الحب الرومانسي

لا يسير في السكة بسبب الزمن

علي إسماعيل حمة الجاف

ما من احد منا لا يحب الرومانسية، ومصيبتنا فيها أننا افتقدناها منذ أكثر من ربع قرن، لان الرومانسية مثل الحمامة... تهرب من أجواء الدخان ولا تحط إلا على القلوب التي تغني للحب والنفوس التي ترقص للفرح...

والرومانسية بوصفها مشاعر رقيقة، وانفعالاتها معطرة بروائح القرنفل والكاردينيا والياسمين، نتوقف اليها حتى لو كان الواقع الذي نعيش فيه أشبه بالجنة...

غير ان الرومانسية في العلاقات الإنسانية هي غير الحب في العلاقات العاطفية. ففي الأول: حالة ايجابية نسعى لها، وفي الثانية: حالة ينبغي ان نحذر منها. ذلك ان هدف العلاقات العاطفية في مجتمعنا هو الزواج، والمشكلة ان الحب الرومانسي لا يسير في السكة التي تؤدي الى الزواج... بل هو يرى في الزواج انه قاتله!

ما يحصل في الحب الرومانسي انك تنبهر بالشخص الذي تراه من أول نظرة... وكأنك تستيقظ على صوت يقول لك في داخلك: "هذا هو الذي كنت انتظره العمر كله." فتلتهب فيك مشاعر شديدة من السمو، الرقة، القلق، والرغبة الجنسية... وما ان تقع فيه حتى تكون مثل رقاص الساعة في مزاجك الانفعالي، فمرة تكون طائرا من الفرح، وأخرى مضنوكا كأنك في قفص... ومرة تصعد بك البهجة الى السماء وأخرى يطرحك اليأس أرضا.

والعدو الذي يقتل الحب الرومانسي هو الزمن، فغرامه يبرد بمرور الأيام، وناره تكون مثل شمعة... تمضي نحو الانطفاء بتقدم الزمن.

ومشكلة الحب الرومانسي انه خيالي، مثالي، أشبه بحلم، والذي يقع فيه يريد ان يجعل هذا الحلم حقيقة واقعية، فيما هما عالمان متباعدان: عالم الخيال الذي كل ما فيه جميل وطريقه سهل وناعم، وعالم الواقع فيه القبيح والجميل وطريقه صعب وخشن.

وقد تستغرب ان دراسة بريطانية حديثة نصحت المتزوجين بعدم مشاهدة الأفلام الرومانسية! وعللت السبب ان المقارنة بين العالم المفعم بالعواطف الرقيقة الذي يشاهده الزوجان في هذه الأفلام، والمنغصات التي يعيشانها في عالم الواقع، يدفع الزوج او الزوجة الى لوم أحداهما الأخر على انه هو السبب في ما هم عليه من مشاكل ومتاعب وغالبا ما تبدأ الزوجة فتقول لزوجها: "وين ذيك المشاعر... وين ذيك اللهفة... وين ذاك الحب... تبخر لو ذبيتة بالشط... لو خاف هايم بحب جديد."

وطبعا ينتهي الموقف بديرة وجه اذا مو عركة من صدك...

وهنالك اعتقاد شائع هو ان الشابات أكثر رومانسية من الشباب، غير ان العكس هو الصحيح. فالفتاة ترى في الحب الرومانسي انه (لا يفتح بيت ولا يوكل خبز) و(حب جنون بدون مأذون)؛ والقلق (حالة إنسانية وأننا من دون قلق سننام جميعا في أماكننا).

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 20/آذار/2012 - 26/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م