السعودية.. خنادق ضد الحرية

رسول الحجامي

يوما بعد آخر والعائلة الحاكمة في السعودية تدرك إن خطر الحرية قادم لا محال ابتداء من الزلزال العراقي وامتدادا مع ارتداداته في تسونامي الربيع العربي.

الشعوب العربية تتحرر، والشباب يقود الدفة في الشارع الجماهيري، والمسألة لا تتعدى حسابات الوقت والظروف الإقليمية الملائمة لنشهد سقوط قلاع الدكتاتورية في جزيرة العرب..

هذا الواقع الذي فرض نفسه على الأرض جعل العائلة الحاكمة في السعودية توقف قطرات الإصلاح (الوهمية) التي طبلت وزمرت لها أجهزة الملك الإعلامية، وبالرغم من وهميتها فقد اقنع جيش المفتين من فقهاء الاستعباد والتكفير الملك بخطورة الترويج للإصلاح الوهمي بحجة إن ذلك سوف يؤدي عاجلا أو آجلا الى مطالبة شعب جزيرة العرب بتطبيقه وبالتالي فإسقاط أول حجر من قطع الدكتاتورية يؤدي الى إسقاطها جميعا.

ومن جهة أخرى اصدر السلطان مرسوما بالبطش بكل إنسان يطالب بحرية الرأي أو المساواة أو حق من حقوق الإنسان وقمع التظاهرات وإتخام السجون والقتل والتشريد وانتهاك الحرمات وتهديم المساجد والدور السكنية والتعذيب في الشوارع بتهمة التشيع أو العلمانية أو الرضا بمهادنتهم.

غير إن تنوع المعارضة في المملكة من مثقفين وأساتذة وطلبة ونساء ناشطات في حقوق المرأة ومؤسسات مجتمع مدني وصحفيين وحقوقيين ورجال دين اظهر لذي كل عينين إن جميع أطياف شعب المملكة (في جزيرة العرب) هم ضد دكتاتورية العائلة الحاكمة وأجهزتها القمعية سواء كانت (الأمنية أو المرتبطة بفقهاء تكفير الثائرين والمطالبين بالحقوق).

هذا الاستشعار العميق بخطر الحرية القادم.. دفع العائلة الحاكمة وفي محاولة يائسة منها الى حفر خنادق ضد الحرية في الدول المحيطة في السعودية..

فهناك الخندق اليمني والدفاع عن نظامه وبقايا رموزه من خلال المبادرة الخليجية وإيقاظ خلايا القاعدة وإثارة الفتن..

وهناك الخندق البحريني والدفاع عن الملك المستهتر بالجرائم عبر إرسال درع الجزيرة وقوات الأمن السعودية وقتل شباب البحرين العزل بدم بارد طوال أكثر من سنة..

وهناك الخندق العراقي لبث الفتن الطائفية وتقديم المال والسلاح للصداميين لإفشال التجربة الديمقراطية في العراق..

وهناك الخندق السوري من خلال التآمر على الثورة السلمية السورية للشعب السوري وإفشال الإصلاحات الحكومية المستجيبة للثورة، من خلال إرسال مجاميع مسلحة وتزويدها بالسلاح لقتل الشعب والجيش على حد سواء.

ولا يخفى التحرك الحثيث لآل سعود وحاكم قطر لاستدعاء مجاميع القاعدة من كل مكان الى الجزيرة وإيقاظ الخلايا النائمة في اليمن وحضر موت والكويت والعراق ودعم التيار السلفي في مصر وإدخال عصابات القاعدة الى سوريا لتخريب الثورة و الإنسان والوطن وعقد تحالفات سريعة مع بقايا حصون الدكتاتورية المنقرضة في الأردن والمغرب..

المفارقة في مخطط آل سعود هو أنهم ما زالوا يفكرون بعقلية استعباد الشعوب واسترقاقها..

المفارقة إنهم لم يستفيدوا قط مما جرى من سقوط الطاغية في العراق والنظم الدكتاتورية في تونس ومصر وليبيا واليمن..

تلك الخنادق ضد الحرية في دول الجوار لآل سعود هي كشف للصور القبيحة التي كان عملائهم الكبار يحاولون إخفائها...

وهي تخبط واضح سوف يجر شعوب المنطقة الى نبذ بل ومقارعة تدخلات آل سعود، وغني عن القول إن كل ذلك لا يغير لا في توجهات شعوب المنطقة نحو الحرية ولا في توجه شعب جزيرة العرب نحو استعادة حريته وكرامته.

ثم.. من قال إن الحرية توقفها خنادق الظالمين؟!

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 21/نيسان/2012 - 30/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م