المادة الثانية لا تحتاج للتعديل!

حسن الأنصاري

ابتداء من المجلس التأسيسي وحتى المجلس المقبل فإن محاولة تعديل المادة الثانية من الدستور سوف تكون المحاولة الثامنة، الدستور الكويتي لم يصادر حق التشريع في التعاملات اليومية طبقا للشريعة الاسلامية .. أما التطبيق المطلق لأحكام اسلامية فيعني إلغاء الدستور بأكمله!

الغريب في الأمر هو لجوء الاسلاميين الى النظام الديمقراطي وعبر الانتخابات حسب قانون وضعي كافر - حسب ادعائهم - لكي يتم الاعتراف بنظام اسلامي طبعا وبعدها تتغير المادة الرابعة من الدستور لتصبح «الكويت إمارة إسلامية» بدلا من «وراثية» ثم ننسلخ من الديمقراطية ونعود الى زمن دول الخلفاء!.

المادة الثانية من الدستور لا تمنع إصدار قوانين إسلامية، والجدير بالذكر أن مجلس الأمة وخلال الفصول التشريعية السابقة لم تصدر عنه قوانين تتعارض مع الشريعة الاسلامية بل أصدر قوانين مطابقة لها، ولكن يبدو أن نتائج الانتخابات في تونس ومصر شجعت البعض على تجديد المطالبة بتعديل المادة الثانية إلا أننا في ظل المعطيات التي نعيشها فإن عوامل الظروف الحالية أصبحت أكثر تعقيدا بسبب الصراعات المذهبية الطائفية، وإن المطالبة وراء التعديل ليست بهدف الحرص على أسلمة القوانين كما كان قبل ثلاثين سنة، بل إن الهدف هو تسييس الدين!

ومع معطيات الاضطرابات في الدول الخليجية فإن التفكير في التعديل من خارج المجلس قد يفسر على أنه مطالبة بالتغيير الجذري لنظام الدولة نظرا لعدم ملاءمة الظروف والأوضاع السياسية.

القضية المحورية في الأمر هي حكم توارث الدولة (المادة الرابعة)، حيث رئاسة الدولة جاءت ضمن عقد مراضاة واختيار بين الأسرة الحاكمة والشعب لا يدخله الاجبار والاكراه ولو أن التوارث محصور في ذرية المغفور له الشيخ مبارك الصباح فإن الحكم ينتقل وفقا للدستور بالاختيار وموافقة الأمة من خلال المبايعة العامة لا بالتعيين، وولاية العهد أيضا لا تأتي بما لا تقره الأمة وترضاه، والامارة عقد، وشروط البيعة وفرها الدستور.

 وهنا أيضا نلاحظ وجود المبدأ الاسلامي حيث المبادىء العامة طبقا للشريعة الاسلامية تركت أمور التعاملات وإدارة الدولة للاجتهاد خصوصا اننا نعيش زمن التنافس الاقتصادي والسياسي، حيث مازالت الأنظمة الاسلامية تهتم فقط بتطبيق حدود السرقة والزنى ولكنها تفتقر للأنظمة والبرامج الاقتصادية التنافسية بعد أن أصبح العالم قرية صغيرة، وشبكة علاقات البنوك والشركات والتجارة الحرة أصبحت قواعدها دولية ومنظماتها هي التي تتحكم بالتطور المدني.

المسألة ليست سهلة كما يتصورها البعض وتجربة الانتخابات في تونس ومصر إلى الآن لم تأت بجديد، وأما التجربة الليبية فقد تكون الأسوأ لو صدق خبر تبادل السفراء بينها وبين إسرائيل!.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 20/كانون الأول/2011 - 24/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م