الاجهزة اللوحية... مستقبل واعد وانتشار غير مسبوقة

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: قد يعتبر الكثير منا ان الاجهزة اللوحية او "التاب لت" هي من افضل ابتكارات القرن الحالي نتيجة لشعبيتها وانتشارها الواسع بين ملايين المعجبين حول العالم، لكن من دون الالتفات الى ان الاجهزة اللوحية قد وجدت اساساً في نهايات القرن الماضي الا انها لم تلقى نفس الاعجاب الذي حظيت به في وقتنا الحالي لأسباب عديدة منها ضخامة حجمة وغلاء سعره وقلة تطبيقاته وعدم دعم الشركات المصنعة له، اما اليوم، فقد اصبح الجهاز اللوحي والذي ساندة التطور العلمي كثيراً "ايقونة النجاح" و"المنقذ" لدى بعض الشركات كما هو الحال لدى شركة "ابل" والتي تحولت بفضل "الاي فون والاي باد" من شركة على حافة الافلاس الى عملاق اقتصادي يتفوق على اقتصاد عدة دول مجتمعة.

وقد حذر الكثير من الخبراء والمختصين ان نهاية عصر الكومبيوتر التقليدي سوف تكون على يد الحواسيب اللوحية سيما وان المبيعات القياسية ومئات الالاف من التطبيقات والمليارات من التحميل لهذه التطبيقات (حيث اعلنت شركة ابل ان التحميل من متجرها الخاص تجاوز 25 مليار تطبيق) هي دليل كافي على هذا التحول، وسواء أكانت هذه الفرضية صحيحة ام مبالغ في تقديرها فان النتيجة المتفق عليها ان الاجهزة اللوحية قد تحولت الى واقع فرض نفسة بقوة بعد ان تحدى جميع المنافسين واستطاع ان يتفوق عليهم.

من جهة اخرى فان اغلب الاجهزة التكنولوجية لا يكتب لها النجاح مالم تجد الدعم المناسب لها من قبل الشركات والافراد، اضافة الى امكانية تحقيقها للفائدة المرجوة منه، وهذا ما ميز الاجهزة اللوحية عن غيرها من الاجهزة الاخرى حتى استطاعت ان تنال اعجاب العديد من المؤسسات الحكومية والتي وافق على ادخاله في مرافق مهمة وحيوية كالتعليم والصحة والاقتصاد فيما اعتمد رجال الاعمال والشركات وطلبة العلم وحتى ربات البيوت على الاجهزة اللوحية في تسيير حياتهم الشخصية والعملية معتمدين على هذا القادم الجديد وصاحب الامكانيات العالية.   

خطرا على الكمبيوتر

فقد اعتبر خبراء في التكنولوجيا واللذين شاركوا مؤخراً في مؤتمر حول وسائل الاعلام الرقمية في تورونتو أن جهاز الكمبيوتر التقليدي مهدد بسبب شعبية الأجهزة اللوحية المتزايدة، وقال دانيال أوديو رئيس شركة "سوشالايز إينك" التي تسمح للمستخدمين بتصميم تطبيقاتهم الخاصة إن "الأجهزة اللوحية هي مسألة شغف وهي تقتل الكمبيوتر أكثر مما تتعدى على الهواتف الذكية"، وشرح قائلا "إنها المركز العصبي الجديد وجهاز الكمبيوتر الجديد"، وأكد مايكل شنايدر رئيس شركة "موبايل رودي" التي اطلقت تطبيقيا موسيقيا جديدا خاصا بجهاز "آي باد" أن مستخدمي الأجهزة اللوحية يشترون منتجات أكثر من المستخدمين الأوفياء للكمبيوتر، وقد نجحت الأجهزة اللوحية أيضا في تحويل الأنظار عن الهواتف متعددة الوظائف بفضل شاشتها الأكبر حجم، وقال توم كامينغز من منصة "ساوند كلاود" الالكترونية التي تسمح بتحميل ملفات موسيقية وتشاطرها أن "جهاز (آي باد) والأجهزة اللوحية بشكل عام هي بالفعل وسائل مذهلة"، وأضاف "يمكننا بواسطة جهاز لوحي أن نبتكر شيئا جميلا في دقيقة واحدة وأن نتشاركه مع الآخرين"، والدليل على شغف المستخدمين بالأجهزة اللوحية هو أن موقع المعلومات الأميركي "هوفينغتون بوست" سيطلق قريبا مجلة أسبوعية مخصصة لجهاز "آي باد" الرقمي الذي تنتجه شركة "آبل" العملاقة "تحتوي على أفضل التقارير والمدونات وأشرطة الفيديو"، بحسب ما أعلنت رئيسة الموقع أريانا هوفينغتون. بحسب فرانس برس.

