نحن والإمام الجواد (ع)

غريبي مراد

يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيـراً} (الأحزاب/33)، ومن أهل هذا البيت، الإمام محمد بن علي الجواد (ع)، الذي مرت علينا ذكرى شهادته قبل أيام، إنه أحد الأئمة الأطهار (ع) المعجزة بعمره وعلمه وسيرته وكلماته المنيرة الشامخة عبر الزمن الإسلامي كله، حيث ملأ (ع) الحياة صفاء وطهرا وعلما وإيمانا وتحضرا وإسلاما وفق تعاليم شريعة الإسلام الأصيلة والسمحة، وككل الأئمة الأطهار (ع) أرشد المسلمين لصناعة المناعة الثقافية الإسلامية والقوة الإيمانية الرسالية في وجه المؤامرات والتحديات الناقمة من الإسلام الأصيل على طول الزمن كله...

بصراحة: ككل أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، لا يزال تراثهم مجهولا أو مغيبا على مستوى الوعي الإسلامي العام، مما جعل الواقع الإسلامي محروما من الخطوط المضيئة في سير الأطهار (ع)،والإمام الجواد (ع) سيرته العطرة لم تنل القسط الأوفر من الدراسة والتباحث بين المسلمين لتنوير الأجيال بالأدب الإسلامي والثقافة الإيمانية وصناعة النباهة الرسالية، فمما نلحظه في أغلب الدراسات المتوفرة حول سير الأئمة الأطهار (ع) المتأخرة، تقتصر على جوانب السيرة العامة، إلا تلك البحوث المسؤولة التي يضطلع بها العديد من العلماء المحققين والرساليين في مدرسة أهل البيت (ع)، لتنبيه أجيال أتباع أهل البيت والمسلمين عامة بقيمة الوزن الحضاري والنور الثقافي لأهل هذا البيت عليهم السلام، وتصحيح الأفكار المتصارعة حول حقائق وقيم هذه المدرسة الإسلامية الحضارية بين المعتمد على الدور والهدف في سير أهل الأطهار (ع) والمقتصر على العنوان العام بالبساطة الإعلامية الفارغة من التفعيل الثقافي..

ببساطة: أتساءل كالعديد من المسلمين ماذا يمثل أهل البيت (ع) في حياتنا المسماة إسلامية؟ ولماذا يتوفى أو يشيب العديد من المسلمين دون أن يعرف هؤلاء الأنوار وكيف نتجاوز هذه الحالة التي تجعل واقعنا يتراوح بين صراعات وشكوك وتخلف عن معرفة أهل البيت الذين طهرهم الله تطهيرا؟؟

بكلمة: هذه الأسئلة هي مدخل مهم في إصلاح ذات البين بيننا كمسلمين، لأن من عرف أهل البيت (ع) ولم يلتزم أخلاقهم ولم يستلهم ولايتهم فقد ظلمهم، ومن لم يتعب نفسه في معرفة السلسلة الذهبية لهذا البيت الطاهر المطهر فقد ظلم نفسه، وكلا الطرفين قد ظلم المستقبل الإسلامي من الإشراقة الحضارية الإنسانية لكل البشرية، بسبب تفرقنا عن معرفة الطهر الإسلامي الجامع الذي أرشدنا إليه الرحمن الرحيم...

هكذا اليوم نلتقي بالإمام الجواد (ع) لنتعلم كيف نلتقي مع بعضنا البعض كمسلمين لنتعاون على البر والتقوى وننشر ثقافة المحبة والأخوة في أوساطنا دون أن نتعقد من تنوعنا الذي هو في العمق غنى أمتنا الخلاق للحضارة الإسلامية الخالدة، ومما ورد عنه سلام الله عليه قوله:{حَسْبُ المرء من كمال المروءة تركُه ما لا يَجْمُلُ به، ومن حيائه ألاَّ يلقى أحداً بما يكره، ومن أدبه ألا يترك ما لا بدَّ له منه، ومن عرفانه علمُه بزمانه، ومن ورعه غضُّ بصره وعفة بطنه، ومن حُسن خُلُقه كفُّه أذاه، ومن سخائه برُّه بمن يجب حقّه عليه وإخراجه حقّ الله من ماله، ومن إسلامه تركه ما لا يعنيه وتجنّبه الجدال والمراء في دينه}...

السلام عليك مولانا أبا علي يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا...والله من وراء القصد.

www.aldaronline.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 31/تشرين الأول/2011 - 3/ذو الحجة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م