دور الدكتاتوريات في ثقافة المجتمع

محمود الربيعي

المقدمة الموضوعية

تؤثر في المجتمع مجموعة من المؤثرات ومن ضمن هذه المؤثرات النزعة الدكتاتورية لدى الأفراد والمجموعات التي تمارس كل من الضغط والشدة، والفرض والإملاء على الشعوب، وللدكتاتورية وجوه لكنها شهدت تطوراً ملحوظاً في سلوك المجموعات الدولية وتغيراً واضحاً في طبيعتها حتى أنها ظهرت في ساحات الديمقراطية الحديثة داخل السلطة وخارجها بل وحتى في صفوف المعارضة، وسنأتي على تحديد المعنى العام والخاص لها والإشارة الى أنماط اشكالها وصور تطورها الإجتماعي والتأثير السلبي لها ومدى خطورته المهددة لكل من المجتمع والدولة.

الديكتاتورية: عرض وتفصيل:

من ويكيبيديا الموسوعة الحرة: الديكتاتورية: هي شكل من اشكال الحكم تكون فيه السلطة مطلقة في يد فرد واحد (دكتاتور) وكلمة ديكتاتورية من الفعل (ديكتيت) باللغة الانكليزية أي يملي والمصدر (دكتيشن) اي إملاء وهناك إستخدامين لمفهوم الدكتاتورية:

الإستخدام الأول: الدكتاتور الروماني وقد كان منصباً سياسياً في حقبة الجمهورية الرومانية القديمة وقد اختص الدكتاتور الروماني بسلطة مطلقة زمن الطوارئ، وقد كان عليه أن يحصل على تشريع مسبق من مجلس الشيوخ بمنحه هذا المنصب.

الإستخدام الثاني: وهو المعاصر للكلمة والذي يشير الى شكل من الحكم المطلق لفرد واحد دون التقيد بالدستور أو القوانين أو أي عامل سياسي أو إجتماعي داخل الدولة التي يحكمها، كما حدث في كل من إيطاليا وألمانيا والإتحاد السوفييتي في عهد كل من موسوليني وهتلر وستالين كما هو مشهور.

أشكال وأنماط الدكتاتورية

أولاً - الدكتاتورية الفردية: وتكون بتسلط فرد على مقومات الدولة تسلطاً شاملاً معتمدا على القوة العسكرية للدولة. ويقصد بالمقومات (الأرض، الثروة، الشعب، الحكم)، وغالباً مايتصور الدكتاتور نفسه هنا بأن له صلة روحية بالله الذي يلهمه مايجب أن يفعل، أو أن يتصور نفسه أنه هو الإله، ولذا يحيط نفسه بهالة أو حالة من الحصانة.

ثانياً – الدكتاتورية الجماعية: وتكون بتسلط جماعة على مقومات الدولة.

إنتهى العرض من الويكيبيديا.

يتضح مما سبق من المقدمات الضرورية أن الدكتاتورية تعني الفرض والإملاء.

مراحل نشوء الدكتاتورية:

أولاً: الدكتاتورية داخل الأسرة: حيث تنمو الحالة الفرعونية داخل الأسرة لدى أفراد الأسرة وتنشأ حالات من التعصب داخل الأسرة.

ثانياً: دكتاتورية الأحزاب: وتظهر هذه النزعة كطريق لإتخاذ القوة كسلوك حزبي يحاول الحزب فيه الهيمنة على كافة الأحزاب الأخرى للتفرد بالسلطة قبل تسلم السلطة أو بعدها بالتدريج ويتم ذلك بالعمل على تخريب العملية السياسية داخل الدولة بأشكال من المعارضة الظالمة.

حاشية الدكتاتورية الحزبية داخل الدولة

إن السلوك الممنهج لمعتنقي الدكتاتورية يدفع بسلطة الحزب الى دفع أتباعه وقواعده الشعبية في الدوائر والمؤسسات لغرض الوصول الى السلطة، والطريق الى ذلك تخريب البنية التحتية، والتمهيد للسطوة على السلطة.. ومن حاشية الدكتاتورية داخل الدولة تتدفق جماعات مختلفة تنتشر داخل مؤسسات الدولة وعلى جميع المستويات.