مبيعات قياسية

في سياق متصل ورغم أنه لا يختلف كثيراً عن نسخته السابقة، إلا أن شركة "آبل" أعلنت، في وقت سابق، أن حجم مبيعاتها من أحدث منتجاتها من الكمبيوترات اللوحية "آي باد الجديد"، تجاوز 3 ملايين نسخة، منذ بداية طرحه للبيع، وخلال مؤتمر عبر الهاتف مع عدد من المحللين، أعلن الرئيس التنفيذي لشركة "آبل"، عملاق الصناعات الإلكترونية الأمريكي، تيم كوك، عن حجم المبيعات "القياسية"، التي حققها الجيل الثالث من أجهزة "آي باد"، خلال عطلة نهاية الأسبوع، دون أن يقدم أرقاماً محددة حول توزيع المبيعات، ولا يمتلك الإصدار الجديد من "آي باد" مميزات جوهرية كثيرة تختلف عن النسخة السابقة "آي باد 2"، إلا أن ذلك لم يمنع الآلاف من محبي اقتناء منتجات "آبل" AAPL Fortune 500، من الانتظار في طابور طويل لساعات، ليكونوا ضمن أول من يحوزون الجهاز الجديد، عند إطلاقه مؤخر، وخلال الساعات الأولى من صباح 16 مارس/ آذار الماضي، احتشد المئات أمام مركز مبيعات "آبل" في الشارع الخامس، وامتد الطابور لعدد من المباني المجاورة، كما أغلقت الحشود العديد من ممرات مركز "غراند سنترال" التجاري الجديد. بحسب سي ان ان.

ولعل أكثر الخصائص التي تميز "آي باد الجديد"، وهو الاسم الرسمي الذي أطلقته عليه شركة "آبل"، شاشة العرض فائقة الوضوح، بتقنية "رتينا ديسبلاي"، حيث تصل درجة الوضوح في شاشته 3.1 مليون بيكسل، بزيادة نحو مليون بيكسل عن الشاشات الأخرى ذات تقنية الوضوح العالية، من نفس الحجم، كما يتميز "آي باد الجديد" أيضاً باحتوائه على معالج بيانات بقدرات أعلى من الإصدارات السابقة، ويحتوي على راديو 4G، كما أنه مزود بكاميرا بقدرة 5 ميغابيكسل، وطرحت شركة "آبل" أحدث منتجاتها للبيع في كل من الولايات المتحدة، وأستراليا، وكندا، وفرنسا، وألمانيا، وهونغ كونغ، واليابان، وبورتريكو، وسنغافورة، وسويسرا، بالإضافة إلى المملكة المتحدة، وبالمقارنة مع الإصدار السابق، فإن "آي باد 2" لم يكن متاحاً سوى في الولايات المتحدة، عند إطلاقه للبيع، أثناء إحدى عطلات نهاية الأسبوع، قبل ما يقرب من عام،

وفي تعليق على طرح النسخة الجديدة من "آي باد" للبيع، كتب والت موسبرغ من شركة "أول سنغس دي"، قائلاً إنه "منذ إطلاقه عام 2010، أصبح آي باد الكمبيوتر اللوحي الأفضل على الكوكب".

وتابع بقوله: "ومع هذا الجيل الثالث الجديد، فإنه يظل محتفظاً بتربعه على العرش"، وأحدثت الشركة الأمريكية "صدمة" في الأسواق العالمية، عندما أعلنت أن سعر أحدث منتجاتها من أجهزة "آي باد"، بما يتراوح بين 499 و829 دولار، ويمكن لراغبي اقتناء الجيل الجديد من "آي باد"، الحصول عليه مراكز البيع الخاصة بشركة "أبل"، بالإضافة إلى محال "أيه تي آند تي"، وفيرزون"، و"بست باي"، و"راديوشاك"، و"سامس كلوب"، و"تارغت"، و"ولمارت"، في مختلف الولايات الأمريكية، وتسيطر "أبل" على ما نسبته 59 في المائة من سوق الحواسيب اللوحية،  لتطرح بذلك كل منافسيها أرضاً، وعلى رأسهم الحواسيب اللوحية التي تنتجها شركة "سامسونغ"، تحت اسم "غالاكسي"، وتأمل الشركة أن يحظى منتجها الجديد باستقبال طيب ليساعدها ذلك في مواجهة منافسة متزايدة من منتجات مثل الكمبيوتر اللوحي الذي يعمل بنظام اندرويد (مفتوح المصدر) والمدعوم بنظم تشغيل مايكروسوفت المنتظر أن يطرح قريب، وقال كوك "تساءل الجميع عن من سيأتي بمنتج أروع من اي-باد 2، توقفوا عن التساؤل، لقد فعلنا نحن ذلك"، وذكرت مؤسسة ستراتيجي أناليتيكس للابحاث أن عدد مستخدمي الكمبيوتر اللوحي في العالم وصل الى 67 مليون مستخدم في عام 2011، وكان كوك قد أكد مجددا في وقت سابق خلال المؤتمر على ما وصفه "بعصر ما بعد الكمبيوتر الشخصي" الذي يتزايد فيه عزوف المستخدمين عن أجهزة سطح المكتب والمحمولة ويتزايد اقبالهم على الاجهزة اللوحية، وقال كوك للحاضرين في قاعة المؤتمرات بمركز يربا بوينا في سان فرانسيسكو وهو مكان ابل المفضل للكشف عن منتجاتها الجديدة "في العام الماضي وحده بعنا 172 مليون جهاز من أجهزة عصر ما بعد الكمبيوتر الشخصي، وكان ذلك يمثل 76 في المئة من دخلن، هذا أمر مذهل".

