كيف ينظر الرجل العراقي الى المرأة؟

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: ما الذي يحدد نظرتنا للمرأة؟ انها الثقافة والفهم الخاطيء لبعض النصوص الدينية، وحتى هذا الفهم يمكن ادراجه ضمن الثقافة باطارها الانثروبولوجي العام، الثقافة كمفهوم انثروبولوجي وبشكل مبسط هي سلوك او طريقة حياة.. ولهذا كان اهتمام الانثروبولوجيا منصبا على المقصي والمنبوذ والمهمل من بقية العلوم الانسانية، فالموروثات الشعبية وطقوس الحياة والموت والغناء الشعبي والسحر والازياء وغيرها هي مدار هذا العلم، وهي محاولات تفكيك الرمزيات الغالبة في تلك النشاطات.

كيف ينظر الرجل الى المرأة؟

من خلال نظرة المجتمع اليها والتي هي مجموع التصورات الثقافية لذواته المتعددة عن مكانتها ودورها.. انه ينظر اليها كشيء، وهذا الشيء يمكن تجزئته الى عدة اجزاء.. هناك جسد المرأة وهو مدار اهتمامات كبرى من الجميع، وهناك الدور وايضا المكانة، منذ البغي المقدسة الى الالهة والنذور الاولى لاستنزال المطر او لدفع اللعنات كان جسد المرأة هو الهالك والمهلك في الوقت نفسه.

في سنوات شبابي الاولى فاجأني احد الاشخاص الذي اكن له معزة خاصة وانظر اليه كرجل مثقف ومتنور بسبب من خلفيته التي قضى معظمها متنقلا بين بلدان العالم، قال لي: لا تصلح المرأة لغير النكاح واعمال المنزل.. وهو رأي كثيرا ماكنت اسمعه من اخرين كلما دار الحديث عن المرأة ومن مشارب ومستويات ثقافية عدة.

في المجتمع العراقي لاتغادر المرأة نلك الوظائف لانها عماد حياتها كما تواطأ المجتمع على ذلك ولاشيء غيره.. ورغم تدين المجتمع العراقي على الاقل ظاهريا، الا انه لا يستطيع ان يتعامل مع المرأة كما يفترض به من خلال النصوص والتشريعات الدينية التي كفلت للمرأة حقوقا لايمكن للرجال ان يطيقوا تطبيقها او حتى بعضا منها.

المرأة ليس مطلوبا منها التنظيف او غسل الثياب واذا فعلت فان على زوجها دفع اجرة لها وحتى فيما يتعلق بالرضاعة فهو اي الرجل مكلف بدفع اجور تلك العملية لها.

في استطلاع للرأي اجرته إحدى منظمات المجتمع المدني في محافظة الحلة من العراق، كان 78 بالمائة من المستطلعة اراؤهم عن المرأة التي يفضلونها زوجة لهم ان تكون صاحبة تعليم منخفض.. وسبب التفضيل كما ذكر الرجال والذين تقل اعمارهم عن الاربعين عاما هو ان امراة بتلك المواصفات سوف لن تمانع في الانجاب المتكرر، اي بعبارة لم يذكروها عدم ممانعتها ان تكون ماكنة تفريخ، وسبب اخر لهذا التفضيل انها لا ترفض القيام باعمال المنزل التي يمكن ان تطلب منها خاصة اذا علمنا ان الكثير من العوائل العراقية تضم في المنزل الواحد اكثر من جيل، اي الاب والابناء والاحفاد.. والزوجة عليها تلبية طلبات الجميع بدءا من الزوج وابيه وامه الى اصغر اخوته واخواته.

اي انها وفق منطق التفضيل لهذه النسبة الكبيرة ستكون جارية لاهم لها غير توفير المتعة لزوجها وخدمة افراد عائلته.

ما هي النتائج المترتبة على مثل هكذا علاقة؟

تصاب المرأة بالكثير من العلل والامراض النفسية والجسدية، التي تنعكس سلبا على علاقتها بزوجها وبأهله وحتى باطفالها ثمرة مثل هذا الزواج.. وغير ذلك تستمر عملية التنميط المجتمعية للمرأة من خلال:

المرأة شريك غير مشارك مع الرجل - اعتماد المرأة على الآخرين - عدم الاستقلالية والاعتماد على النفس - جعل المرأة الجنس الضعيف بدلا من الجنس الناعم - أن يكون اعتمادها النفسي وكبرياؤها صادرا من الرجل وليس منها - المرأة الشريك ذات أقل الصلاحيات في الشراكة الزوجية - تقييم المرأة من قبل افتراضات مسبقة متحيزة

كيف لامرأة بمثل هذه المواصفات التي يطلبها 78 بالمائة من الرجال ان تربي ابناءها وتنشئهم تنشئة حسنة؟

جميع التواطآت الاجتماعية والتنميط لصورة المرأة ستنتقل للابناء عبر مجموعة القيم والاعراف والتقاليد الاجتماعية التي سوف يفتحون اعيتهم عليها داخل المنزل.. وسوف يعيدون نفس تجربة ابائهم في ما يتعلق باختبار الزوجة.. انها حلقة مفرغة يدور فيها الاباء والابناء لانتاج ذوات اجتماعية متخلفة لاهي تستطيع ان تلبي ولو الشروط الدنيا من متطبات النصوص والتشريعات الدينية، ولا هي تستطيع ان تواكب حجم التغيرات والهزات العنيفة التي يمر بها المجتمع العراقي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 2/شباط/2012 - 9/ربيع الأول/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م