السجائر بين أيام (اللف) و (المزبن) وأيام (pine)

عبد الكريم ابراهيم

برغم دخول انواع عديدة من السجائر ما زال الحاج حمود حنش (82) عاما ممسكا بعلبة (التتن) واوراق (اللف) وهو يلاعبهما بانامله وفمه كأنه فنان ماهر لتخرج في نهاية الامر سجارة من صنع محلي 100% اعتاد على صناعتها منذ اكثر من نصف قرن من الزمن.

ويعلل الحاج حمود من سكنة مدينة الصدر اصراره على عدم قبول السجائر المستوردة بقوله " اشعر بلذة كبيرة وانا اصنع سجارة لنفسي "، ويضيف " السجائر الموجودة الان لا تشعرني بشيء ربما يعود لكوني اعتدت على ممارسة التدخين منذ ايام شبابي حتى اليوم،وقد تكون الصداقة الغريبة التي تجمعني بـ(التتن) ودفاتر(اللف).

ويرفض الحاج حنش ما يقدم له من انواع السجائر- كما جرت العادة عند العراقيين في اوقات المناسبات – مفضلا عليها محبوبتة القديمة كما يقول " عادة تقدم انواع مختلفة من السجائر ولكنني ارفض واقول لهم لا أغيّر (اللف) قد يكون هذا الامر نوعا من الصداقة والعشرة التي امتدت لسنوات طويلة حيث اقوم بتجهيز (التتن) وانظفه رغم ضعف بصري ". ويجد الحاج حمود صعوبة في الحصول على مسلتزمات اعداد سجائره لاسيما دفاتر (اللف) و(التتن) " الكثير من الذين كانوا يشربون (اللف) تحولوا الى السجائر الحديثة لانها اكثر سهولة ن ولكن اليوم بسبب هذا الامر اجد صعوبة في الحصول على دفاتر (اللف والتتن) الجيد، وفي الغالب اكلف احد احفادي او جيراني الذين يذهبون الى الشورجة باحضارهما حيث كانت الى وقت قريب تباع في منطقتي ولكن السجائر الجديدة وقلة الطلب جعل اصحاب المحال يغيرون هذه المهنة الى مهن اخرى ".

اما الحاج عبد علي والي (79)عاما فيقول عن اهم انواع السجائر التي عاصرها " اول سجارة شربتها في ايام شبابي- طبعا بعيدا عن عيون والدي رحمه الله- كانت من نوع (غازي) وهي سجائر تركية المنشأ ثم (الجمهوري) و(بغداد) و(اريدو) وبعدها دخلت انواع اجنبية مثل (الروثمن، الكريفن) فضلا عن العراقية مثل (سومر) وغيرها " ومن الطرائف التي يرويها الحاج والي " رغم كوني مدخناً عقيقاً لاكثر من خمسين عاما فاني تركت السجائر الى الابد ". ويضيف " نصحني الطبيب بترك التدخين لان صحتي لاتسمح بذلك، البداية كانت صعبة على رجل اعتاد على السجائر منذ زمن طويل، الله سبحانه وتعالى اعطاني القوة والارادة عندما انتهزت فرصة صوم رمضان قبل عشر سنوات فتركتها والحمد لله اليوم اشعر بصحة جيدة واحاول ان اهرب من دخان سجائر الاخرين، قد افكر في العودة اليها من جديد ولكن عندما اتذكر المرض ونوبات السعال التي كانت تنتابني احمد الباري عزّ وجل على تركها ".

جيل الشباب لايعرف سجائر (المزبن) و(اللف) ربما تكون اشعار مظفر النواب هي التي تذكرهم بها كما يقول الباحث الاجتماعي سرحان اللامي " المزبن ارخص انواع السجائر المحلية وعادة يكثر الطلب عليها في اوقات الازمات وقلة المستورد وربما تكون الوحيدة انيسةً للمدخنين ايام المعتقلات في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، اما (اللف) فما زال يستخدمه البعض الى اليوم، لذا كتب الشاعر الكبير مظفر النواب عنهما وهو في معتقل (نقرة السلمان)" ويضيف اللامي " شبابنا اليوم لم يعاصر تلك الانواع بل اعتاد على مستورد مع اقبال كبير على (النرجيلة) حيت انتشرت في اغلب المناطق.

دائما نقرأ تحذيرا صحيا من مخاطر التدخين موجود على اغلب علب السجائر المحلية والمستوردة وإلزام الشركات المصنعة في اعتماد هذا الامر. الطبيب منير طارق اختصاص الامراض الصدرية يقول " يعد التدخين من عوامل المساعدة في زيادة اصابة الانسان بامراض التهاب الرئة والسرطان وايضا يؤثر على شهية الانسان ويزيد من تهيج القالون، التقليل من التدخين او تركه من الامور التي تساعد على الشفاء ". الارادة القوية من عوامل ترك التدخين كما يقول محمد حنون (61) عاما " كنت ادخن نوعا معينا من السجائر وفي مناسبة ما قدمت لي انواع لم يكن فيها النوع المفضل عندي، فرفضت التدخين فما كان من احدهم الا ان قال (هي نفس الجكاير) هذه الكلمة اثرت فيَ فقررت ان ترك التدخين نهائيا منذ ذلك الوقت واشعر بان صحتي جيدة" ويضيف حنون" الارادة القوية تحقق المعجزات وربما يكون ترك التدخين في البداية امرا صعبا ولكن بالتدريج ومحاولة التقليل من كمية التدخين حتى تركه نهائيا من الاساليب المناسبة ".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 2/نيسان/2012 - 11/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م