هل للعرب إعلام حر ونزيه؟!

غريبي مراد

لا جدال حول موقعية الإعلام العربي السمسار، فيما يخص مجريات الأحداث العربية المتسارعة، وما هنالك من تسابق نحو ترويج مقولة الربيع العربي والثورات العربية وبزوغ الوعي السياسي العربي، وفي ذات السياق هذا الإعلام النمطي المتوافق مع أطر سياسية معروفة للقاصي والداني من العرب والمسلمين والنخب الغربية الحرة والفاعلة في مجال حقوق الإنسان والحريات...

بصراحة: إنه الإعلام العربي الحداثي الذي دخل في مرحلة جديدة تختلف من حيث الآفاق والأبعاد وأساليب التمويه والتوجيه والتشويه عن مرحلة احتلال العراق وأفغانستان وحرب تحرير الجنوب اللبناني سنة 2000 وحرب الوعد الصادق سنة 2006، حيث هذا الإعلام هو في العمق لسان حال مموليه الذين ينتظرون المخططات والمشاريع وجداول العمل من العم سام وحلفائه بالغرب الصهيوني، لأن القراءة الموضوعية والمنهجية لتطور هذا الإعلام خلال العقدين الأخيرين، تكفي للكشف عن خيوط دور هذا الاعلام- التدميري- للوعي السياسي للإنسان العربي من خلال ستائر التقليد والتفكيك للمواضيع واستغلال البساطة الثقافية للإنسان العربي والتي تفتقر للحس النقدي والفلسفة التحليلية للأمور والتطورات، ناهيك عن مدى تأثير الصورة، وكيف للصورة أن تكون استلابا، وعلى حد قول أبو حيان التوحيدي: إذا ازدحم الجواب اختفى الصواب...؟!

ببساطة: هذا الاعلام العربي الذي يدّعي الحرية في التعبير والنقد والتحليل وما هنالك، هو في العمق إعلام معطلة حريته باسم حرية الاستبداد، لأن المقاربة الوحيدة للأحداث الراهنة تعكس حقيقة هذا الاعلام المنافق والمستعبد من قبل أرباب رؤوس أمواله، وخير مثال هو مقاربة التدخل التركي في الشأن السوري مع التدخل الإيراني في الشأن البحريني، ناهيك عن تثبيت الكاميرات على ميدان التحرير بمصر والاستماتة في ادعاء مساندة الشعب السوري ضد نظامه البعثي وتحوير ما حدث بالكويت مؤخرا لزعزعة الأمن ومحاولة تفكيك أواصر الشعب الكويتي مع قيادته الحكيمة، وبدون أدنى اهتمام بالوضع في اليمن حيث يقتل يوميا قرابة 20 مدنيا والتضليل على حقائق أوضاع سجناء الرأي والمفقودين بالبحرين، لأن كل تلك البؤر الثائرة تسليط الضوء عليها يعني إيذانا بساعة الحسم للاستغفال الإعلامي للشعوب العربية وزجها في صراعات وهمية طائفية أكل منها السلاطين ووعاظهم عبر التاريخ العربي الإسلامي منذ زوال ما يسمى بالخلافة الراشدة إلى غاية سقوط الخلافة العثمانية ولا تزال فلاحة سياسية ذات الأهمية....

بكلمة: إن كل محاولات هذا الاعلام آيلة للفشل، لأن الحقيقة الوحيدة التي كتبت بماء من ذهب وبدم حر هي كلمة أمير المؤمنين(ع): «الصدق صلاح كل شيء» ولقد أثبت التاريخ أنه رغم كل ذلك الباطل السلطاني الذي استمات لتغطية الحق الإسلامي المتجسد في شخص الإمام علي (ع) لكن ما زال صوت علي صداحا في الآفاق بالحكم والمواعظ والوصايا والنماذج الحية والمشرقة للإسلام الأصيل المنفتح على الإنسانية والحياة والكون كله في السياسة والاجتماع والاقتصاد والعلوم والمعارف والسلوك والمواقف...

 هكذا مهما تراكم الكذب والنفاق الإعلاميان لكن حبالهما قصيرة وتبقى العبرة بالخاتمة لأن لكل شيء نهاية إلا الحق صميم الأصالة.. وحتى تتضح الصورة لابد من التساؤل بصدق: هل للعرب إعلام حر ونزيه؟! والله من وراء القصد.

www.aldaronline.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 11/كانون الأول/2011 - 15/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م