الصحابة بعد مائتي سنة من الهجرة ويوجد فيما ذكر أخباراً صحيحة، فإن القول بإمكان جمع الكليني للأخبار الصادرة عن أهل البيت بعد مائة سنة يولد إطمئناناً أكبر. خاصةً إذا علمنا أن السلطة الثابت انحرافها وظلمها لم تمانع من تداول أخبار الأول في الغالب، في حين أن الثاني كان محل قمع ومحاربة ما يزيد من مصداقيته. فالذي يتناقل الحديث وهو محارب انما ينقله بدافع إيماني مقارنةً مع الذي تشجع السلطة نقله للحديث ويكون عرضةً للإغراء. وهذا ما يجعل المتواتر من دون سند عند الشيعة الإمامية أكثر مصداقية مما دون في الصحاح عند السنة، خاصةً أنهم -أي الشيعة- لم يقيدوا المتواتر بشروط تعجيزية تلزمه خطاً معيناً كما سيتبين في العنوان القادم.

الإشكال على تقييد المتواتر بالسند

لقد أفرد الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير في تعليقه على مقدمة التفسير للسيوطي شرحاً وافياً للتواتر عند عامة المسلمين. ويمكن تلخيص تعريف الخبر المتواتر وشروطه بكونه خبر حسي غير مظنون يتناقله من يحصل العلم بصدقهم عن مثلهم بطريقة يمتنع فيها اجتماعهم أو تواطؤهم على الكذب. وأشار الدكتور إلى قوال البعض أن التواتر دخيل على علوم النقل من جهة أصحاب الأصول الذين تأثروا بعلم الكلام، كما أنكر وجوده إبن حبان والحازمي. ولعله من خلال هذه المقدمة يمكن استشعار نوع من مقاومة طريقة من طرق التوثيق للخبر بما يغني عن الإرتباط بالسلف. وهذا ما يفسره أنكار بعض من ذكرنا لأصل وجود التواتر، بل وحتى الذين قالوا به، وضعوا له قيوداً تجعله رهين تقريرات السلف عن طريق طرح مسألتين. المسألة الأولى هي السند، وهذا واضح من القول في التعريف بالعنعنة في النقل ( يتناقله ….عن مثلهم). المسألة الثانية هي صدق الناقل عن طريق القول بضرورة العلم بصدقه (يتناقله من يحصل العلم بصدقهم). فهذه هي القيود التي قيدوا بها التواتر التي نرى أنه بها تم إفراغه من محتواه.

من الناحية العلمية لا تجد ضرورة لمثل هذه القيود لتوثيق الخبر عن طريق التواتر. وكمثال مبسط، إذا قال لي شخص إسباني التقيته في إسبانيا كان قد زار السعودية في موسم الحج الماضي مثلاً أنه رأى شرطياً يأكل رمضان في الكعبة، فمن الممكن أن لا أصدقه. لكن إذا قال لي شخص في أندونيسيا بعد ذلك نفس الكلام عن نفس الحدث والمكان ممن كان في الحاج كذلك، فإنه مع العلم بإستحالة علم المخبرين ببعضهما البعض، يكون خبرهما ثابتاً. ولا حاجة لا لعنعنة منهما ولا لعدالتهما أو حتى إسلامهما. فلو افترضنا أن حدوث الإطلاع على خبرهما سيكون بعد ثلاثة أجيال أو أكثر بما يجعله خبراً معلوماً في كل الأنحاء، فمع هذا يظل الخبر ثابتاً بثبوت التواتر في المنشأ. أما الذهاب إلى أكثر من هذا من أجل التوثيق فهو ليس سوى ضرباً لأخماس بأسداس. وقد وصف الشيخ المامقاني -شيعي- في مقباس الهداية هذا المعنى للتواتر على أنه أجود أنواعه مع الإشارة إلى أهمية تحقق الكثرة في مصادر الخبر.

بين توثيق الحديث وتوثيق النسب

إذا ما نظرنا إلى طريقة تعامل الكثير من علماء المسلمين سنة وشيعة -والأكثر في ألأولى- مع قضية توثيق الخبر سواء كان خبراً دينياً أو نسبياً أو حدثياً، فإننا نجدهم ينتهجون الازدواجية في المعايير. وهذا ما تعبر عنه تناقضاتهم التي لا يمررها سوى الجاهل أو المتعصب. هذه بعض النماذج من كلتي الفرقتين:

1. في الجانب السني

يأخذ علماء أهل السنة توثيق الأنساب من علماء النسب وليس من علماء الحديث. وقد أسس الذهبي وغيره سابقةً في ذلك لقوله المشهور عن النسابة المورخ ابن السائب الكلبي :” العلامة الإخباري أبو النضر محمد بن السائب بن المفسر وكان أيضا رأسا في الأنساب إلا أنه شيعي متروك الحديث يروي عنه ولده هشام وطائفة ” (راجع سير إعلام النبلاء الجزء السادس ص 248). التناقض الذي نريد الإشارة إليه هو أن علماء السنة لم يلتزموا بهذه القاعدة ويستعملونها بطريقة انتقائية تكشف محاولاتهم التستر على معايب تصوراتهم. الدارس لهذا الأمر يتساءل لماذا لما يكون الحديث عن ولادة محمد بن الحسن العسكري لا يحكمون علم النسب ويصرون على تحكيم قواعد “علم الحديث “؟ ألم يتواتر لدى مختلف النسابين ومنهم من هم معاصرون مثل الطاهر اللهيوي المغربي في كتاب الحصن المتين أن الإمام العسكري خلف ولداً اسمه محمد؟..وإذا كان ما قاله الذهبي ومثله ينطبق على الأنساب والتواريخ، فإنه إضافةً إلى أخذ علماء السنة عن النسابين ما يحلو لهم بطريقة غير علمية تخدم مصالحهم ودعوتهم فقد فعلوا نفس الشيء فيما يخص التواريخ. يأخذون عن الكلبي مناقب من أحوال من يريدون دعم صورتهم في حين يرفضون أخذ ما نقله الكلبي فيهم من مثالب ومطاعن. فهذا نموذج على ازدواجية المعايير في الاستفادة من علم التاريخ والنسب. فيما يمكن ربطه بتوثيق الأخبار.