"آي باد" يحافظ على الصدارة

من جهتها حصلت الأجهزة اللوحية التي تعمل بنظام "أندرويد" على 39 % من حصص السوق العالمية في الربع الاخير من 2011 لكن من دون أن تتمكن من انتزاع مركز الصدارة من جهاز "آي باد" من صنع آبل على ما اظهرت دراسة لشركة الأبحاث والاستشارات "استراتيجي أناليتيكس"، فقد تراجعت حصة جهاز "آي باد" من السوق من 68% إلى 58% في حين ازدادت حصة الأجهزة العاملة بنظام "أندرويد" من 29% إلى 39% في إطار ارتفاع إجمالي لمبيعات هذه الأجهزة بنسبة 150% لتصل إلى 26،8 ملايين وحدة، وقد باعت شركة "آبل" 15،4 مليون وحدة من جهاز "آي باد" في مقابل 10،5 ملايين نسخة من أجهزة "أندرويد" في الفترة عينه، بالإضافة إلى ذلك، انحصر وجود نظام التشغيل "ويندووز" من "مايكروسوفت" في 1،5% من السوق وقد أشارت "ستراتيجي أناليتيكس" إلى ان "الصدور المرتقب هذا العام للنسخة الجديدة (ويندووز 8) هو جد ضروري للشركة بغية زيادة تنافسية شركائها في مجال الأجهزة اللوحية"، وذكر مدير الشركة نيل مووستن أن "نظام (أندرويد) لا يزال حاليا شائعا في أوساط مصنعي الأجهزة اللوحية على الرغم من المشاكل المتكررة المتأتية من تفكك النظام وواجهة الاستخدام وبيئة التطبيقات"، وفي العام 2011، سجلت مبيعات الاجهزة اللوحية ارتفاعا بنسبة 269% مع 66،9 مليون وحد بيعت في العالم بالمقارنة مع 18،6 مليون وحدة في العام 2010، واختتمت النشرة في دراستها أن "المستهلكين يشترون المزيد من الأجهزة اللوحية بدلا من الكمبيوترات المحمولة الصغيرة (نيتبوكس) والأجهزة المحمولة العادية الرخيصة أو حتى تلك المكتبية". بحسب فرانس برس.

مليون كيندل اسبوعيا

فيما اعلنت شركة التوزيع العملاقة عبر الانترنت "امازون" انها تبيع اكثر من مليون نسخة عن اجهزة القراءة والالواح من نوع "كيندل" اسبوعيا منذ ثلاثة اسابيع مع احتلال الجهاز اللوحي المتعدد الوسائط "كيندل فاير" الصدارة، وقال دايف ليمب مسؤول اجهزة كيندل في الشركة "(كيندل فاير) سجل افضل انطلاقة عرفناها حتى الان، انه الجهاز الذي يسجل افضل المبيعات لدى امازون منذ 11 اسبوعا لقد بعنا الملايين منه ونصنع ملايين اخرى لتلبية الطلب"، واوضح "يضاف الى ذلك ان الطلب يتسارع من اسبوع الى اخر، في الاسابيع الثلاثة الاخيرة"، الا ان امازون وجريا على عادتها لم تنشر اي ارقام حددت المبيعات، وكان النقاد استقبلوا الجهاز اللوحي "كيندل فاير" بشكل متفاوت الا انه يجذب بفضل سعره البالغ 200 دولار اي اقل بـ300 دولار من جهاز "آي باد" الذي تنتجه آبل والذي يهيمن على القطاع، وصممت امازون هذا الجهاز اللوحي خصوصا كأداة لاستخدام منتجاتها الرقمية من افلام وكتب وموسيقى واضافت اليه وظائف تصفح الانترنت فضلا عن تطبيقات للالعاب، وهو يباع فقط في الولايات المتحدة، وتضم المجموعة ايضا عدة اجهزة قراءة بالابيض والاسود وشاشة تعمل باللمس او بدونها ومع امكانية الاتصال بالجيل الثالث من الهواتف الخلوية او من دونها تباع اعتبارا من سعر 79 دولارا. بحسب فرانس برس.

