زنزانة في سجن المملكة

رسول الحجامي

ماذا يقال عن بلد تقدس فيه انتهاكات حقوق الإنسان..؟

ماذا يقال عن وطن سلبت هوية أبنائه من اجل اسم عشيرة ابتدعها الاستعمار، وتوالدها التطرف؟

ماذا يقال عن جزيرة العرب وقد استعبدها قطاع الطرق ومبدعو الفتن، وسممت رمالها سرطانات القاعدة وجثمت فوق صدور أبنائها جبال من فتاوى التكفير والأحقاد والضغينة؟

ماذا نقول عن أهلنا وعشائرنا ومراجع أصولنا، وهم بين سياط الدكتاتورية وأنياب الملوك المستذئبة؟

لقد أسقطت وسائل الاتصال كل أسوار العزلة العالية..

ومنذ زمن ليس بالقصير بدا العالم يتألم لما يجري للإنسان في قلعة الدكتاتورية المظلمة، الانترنت، واليوتوب، والفيس بوك سرب قليل من رائحة الجرائم التي تمارس في ارض الحرمين الشريفين..

رائحة أزكمت أنوف منظمات الأمم المتحدة وانتشرت بالرغم من كل ما تهدره العائلة المالكة للسعودية من عطور باريسية وأمريكية، ولكن دون جدوى، والسبب بسيط يا جلالة الملك: لان رائحة الظلم نفاذة.

ثورة الشعب العربي المسلم في الجزيرة العربية قادمة، بل ومن المؤكد سوف تكون هي الثورة الحاسمة لحصول الشعوب على الديمقراطية في الشرق الأوسط ولربما في شرق الأرض وغربها.

هناك حراك فاعل ومؤثر بالرغم من كل متاريس الملك العسكرية والأمنية واللااخلاقية والتكفيرية وغيرها، خصوصا بعد أن اسقط الوعي الشعبي تهمة التشيع بكل من يطالب بالحقوق والمساواة والحرية، لقد حاولت أجهزة الإعلام التابعة للسلطان السعودي أن تلصق تهمة (التشيع) بكل مواطن يطالب بالحرية والحقوق والمساواة أو يرفض أن يكون عبدا لنزوات فيلق الأمراء وانحرافاتهم المقززة، وبالطبع فان هذه التهمة أقسى من خيانة الملك والتمرد عليه، غير إن الرياح لم تجري وفق سفينة الملك، فقد اختلطت صفوف المعارضة بين مطالبين بالحريات العقائدية والمطالبين بحرية الرأي وغيرهم، مما جعل الجميع يدرك إن عدوهم واحد وهو الدكتاتور سواء كان ملكا أو مفتيا أو كائنا ما يكون.

إن حدة الانتقاد الداخلي لزبانية الملك، والنزقات اليومية لآلاف الأمراء، وإطلاق ذئاب التكفير في الشوارع لاستباحة الدم وانتهاك الأعراض وابتزاز الأموال بحجة (الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف)، أدى الى غليان في الشارع في مدن جزيرة العرب بشكل لم يسبق له مثيل.

في المنطقة الشرقية، في المدينة، في الجامعات، في المدونات، وحتى في الداخل تم تجاوز الخطوط الحمراء، بالطبع كان ثمن الحرية باهضا، سالت دماء، وانتهكت حرمات، لكنه ليس أسوء من أن ترث لابنك: زنزانة في سجن المملكة.

ليس أسوء من أن تنشئ أطفالك على الحقد على الآخرين، وبغضهم والاشمئزاز منهم ولمزهم وهمزهم..

ليس أسوء من أن تطعم أبنائك من ثقافة العبودية والخضوع للملك، ولعائلة الملك ولأبناء الملك وأبناء أبنائهم وحيواناتهم من بعير وحمير وما يركبون..

ليس أسوء من أن تبني ولدك على عقيدة (أطع ولي الأمر وان ضربك بالسياط وسلب مالك وانتهك عرضك – حديث صحيح في سنة العبودية).. في عقيدة الحفاظ على الملك، وإلا فان الإسلام ثورة من اجل الحرية وضد كل استرقاق وعبودية.. ثورة ضد الظلم سواء صدر من السلطان أو من مفتيه.

يقال – إن أسوء تعذيب يمر به سجين الحرب، أو السجين السياسي هو حينما يسلب منه اسمه ويعطى له رقما..

في المملكة (السعودية) ومنذ أجيال سلبت من المواطن هويته لم يعطى رقما ولا اسم مكان ولا معتقد ولا زمان ولا وطن بل اسم عائلة.. تستعبده حتى الموت، كما قال لي صديق هرب من جحيم المملكة: كل من يهرب من خارج السجن يتحرر إلا نحن، قلت كيف؟ ابتسم واخرج جواز سفره ووضع إصبعه تحت كلمة (سعودي)، قال: لقد انتهكوا هوية الوطن والإنسان وهذه أبشع الجرائم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 24/نيسان/2012 - 2/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م