حتى الويسكي صار حلالا؟!

كاظم فنجان الحمامي

ينبغي أن لا نندهش بعد الآن من غرائب التحليل والتحريم، خصوصا بعد أن صار قتل الناس في الأسواق والمتنزهات حلالا بلال، وبعد أن صار الانتحار بالأحزمة الناسفة في المساجد والكنائس جهاد، وبعد أن صارت عادة نبش القبور وحرق رفات الموتى من طبائع وطباع المليشيات المتأسلمة في ليبي، وبعد أن صار اختلاس المال العام بابا من أبواب السرقات المشرعنة، وبعد أن صار الحلال في تركيا حراما في العراق، والحرام في السودان حلالا في لبنان، وبعد أن صارت لحوم الخنازير تباع في الأسواق العربية وقد ختمت بكلمة (حلال) بحروف واضحة.

وها نحن اليوم نسمع بوصول الدفعة الأولى من الويسكي (الحلال)، الذي طالبت بإنتاجه النائبة الكويتية المثيرة للجدل (سلوى المطيري) في محاولة منها لإيجاد أرضية وسطية بين (متع الغرب وملذاته) وبين (قيم الإسلام والشرق العربي)، فبذلت قصارى جهدها في حث الشركات المنتجة للمشروبات الروحية لتصنيع خمور (خالية من الكحول) تحمل طعم ونكهة ومذاق ورائحة الويسكي الاسكتلندي المعتق، قالت عنها: ((أنها ستكون مشروبات طبيعية لذيذة ومنعشة، تمنح الشعور بالبهجة والفرح الغامر، وتجدد الطاقة، وتريح الأعصاب))، وكادت أن تأتي هذه النائبة بنوائب أخرى عندما طالبت بإصدار قانون يتيح للكويتيات شراء أزواج من الشباب الحلوين، بمقاييس ومواصفات هرقلية، وجلبهم من المدن الإسلامية في البوسنة والهرسك، أو من تركيا وأذربيجان وإقليم الشيشان، وأوزباكستان وداغستان، بهدف تحسين النسل والقضاء على العنوسة هناك..

تبرعت أكثر من شركة أمريكية، وشركة ألمانيّة لتحقيق أحلام (سلوى الكويتية) وإنتاج الخمور (الإسلامية الحلال)، وتسويقها إلى المدن العربية المتلهفة لشرب المحيط كله على ذمة العالم الأزهري، الذي تبرع هو الآخر بوضع اللمسات الشرعية على قناني المشروبات الجديدة، وقال في تصريحه للإعلام: (أن العبرة في حل أو حرمة هذا المشروب بالسكر، فان كان مسكراً فهو حرام، وإن كان خلاف ذلك فلا بأس بتناوله)، بمعنى أن لا ضير من رشف كؤوس الويسكي الجديد مع قليل من المزة اللبنانية الشهية، وعلى أنغام الموشح الأندلسي: (ليلنا خمرٌ وأشواقٌ تغني)، وجاء الويسكي الحلال بحلة جديدة، وقوارير مزركشة، ومرصعة بالذهب والفضة، روعيت فيها ملامح الليالي السلطانية المخملية، وحكايات ألف ليلة وليلة..

قالت شركة (أركاي)، التي اكتشفت الوصفة السحرية للنبيذ (الحلال): أن سعر القارورة الواحدة سوف لن يقل عن عشرين ألف دولار، دولار ينطح دولار، وان الطعم الاستثنائي للنبيذ الحلال يجعلك تستمتع بطعم الويسكي في كل الأوقات، في الليل والنهار، بموافقة وتأييد مجلس الغذاء والتغذية الإسلامي في أمريكا. وأغلب الظن أن موافقة هذا المجلس الأمريكي الإسلامي ستحسم الأمر، وتفي بالغرض، وتجعل الجماعة في حل من أمرهم خصوصا بعد أن تهافتوا على تقديم فروض الطاعة والولاء المطلق لأمريكا وشقيقاته، واصطفوا معها في حروبها ومعاركها وسياساتها المعادية للعرب والمسلمين، فما الذي يدعوهم لعصيانها بعد الآن في شرب بضعة كؤوس من الويسكي (الحلال) والتهام الكباب المصنوع من لحوم الخنزير (الحلال) على ذمة البيت الأبيض..

والله يستر من الجايات...

سؤال

إذا لم يكن هذا الويسكي مسكرا ومخدرا ومسحورا ومريبا فلماذا يبيعون الزجاجة الواحدة منه بسعر سيارة شفروليت حديثة بالباكيت؟؟

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 31/كانون الأول/2011 - 6/صفر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م