العائلة الحاكمة

لعبت العائلة الحاكمة لدكتاتورية كالملك أو رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو الحزب الحاكم كأعمدة أساسية للدكتاتورية في إدارة شؤون الدولة كما عُهَدَ بها في زمن حكم الدكتاتوريات وفي مختلف الدول التي عاشت تحت ظل حكم الدكتاتورية، وقد يدخل في هذا الهيكل أقارب السلطة وحماياتها على كافة مستويات المقربين لها داخل هيكل الدولة.

سياسة الإقصاء في النظام الدكتاتوري

للنظام الدكتاتوري أساليبه ووسائله، وكما حددنا تعريفه في المقدمة فهو ينتهج سياسية الإملاء والفرض ويقصي كل من يقف ضده، لكن من الضروري في عالمنا الحديث أن تنطبق حالة الدكتاتورية على الفرد أو الحزب أو الجماعة داخل السلطة أو خارجها، لأن الدكتاتورية منهج وسلوك، فقد تعيش الدكتاتورية في هرم السلطة أوقد تكون خارج السلطة.. وتلعب الدكتاتورية أشكالاً من التخريب للوصول الى السلطة لذا فقد تلبس الأحزاب ثوب المنقذ إلا أنها تكون إنتهازية في واقعها، وأما تشخيص ذلك فيتم بإستقراء تأريخ الفرد المستبد أو الحزب المستبد في ممارساته اليومية والشعب هو الوحيد الذي يملك التقييم للسلطة أو المتربصين لها خارج السلطة.

الآثار السلبية للدكتاتورية

وفي عالم الدكتاتورية ينقسم الشعب الى فئة حاكمة متسلطة، وفئة محكومة ممنوعة من المشاركة في صنع القرار، وللدكتاتورية آثار سلبية إذ هي:

أولاً: تساعد على نشر الخوف.

ثانياً: تؤدي الى التخلف في مختلف الجوانب الاقتصادية وفي حقول التنمية.

ثالثاً: تدفع الى (الفساد والإنحراف) حيث تنشأ عنها ردود فعل قوية لأفعالها.

رابعاً: تشجع على (الجريمة).

الدكتاتورية الغربية والتشابك مع مفهوم الديمقراطية

وقد تظهر الدكتاتورية في السلوك الدولي وداخل الدولة.. ففي الغرب قد يلعب القانون دوراً دكتاتورياً في فرض القانون وإملائه لحفظ النظام والعدالة فهو دكتاتوري في خلق روح النظام وتطبيقه، وديمقراطي في إختيار القانون وإنفاذه دون أن يتعرض الأشخاص لنوع من الإضطهاد إلا من حيث تجاوزهم على القانون دون إفراط أو تفريط بعيداً عن المزاجية، وفي مثل هذه الحالات قد يمكن العيش في ظل دكتاتورية القانون حيث حكم دولة القانون لا دولة الدكتاتورية، فدولة القانون تحتاج الى القانون والدستور وليس لها خيار في ترك الدكتاتورية القائمة على النظام والعدالة في العملية الديمقراطية وهذا المطلب لابد منه في السلطة أو خارج السلطة في السلوك الحزبي للحكومة أو المعارضة يحدده الإخلاص.

الدكتاتورية داخل النظام الديمقراطي

قد تنشأ الدكتاتورية عند الفرقاء أو الشركاء في بعض الظروف داخل النظام الديمقراطي حيث تولد الدكتاتورية ولادة قيصرية لتنمو داخل النظام الديمقراطي، وأهم من ذلك كله أن يخدع الشركاء شركائهم في عمليات هدم داخل النظام الديمقراطي.

خاتمة

إن التطور العالمي الذي أصاب المجتمعات والذي بَلوَرَ صِيَغَ أفكارها وتطلعاتها المتقدمة لايسمح بمرور الديكتاتورية في صفوف المجتمعات الديمقراطية.. والشعوب لايمكنها أن تتقبل أية حالة ديكتاتورية خصوصاً إذا برزت من قبل أحزاب أو زعامات فردية عريقة في سلوكها الديكتاتوري.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 1/آيار/2012 - 9/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م