الدولة الأسطورية إسرائيل

توفيق أبو شومر

سؤالٌ تقليدي لا أحبُّ سماعه، سؤالٌ اعتاد العربُ أن يطرحوه على أنفسهم مراتِ عديدةً، بلا ملل أو كلل، أو حتى مراجعة، سؤالٌ أصبح تقليديا وتراثيا على الرغم من أن جواب السؤال ليس صعبا ، بل هو في متناول جميعُ العرب، صغيرِهم وكبيرهم!

 سؤالٌ يزدهرُ أوانُهُ مع كل انتخابات رئاسية أمريكية، وهو:

 لماذا يتبارى مرشحو الرئاسة، والسياسيون، وطالبو المناصب العليا في أمريكا على إرضاء إسرائيل؟

إن الجواب سهل وميسور، وهو الصوت اليهودي المنظم، والمال أيضا!!

فهاهم مرشحو الرئاسة عن الحزب الجمهوري يتبارون في إرضاء إسرائيل ، وقد انضم لهم اليوم حاكم ولاية أركانسس مايك هوكابي، وهو نجم تلفزيوني وإذاعي، وإعلامي مرموق، خاض انتخابات الرئاسة للحزب الجمهوري 2008 ، فهو يزور إسرائيل اليوم ويعلن تقصير أوباما في حق إسرائيل، وهو ينتقد بشدة ضغط أمريكا على إسرائيل لمنعها من مهاجمة إيران!!

فإسرائيل عنده هي الحليف الأول في منطقة الشرق الأوسط كله!!

( جورسلم بوست 20/2/2012)

 فهل يمكن أن نستنتج من ذلك أن إسرائيل دولة أسطورية تشبه( أفروديت) معشوقة الرؤساء والزعماء ومَن في حُكمهم ، وهي أيضا ملكة الجمال الأسطورية الفتَّانة ( فينوس) مُدلَّلة أمريكا، وهي بالإضافة إلى ذلك إله الحرب (مارس) نجمة الأسلحة، سلاح الجو والبر والبحر، وهي أيضا أسطورة في الحكمة والحكماء، أليس على رأس الدولة رئيس حكيم، هو شمعون بيرس؟!!

 فهو يماثل ربة الحكمة في الإسطورة القديمة (مينيرفا) أو(أثينا)في أسطورة اليونان !!

ما سبق ليس سخرية، بل إنها الحقيقة التي تمكنت إسرائيل من ترسيخها خلال نصف قرن في العالم أجمع، فقد نجحت إسرائيل نجاها باهرا في توظيف التاريخ والدين والأحداث، واستخدمتْ فسيفسائها العرقية، لا للحروب القبلية، بل لخدمة مبادئها وأهدافها، بعد أن مزجتها بالخطط التي أشرفت عليها مؤسسات منظمة، تؤدي دورها بعناية وبتخطيط.

فقد أدركتْ إسرائيل منذ نشأتها، أهمية العناية بالجاليات اليهودية في كل دول العالم، فسفاراتها، هي مؤسسات لتقديم الخدمات للإسرائيليين في كل مكان، والجاليات اليهودية في العالم، هي الرفيد الداعم لإسرائيل في كل المجالات، ففي السفارات الإسرائيلية في دول العالم كل وزارات إسرائيل، وهي بالطبع ليست فيلات فاخرة ترفع أعلام دول فقيرة هزيلة مصابة بالقحط، يلجأ إليها رعاياها إذا اضطروا مكرهين!!

 كما أن سفراء إسرائيل في الخارج، هم ليسوا فقط موظفين حكوميين في وزارة الخارجية، بل هم من إنتاج الدفيئات العسكرية والاستخباراتية، وهم لا يحتفظون بالمناصب أو يغادرونها إذا تغيرت الحكومات، وتبدَّل وزراء الخارجية، فهم يتنقلون من دولة إلى أخرى، ولا يجعلون سفاراتهم كإقطاعات تجارية خاصة، لا يتغير السفراء طالما ظلَّ الحكام العرب ووزراء الإعلام راضين عنهم، لأنهم من الأقارب والشلة والأصدقاء، فيصبحون عمداء السلك الدبلوماسي بالأقدمية!!

أما عن الجاليات العربية – كما وصفها لي أحدهم ممن يعيشون في أمريكا- وقال : إنها جاليات اجتهادية عشوائية، فهي ليست واحدة، ولا تربطها بالسفارات العربية صلات، وقد علل ذلك قائلا:

إن العرب الأمريكيين وفق التقاليد العربية عند كثيرين من العامة هم مَن - باعوا أوطانهم وهاجروا منها، وهم في عرف الحكام العرب ، الناشزون المناكفون الثائرون المتمردون، وهم في حساب الواعين والمثقفين، الكفاءات والنوابغ والمهارات التي عجز أصحابها عن أن يجدوا أنفسهم في أوطانهم، فهاجروا للبحث عما ينقصهم في أوطانهم!

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 21/شباط/2012 - 28/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م