رقم (7)

بين التسمية والمثل والمفهوم الديني والموروث الاجتماعي

عبد الكريم ابراهيم

يعد رقم (7) من الارقام التي حظيت بعناية شعوب العالم المختلفة، ويرجع ذلك الى قداسة هذا الرقم عند البعض الامر الذي جعله يشكل رمزا عند كثير من المجتمعات الانسانية، وانعكس هذا الامر على حياتهم اليومية لدرجة ان اغلب التسميات والامثال والعادات والتقاليد استمدت اسمها من رقم (7) واصبح مصدرا وملهما لها.

لم كل هذا الجدل حول رقم (7) دون غيره من الارقام، سؤال اجاب عنه الباحث في التراث حمدان الكناني قائلا: في الحضارات القديمة كالسومرية والبابلية والفرعونية وبعض حضارات آسيا وامريكا الجنوبية، نجد هذه الشعوب تولي اهتماما كبيرا للارقام ولكن هناك عناية خاصة للرقم سبعة دون غيره ولعل ذلك راجع لقداسته كما عند العراقيين القدماء الذين يعتقدون ان مصادر الحياة جاءت من سبعة اشياء والالهة عندهم تحمل هذا العدد. اما المصريون فكانوا ينقسمون الى سبعة فرق وجعلوا لنهر النيل سبع مصبات وبنيت الاهرام من سبع غرف، ثم انتقلت هذه الاهمية والقداسة الى الديانات السماوية كاليهودية والمسيحية حيث تشير تلك الديانتان ان الله خلق العالم في سبعة ايام وبُني هيكل سليمان في سبع سنوات..الخ. ويضيف الكناني: عندما جاء الاسلام اكد بعض النظريات حول اهمية رقم (7) حيث ذكر في الكثير من الآيات القرانية والاحاديث الشريفة كما في قوله تعالى (مثل الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله كمثل حبة انبت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء) ومن الاحاديث الشريفة لسيدنا ومولانا رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قوله (سبعة يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل الا ظله.......) وكذلك الطواف عند الحج سبع مرات والسعي بين الصفا والمروة سبع مرات الخ.

 ونال رقم (7) خطا وفيرا في الادب العربي والعالمي حيث قسم العرب قصائدهم في الجاهلية الى سبع قصائد طوال كما يقول الدكتور صادق والي استاذ الادب العربي: قسمت العرب الشعراء الى سبع طبقات من ناحية الافضلية وهو اسلوب درج عليه بعض الكتاب كما الحال في كتاب (جمهرة اشعار العرب) لابي زيد القرشي فقد اختار من الشعر الجاهلي والمخضرم وقسم طبقات الشعراء الى سبع مراتب وهي عادة درجت عليها العرب منذ الجاهلية وايضا كان هذا الرقم عنوانا للعدد من الروايات والكتب العالمية منها: اعمدة الحكمة السبعة والمصابيح السبعة للفن وغيرها.

وتعد الامثال والعادات الشعبية ساحة غناء للرقم (7) حيث ورد فيها بشكل سلبي وتارة بشكل ايجابي كما تقول الباحثة في التراث الشعبي هالة عبد الكريم: انتقلت اهمية رقم (7) الى الامثال والعادات والتقاليد الشعبية كما في المثل المعروف (سبع صنايع والبخت ضايع) وايضا اقامة اسبوع للمولد والعريس الجديد والمتوفي ايضا هي من العادات التي دأبت العوائل العراقية والعربية على اقامتها في مثل هذه المناسبات، وبعض الناس يضعون سبع اشياء كما في (صينة زكريا وعيد نوروز). وتضيف عبد الكريم: بل انتقلت عدوى رقم سبعة الى العاب الاطفال مثل (سبع سيفونات، سبع صواني، سبع لفات..الخ) وهذه الالعاب اصبحت من الماضي في الوقت الحالي. نسمع عن تسميات الكثير من احياء بغداد فيها رقم سبعة كما يشير المهندس وليد صديق: بعض احياء العاصمة اخذت من الرقم سبعة اسما لها وقد يرجع الى حالة التفاؤل التي يحملها هذا الرقم كما في (سبع قصور) و(سبع البور) و(سبع بكار) وغيرها.

 المهم ان تسمية قد تكون بعيدة عن المسمى ولكن الانسان العراقي يريد ان يرسم صورة جميلة على بعض المناطق وان كانت غير واقعية فانا لم اشاهد (سبع قصور) وحتى قصر واحد! بل هذه المنطقة هي من احياء بغداد الفقيرة واغلب بيوتها متواضعة. ويلعب رقم سبعة دورا في طرد الحسد والارواح الشريرة كما يقول الدكتور محمد وادي: هذا الرقم كان بمثابة تعويذة سحرية عند بعض الشعوب لطرد الارواح الشريرة كما في الحضارات العراقية والمصرية والآسيوية لنتقل هذا الاهتمام حتى اليوم حيث نشاهد بعض الناس يعلقون على واجهات دورهم (سبع عيون). ويضيف وادي: ان العادات والتقاليد لها اثرها حيث نقول (ان هذا الانسان بسبع ارواح مثل البزون). ويطرق رقم سبعة باب الفن والموسيقى حيث يطلق اهل الاختصاص على عالم السينما بـ(الفن السابع) ويتكون السلم الموسيقي من سبع سلالم موسقية. واخيرا نالت الحروب والحوداث التاريخية حصتها من رقم سبعة كما يقول الاستاذ نصر حسن: نجد ان الكثير من الحروب التاريخية حملت هذا الرقم مثل (حرب الايام السبعة) و(حرب السنوات السبعة) فضلا عن تقسيم ايام اسبوع الى سبعة ايام منذ القدم.

 

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 6/آيار/2012 - 14/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م