شبيه ستيف جوبز

من جهة اخرى أثار إعلان تلفزيوني لجهاز لوحي يعمل باللمس تعليقات ساخطة في تايوان إذ يصور شبيه ستيف جوبز مؤسس "آبل" الذي توفي في الخريف الماضي، متنكرا بزي ملاك، وفي هذا الإعلان يمتدح ممثل تايواني مشهور مميزات جهاز لوحي من إنتاج "أكشن إلكترونيكس"، وقد ارتدى سروال جينز وكنزة سوداء ذات ياقة عالية وهو اللباس التقليدي لستيف جوبز، إلى ذلك زود الممثل بجناحين وبهالة حول الرأس، وأعلن الممثل أيه-كن في الإعلان الذي يمتد على 20 ثانية، "أريد أن أقدم لكم جيلا جديدا من الأجهزة اللوحية، هذا أمر لا يصدق، وأخيرا أملك (آي باد) آخر ألهو به"، وجهاز "أكشن إلكترونيكس" اللوحي يعمل بواسطة نظام "أندرويد" الذي كان ستيف جوبز قد اتهمه بالقرصنة، وعلى موقع "فيسبوك"، انتقد التايواني وو ريو-كوان بشدة هذا الإعلان وقد اعتبرها "تافهة" كما أنها لا تحترم عائلة جوبز الذي توفي في تشرين الأول/أكتوبر عن 56 عام، كذلك، أتت جميع ردود فعل التايوانيين على الإنترنت سلبية، وكتب متصفح إنترنت يحمل لقب "سويتهارت" أنه "ما من أمر فاضح في لعب دور ستيف جوبز، لكن من المؤسف أن يكون أيه-كن قد فعل ذلك بهدف امتداح منتجات منافسة" لتلك التي ابتكرتها "آبل". بحسب فرانس برس.

الحواسيب اللوحية والتحصيل العلمي

على صعيد مختلف كشفت دراسة نشرت في مجلة التايم الأمريكية، مؤخراً، أن استخدام الطلاب للحواسيب اللوحية في المدارس والمعاهد اثر ايجابيا برفع معدل النتائج المحصلة في الامتحانات، وأظهرت الدراسة، أن الباحثين تمكنوا من مقارنة عدد من النتائج سواء الفصلية أو السنوية لعدد من الطلاب، واستنتجوا أن الطلاب الذين يستخدموا الحواسيب اللوحية داخل قاعات التدريس تمكنوا من تحصيل علامات أعلى من زملائهم ممن لم يستخدموا هذه التكنولوجي، وأكد الباحثون في الدراسة التي شملت 266 طالبا، أن النتائج الأبرز التي تم تحقيق أعلى العلامات فيها كانت لمواد مثل فن الكتابة والقراءة وقواعد اللغة، مؤكدين أن الحواسيب اللوحية تجعل من عملية التعلم عملية ممتعة للطالب ولا تشعره بالملل أو النفور، وأشارت الدراسة إلى أن هذا الأسلوب في التعليم اثبت جدارته، حيث تم تبني الفكرة من أكثر من جهة سواء على الصعيد الشخصي أو على الصعيد الرسمي، حيث تقدمت عدد من المدارس العامة في مدينة نيويورك بطلبيه لشراء ألفي جهاز حاسوب لوحي بقيمة 1.3 مليون دولار لاستخدامها في الأمور التعليمية، ونوهت الدراسة إلى أن هذه النهج الجديد في أساليب التعليم بدأ بالانتشار في عدد من الولايات الأمريكية الأخرى، وحتى على الصعيد الدولي، حيث تقدم القسم التعليمي في ولاية فيرجينيا بطلبيه لشراء 150 ألف جهاز لوحي ليتم توزيعها على المدارس في الولاية، تبعتها ولاية شيكاغو بطلبيه شراء 450 ألف جهاز.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 24/نيسان/2012 - 2/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م