الامن والديمقراطية في العراق

المتناقضان والمتلازمان

رياض هاني بهار

هناك علاقة ارتباط واضحة لا يمكن تجاهلها بين الأمن بمفهومه الواسع والديمقراطية إلى الحد الذي يرى بعض المحللين انه لا ديمقراطية بغير أمن ولا أمن بغير الديمقراطية.

وتعد من أهم التحديات التي واجهت العراق عند اعتمادها الديمقراطية كصورة من صور نظم الحكم انعكاسها على الأمن، وعمل المؤسسات الامنية إذ أن هناك إشكالية تواجه النظم الأمنية السائد بسبب الاعتقاد السائد لدى البعض بأن الديمقراطية تعني انفلات الأمن والفوضى دون أي ضابط في الوقت ذاته يغفل الكثيرون عن حقيقة مفادها أن تطبيق الديمقراطية السليمة واستمرارها يحتاج إلى نظام أمن فعال ورصين يمكنها من النهوض والاستمرار في ضمان حقوق وحريات الإنسان.

 لذا العلاقة بين الأمن والديمقراطية لمعرفة فيما إذا كانت العلاقة بينهما قائمة على أساس التناقض والتنافر أم على أساس من التلازم والتكامل والتفاعل، وأيهما يحتل الأهمية أو الأولوية الأمن أم الديمقراطية؟

 إن هناك حالات ومواقف قد يبرز فيها قدر من التناقض بين بعض الممارسات الديمقراطية ومتطلبات الحفاظ على أمن وسلامة واستقرار واستمرار الدولة وفي معظم الحالات تؤكد الخبرة السياسية المعاصرة إن الأولوية لابد وأن تعطي للمتطلبات الأمنية والأمثلة واضحة في هذا الشأن.

إن الإشكالية الواضحة في نطاق العلاقة بين الأمن والديمقراطية تتلخص في أمرين رئيسيين، الأول يتمثل في أن الأجهزة الأمنية تتدخل عندما يحدث أي نوع من التجاوز من جانب أيه قوة سياسية للإطار الدستوري والقانوني المنظم للممارسة الديمقراطية يمثل تهديدا للأمن والاستقرار وهنا يثور التساؤل حول المعايير التي يجب الاستناد إليها للحزم بحدوث هذا التجاوز والجهة المختصة بتحديده، أما الأمر الثاني فيتعلق بأسلوب تعامل الأجهزة الأمنية مع مثل هذه التجاوزات وهنا تساؤل أخر يتعلق بمدى التزام هذا الأجهزة بالقواعد القانونية المنظمة لعملها في هذا الشأن، وفي الأسس التي تم بناء عليها تفضيل هذه الأجهزة لاستخدام أسلوب معين في التعامل.

 أن إشكالية العلاقة بين الأمن والديمقراطية هي إشكالية تعرفها كافة المجتمعات المعاصرة وان اختلفت في مستوى حدتها ونطاقها ولعل ما يؤكد ذلك إن الدول ذات النظم الديمقراطية العريقة هي النظم التي لديها اقوى الأجهزة والمؤسسات الأمنية العريقة أيضا وذات الكفاءة المهنية والتقنية العالية.

اما إبعاد العلاقة بين الأمن والديمقراطية: البعد الدستوري والقانوني, البعد الوظيفي، البعد المهني، البعد الاجتماعي والإنساني.

من خلال ما تقدم يمكن القول بأن العلاقة بين الأمن والديمقراطية هي علاقة تفاعلية بمعنى إن الاعتبارات الديمقراطية تؤثر في الأداء المهني إلا إن الاعتبارات الأمنية تعود لتؤثر في الممارسة الديمقراطية إلا أن الملاحظ إن طبيعة هذه العلاقة ومداها تختلف من مجتمع إلى مجتمع أخر وبالنسبة للمجتمع الواحد من مرحلة تاريخية إلى مرحلة أخرى.

كيف يمكن للديمقراطية أن تتعايش مع الأمن؟ وهل أن تدهور الوضع الأمني يؤثر على أوضاع الديمقراطية الناشئة؟ كلا السؤالين يبحثان في قضية واحدة هي علاقة الديمقراطية بالأمن ومدى التأثير المتبادل بينهما، فكلما كانت الدول اكثر ديمقراطية كلما كان التهديد الامني اقل.

السؤال: كيف يعمل الأمن في بنية الديمقراطية الناشئة؟ وبعبارة أدق يمكن طرح السؤال بالصيغة التالية: من الذي يستفيد أكثر من تخلخل الوضع الأمني في الديمقراطية الناشئة؟

فعندما اختار السياسيون العراقيون الديمقراطية كنظام سياسي ورفعوها كشعار لإدارة الدولة فعليهم الالتزام والعمل على تطبيقها وليس العمل بعكس ما تتطلبه الديمقراطية.

ومن ضمن تلك القيم الجوهرية هي الحفاظ على سلامة وامن المواطنين من تنامي نفوذ البعض، وامن الدولة من خطر النزاع والتفكك.

