المتجاوزون

كاظم العبودي

كثر تناول هذا الاسم بعد عام 2003 واطلق على شريحة من ابناء الوطن الحبيب ممن لم يجدوا مأوى لهم فاضطروا الى بناء دور صغيرة في اطراف المدن وبالقرب من مكبات النفايات لكي يأووا اليها بعد عناء طويل فيما لو حالفهم الحظ بإيجاد عمل.

 والواقع ان هذه الفئة هي الاشد بؤسا في المجتمع وهناك من ارتكب تجاوزات اشد فظاعة بكثير من الاستيلاء على بضع امتار من ارض الوطن المهملة وهم في وضع مضطر ونعود لموضوع التسمية التي تحمل معنى المتجاوز على القانون والذي يستحق العقاب يوما ما والواقع مغاير وذلك من عدة اوجه اولها الوجهة الشرعية فالقران الكريم يصرح من اضطر غير باغ فلا اثم عليه " وحدد الاضطرار بمقدار معين ومن هنا يكون المتجاوز مضطر لعدم امتلاكه ثمن السكن.

 اما من الوجهة العقلية فأن المتجاوز( من هذه الفئة المعدمة) بمقام المدافع عن نفسه من التشرد فمن لا يملك ثمن الدار مهدد بالمبيت على ارصفة الطرقات او في الحدائق واعني بالحدائق تلك التي سيجتها البلدية دون تشجير واذا كان في افضل حال يبتاع بيت شعر "بيت البدو الرحل " وينصبه وسط المدينة ويبتاع معه ثلاث بغال لنقل البيت من مكان الى اخر.

اما من الوجهة القانونية فأن المدافع عن النفس ليس بمجرم لأنه اقدم على درئ خطر الموت مضطراً كذلك المتجاوز على الارض اقدم على التجاوز مضطراً "ما متعافي" والدليل هو دور المتجاوزين التي لا تبلغ مساحة اغلبها 100م2 ووضعها المزرى والمأساوي ومحاصرتها بالمستنقعات.

ناهيك عن ان القانون العراقي ضمن العيش الكريم لأبناء البلد وفي حالة المتجاوزين اخل المسؤولون في واجباتهم وهي توفير العيش الكريم لان اغلب دور التجاوز لا تتوفر فيها ظروف العيش الكريم حتى في ادنى مستوياته.

 اذاً انطباق تسمية المتجاوزون على من شيد داراً مضطراً على ارض لا يملكها هي غير صحيحة من الناحية العقلية وانما تنطبق على الكثير من المسؤولين الذين تجاوزا الشرع والقانون دون اضطرار الى هذا التجاوز يتبعهم الموظفين الفاسدين ادارياً هذه الشرائح هي المتجاوز على حقوق الناس وهي التي سلبت قوتهم وجعلتهم مضطرين الى السكن بهذه الصورة بل اتسعت الظاهرة وامتدت على الاراضي الزراعية وجرفت البساتين وخلفت افواجاً من العاطلين عن العمل.

ولم نر اي مبادرة فعلية من قبل المسؤولين لحل قضية بناء الدور السكنية "التجاوز" سوى مبادرة خجولة لتوزيع كل المواطنين قطع اراض وهي خطوة لم يتصورها العراقيون ولا تخطر ببالهم لذلك وضعت في ادراج مكاتب المسؤولين لأنها تصب في مصلحة الفقراء من ابناء الوطن ولربما لان هناك قوانين مهمة ومصيرية شرعها البرلمان العراقي !

 او لان هناك ازمات سياسية تعصف بالبلد ويجب ان يجلس الفرقاء حول الطاولة المستديرة لحلحلتها ! بينما يجلس الفقراء تحت سقوف متهالكة ان وجدت ولعلي اغتاب او اتجنى على المسؤولين لان العراق لا توجد فيه ارض صالحة للسكن وكل اراضيه زراعية ان لم تكن مأهولة بالسكان مما اضطروا الى بناء المجمعات السكنية العمودية وخير دليل هو مجمع الصدر السكني ومجمع الشموخ السكني الذي بدء العمل به منذ 6 اعوام ولم يكتمل العمل فيه بعد وما بناء دولة الامارات لجزيرة النخلة بنفس الفترة الا لتوفر الظروف الامنية.

 ويجب ان يتحلى الشعب العراقي بالصبر لان الصبر مفتاح الفرج اما المرحوم الحاج منتظر الذي يسكن في بيت صفيح "تجاوز" مقابل مجمع الصدر السكني وتوفاه الاجل وهو بحسرة شقة من ذلك المجمع فأن الله لم يكتب له ذلك في سجله.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 16/كانون الثاني/2012 - 22صفر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م