2. في الجانب الشيعي

إلى جانب التأثير السني الذي عرفته المدرسة الشيعية متمثلا في اجتهادات بعض علماءها على مستوى الفكر السياسي،فإنه ثمة تأثير على مستوى علم الحديث. وإذا كان الحديث على مدرسة محسن الأمين كمثال لن ينال عدلاً من خلال هذه الورقة، فإننا لتقريب الصورة سنوظف أنموذج من الخط الأميني الحديث (المعاصر) لتبيان كون تأثره (أي هذا الخط) بالمدرسة السنية في التعصب للسند، جعله يرث تناقضاتها ويتورط في ازدواجية المعايير على شاكلتها في قضية توثيقه للأخبار. فمثلاً، من الأمور التي شاعت في الوسط الشيعي وغيره وأصبحت معلومة عامة قيام بعض علماء الشيعة مثل محمد حسين فضل الله بإسقاط عدد من الروايات من الاعتبار. ومن أبرز وأهم هذه الروايات رواية كسر ضلع الزهراء ع وحديث “من مات ولم يعرف إمام زمانه”. وقد نشر المحقق جعفر مرتضى العاملي على موقع الميزان شريطاً تم تداوله فيه تصريح بكون الأساس الذي بنى محمد حسين فضل الله عليه في قضية إسقاط هذه الأخبار من الاعتبار هو السند. وهناك نظير لهذا في إسقاط بعض أخبار الزيارات مثل زيارة الناحية بسبب السند أيضاً. لا أحد ممن ابطل الأخبار المذكورة إلتزم بحجية السند وتخلى عن العمامة السوداء بحكم عدم توفر الذي عنده شجرة نسب إلى علي ع على السند -بمعناه الحديثي وبشروطه-. هذا ناهيك عمن لا شجرة لهم من الأعلام الذين تعصبوا للسند وغاب عنهم أنهم بذلك يبطلون أنسابهم. ثم هب قال احدهم من أصحاب مشجرات النسب بقوتها على أساس التواتر. فهذا القول يلزمه بقبول الروايات التي بلغت في ذلك حد الاستفاضة. كما إنه لا يقاس ما تواتر عند العلماء بما تواتر عند العامة ووثقه النسابون. وهناك كثير من المجاهيل والذين ابطل أهل الخبرة أنسابهم تجد لهم شهادة عند علماء بالسيادة ما ينذر بضرورة ملحة لمراجعة تعاطي العلماء مع هذا الملف. فعموماً، تبقى هذه الإزدواجية في المعايير عند العلماء من المشاكل التي تعرقل النهج الصريح في البحث عن الخبر الصحيح.

لماذا المنهج التاريخي بمرجعية العترة ؟

منهج البحث التاريخي منهج ينطبق على جميع الميادين الدراسية بسبب معالجته لأصل هذه الميادين وتطورها ونظرياتها وشخصياتها وأزماتها ومتغيراتها كما ونوعاً. وهذا ما يجعله منهجاً يحتاج إليه في دراسة الحديث. ولكي يفتح المجال لإعادة النظر إلى الخبر النبوي وتمييز الموثق من غير الموثق فيه، لا بد أولاً من الإعتراف بوجود مشكل تاريخي في التعاطي مع الحديث وهوما حددنا بعض نماذجه مع إمكان تحديد المزيد. وكذلك القيام بجمع كل ما يمكن جمعه من كتب وآثار ودراسات للعادات المجتمعية وغيرها. كما يجب تكوين نظرية أو نظريات تربط بين كل العوامل التاريخية التي من شأنها التأثير على الخبر ونقله. ويجب الإهتمام بالشواهد والأدلة ودراسة شرعيتها وصولاً إلى الإستنتاجات وتوثيقها. وبما أن الإنخراط في هذا البحث هومن منطلق إسلامي جوهره القرآن، وإذا كان القرآن يحتاج إلى العترة من أهل البيت كما عليه الاجماع. كان لا بد من الإلتزام في مجرى البحث بسمو القرآن والعترة والتركيز لأجل إستخلاص ما صدر حقاً عن هذه العترة، أو ما صدر عن غيرها فيما لا يتعارض معها.

في الختام

يمكن القول بعد كل ما تقدم أن علم الحديث كما هو الآن يعرف أزمة أكثر من أي وقت مضى. أزمة تتجلى في عجزه عن جذب المهتمين نحو دراسة الخبر النبوي بسبب إختلاط المليء بالرديء فيه واحتوائه على ما لا تقبله العقول مما يبدأ بتجسيم الخالق ولا ينتهي عند الإنتقاص من رسله. حديث أختلط فيه الرحماني بالسلطاني قديماً، وحديثاً اختلطت فيه المفاهيم السياسية بالمسائل الإيمانية. هذا لا ينفي أبداً من وجود علماء تلمس في احكامهم على الأخبار التسلط على علوم التاريخ والإجتماع والإنسان. لكن مع قلتهم تظل الحاجة إلى إعادة تقييم النظرة إلى الحديث ملحة والتركيز على المنهج العلمي لإعادة دراسة التاريخ مسألة لا يستغنى عنها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 13/آيار/2012 - 21/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م