إن أكثر ما يهدد بناء الديمقراطية الناشئة هو قيام الدولة بالتشديد على الأمن الضيق الخاص بالدولة والتقليل من شأن الأمن الإنساني الخاص بالمواطنين والمقيمين. ترجمة هذا التشديد يمكن لها أن تظهر في تقوية وتعدد الأجهزة الأمنية وارتفاع حصتها من الميزانية العامة، كما يمكن لها أن تظهر في حدّة المواجهة مع الخروقات الأمنية الهامشية، وثالثاً يمكن أن تكون عبارة عن سلسلة إجراءات قانونية تعيد نفسها من أرشيف المرحلة السابقة.

تقودنا دراسة تجارب كثيرة لعلاقة الأمن بالديمقراطية إلى استخلاص الدرس النهائي، وهو أن مواجهة الخطر الأمني لا يمكن أن يكون فعالا إذا ما استخدمت الأدوات نفسها وحاول التماشي مع انتهاكات الحيز الأمني الإنساني أو الحيز الأمني الضيق المرتبط بأمن الدولة نفسها.

 وهذا ما حدث بالضبط في ديمقراطيات ثابتة ومستقرة عندما واجهت بعض الأخطار الأمنية بشن حروب ظاهرة وانتهاك بيّن للقيم الجوهرية للديمقراطية، وكيف انعكس ذلك بصورة واضحة على ''شرعية'' تلك الإجراءات وخرقها للقيم الديمقراطية، فمواجهة الاضطراب الأمني يتطلب إجراءات ديمقراطية، وليس مزيداً من القبضة الأمنية وتشديد الحراسة.

ما المقصود بعملية إصلاح القطاع الأمني؟

تهدف عملية إصلاح القطاع الأمني إلى ضمان الرقابة الديمقراطية على الخدمات الأمنية المقدمة، وتعزيز فعالية ونجاعة هذه الخدمات، وتستلزم عملية إصلاح القطاع الأمني ما يلي:

الأطر الخاصة بالمفاهيم، والأساليب التي من شأنها الإرتقاء بعملية إستخدام الموارد الأمنية المتوفرة.

 أسلوب إصلاحي شامل يلعب من خلاله ذوي العلاقة دوراً هاماً.

لكن عند الحديث عن الأمن في مرحلة انتقالية هناك توقعات شتى بعضها يتعلق بإصلاح القوانين الأساسية من دستور وغيره. وبعضها الآخر متعلق بإصلاح الأجهزة الأمنية وإعادة تكوين افرادها بما يتماشى مع متطلبات المجتمع الديمقراطي المراد ترسيخ قواعده.

وهناك أخيرا التطلعات الأمنية الدولية والإقليمية التي يجب عدم إهمالها للحصول على دعم دولي في عملية التحول الديمقراطي.

هناك معايير دولية لتحديد و تصنيف الاجهزة الامنية فيما اذ كانت مسخره لرغبات الحاكم او انها اجهزة خادمة للشعب، ان (مركز المراقبة الديمقراطية للقوات المسلحة بجنيف "دي كاف") هو مركز خبرات في مجالات الامن والتنمية ودولة القانون تدعم برامج الحكم الرشد والاصلاح الامني.

وتقوم هذه المنظمة الدولية بأبحاث ودراسات على التجارب النموذجية وتدعم تنمية مواصفاتها ومقاييسها وطنيا وعالميا كما تقدم توصيات عملية وتوفر برامج مساعدات للإصلاح الامني مبدئيا.

كما تستقيد ايضا من تجارب الدول الاعضاء في مجال تكريس احترام القانون وتوظيف قوات الشرطة والجيش في خدمة الشعوب وتكريس الديمقراطية وانجاح مسار اصلاح قطاع الامن.

ان تجربتنا الأمنية في العراق سادتها كثير من الاشكاليات وشابتها كثير من التشوهات وبات من الضروري ان تسلط الدراسات المتخصصة عن نقاط جوهريه غياب مفاهيم والرؤى الأمنية الجنائية وحلت محلها مفاهيم سيطرة العسكرة على الامن والمؤسف ان اغلب السياسيين الحاليين لايميزون بين السياسة الدفاعية والسياسة الأمنية نحن نسير نحو العسكرة نحو بناء (الثكنات) لاحظ المؤسسات المدنية البسيطة بحجه حمايتها عبارة عن (ثكنة عسكرية) وقادة الشرطة اغلبهم عسكر.

وارى ان اتجاه بناء مؤسسات الامن في خطر يحتاج الى مراجعه والاسوأ ان بعض من المؤسسات العسكرية تتولى التحقيق بقضايا جنائية ارى من الضروري على لجنة الامن والدفاع بمجلس النواب تتولى مهمة اين يتجه الامن العراقي نحو بناء مؤسسات استبدادية ام مؤسسات امنيه وفك ارتباط العسكرة عن مؤسسات الامن وتحدد مهام الجيش العراقي كما هو بالدستور المادة التاسعة.

 ان السمعة الدولية لمؤسساتنا الأمنية بالعراق تحتاج الى مراجعة ودراسة عما صدر من منظمة العفو الدولية ومنظمات حقوق الانسان ولجنة مكافحة الارهاب المرتبطة بمجلس الامن الدولي وتنفيذ التزامات العراق لتعود مؤسساتنا الأمنية الفتية مع العالم المتحضر بعيدا عن التعنصر والتطرف والانفراد بالقرار لكونها سلم السقوط.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 6/شباط/2012 - 13/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م