مخالب الحب ووطأة الغرام تؤدي الى فشل الدراسة

علي إسماعيل حمة الجاف

الواقع ان المحب الذي أسرته النظرة الأولى من المحبوب، قد يتلوى ألما" وشوقا" اليه على الرغم من ان الشهقة بعيدة بينهما. وعلى أية حال فان المشاعر الوجدانية في دخيلة ذلك المحب هي مشاعر الدونية والنقص. فمهما كان المحب في مستوى مادي او اجتماعي او أدبي او ثقافي مرتفع المستوى عن المستوى الذي يحتله المحبوب، فانه يحس تجاهه بالنقص والضالة. فالحب لا يعرف تلك الفروق التي تواضع الناس عليها، بل انه صاحب سلطان مستقل تماما"، وله منطقه الخاص به، والتمايز من منطق العقل وأيضا" من منطق الواقع على السواء.

ومعنى هذا ان المحبوب الذي استولى على قلب المحب من النظرة الأولى، يكون هو السيد، بينما المحب هو العبد. ومن هنا فان الكثير من حالات الحب من أول نظرة تكون مشفوعة بإذلال المحبوب للمحب. وقصة شمشون ودليلة لا تعدو ان تكون واحدة من بين الألف القصص التي تدل على ان الحب من أول نظرة عبارة عن مصيدة او فخ يقع فيه المحب، ولا يكون ثمة سبيل لتخلصه منه او تحرره من رقبته. وغني عن القول ان حب شمشون لدليلة؛ بل وحب أي عاشق لمحبوبته، قد بدأ بتلك النظرة الأولى التي أوقعته في مخالب الحب والحرمان من النوم، والتلوي تحت وطأة الغرام.

الواقع ان ما يخضع له المحب من حدس، وما يتلقاه من الهام من المحبوب الذي وقع في شباك حبه من أول نظرة، يجعل ذلك المحبوب محتلا" لمركز البؤرة في عقله وقلبه جميعا". وبتعبير أخر فان جميع الأنشطة العقلانية والوجدانية، تكون ثانوية في حياته وفي نشاطه الذهني أذا ما قيست في ضوء ما يبذله من جهد ونشاط في مختلف مناحي الحياة. ولقد نقول أكثر من هذا ان ذلك المحب يضع حبه في قمة الموجودات جميعا، ويرى ان ذلك الحب هو المستحوذ على جل اهتمامه، بل ان حياته قد صارت معلقة على ذلك الحب الذي استأثر به، وملأ عليه حياته، واستولى على مقود فكره ونشاطه.

ولعنا لا نخطئ أذا ما قلنا ان الكثير من حالات فشل المراهقين والشبان من الجنسين في حياتهم الدراسية، أنما يرجع الى ذلك الحب من أول نظرة الذي استحوذ على طاقاتهم النشاطية. فبدل ان يوجهوا الجهد والنشاط الذهني الى دروسهم ليستوعبونها، فأنهم يوجهونها الى تلك الصورة الذهنية التي ارتسمت، بل وسيطرت، على أذهانهم. فهم يسرحون الطرف في أخيلتهم التي ارتسمت للحبيب، حتى وهم في حجرات الدراسة، فيجلسون ساهمين، وقد انصرفوا عما وعمن حولهم، فلا يكادون يسمعون ما يقوله المدرس، ولا يفهمون ما يطالبهم به من انتباه الى ما يشرحه من غوامض العلوم، ولا يكون لهم من هم سوى التفكير في الحبيب الذي هيمن على الفكر والوجدان، بل وعلى جميع أنشطتهم التي تتعلق بالحركة والسكون, فهم حتى في نومهم لا يغمضن لهم جفن، وإذا تسنى لهم النوم، فان أحلامهم كلها تدور حول الحبيب الذي استحوذ على بؤرة شخصياتهم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 26/نيسان/2012 - 4/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م