أي زنقة سيختار الشعب التونسي؟

غريبي مراد

هكذا ستشهد تونس ما بعد الرئيس المخلوع بن علي، يوم 23 أكتوبر المقبل انتخابات المجلس التأسيسي، والتي يضع عليها شباب الثورة آمالاً كبيرة في وضع تونس على السكة لعهد جديد ملؤه العدالة والتنمية واحترام حقوق الإنسان وتجاوز الحقبة الماضية من التسلط والنظام البوليسي والاحتكار الاقتصادي والبطالة المستشرية، حيث هناك رهانات كثيرة بين التيارات السياسية العتيدة والقادمة من اللجوء السياسي وأخرى نيوليبرالية بالإضافة للسلفية التونسية الصاعدة من العدم «الإسلاموي» في تونس الخضراء...

بصراحة: هناك هواجس عديدة فيما يتعلق بالمستقبل السياسي لتونس الخضراء، خصوصا بعد الأحداث الجارية في ليبيا ما بعد ملك ملوك افريقيا، فهل ستدخل تونس في زنقة غربية أم زنقة سلفية أم زنقة إخوانية، أم أن حظ زنقة الاشتراكية الليبرالية لا يزال قادرا على استعادة القيادة لهذا البلد الجنة، خصوصا بالنظر للقيادات في مؤسسات الإعلام والمالية ومراكز حساسة في مؤسسات الدولة والجيش والأمن العام، التي تعتبر رموزاً قديمة في نظام بورقيبة وحتى خلال بعض الفترات من نظام المخلوع بن علي...هل ستتفتح وردة ثورة الياسمين على مجلس تأسيسي ممثل حقيقي للتطلعات التغييرية للشعب التونسي الأبي وبناء دولة الإنسان المدنية الخلاقة للتنمية المستدامة أم نسخة جديدة للنيوليبرالية الغربية؟

بكلمة: هناك مؤشرات عديدة تهدد مستقبل التغيير والإصلاح والديمقراطية الشعبية في تونس، وعلى رأسها خطر استحواذ النيوليبرالية على السلطة من جديد والذي يعتبر خطراً حقيقياً بالنظر لكل تلك الإحصائيات والإسقاطات التي يحاول أصحابها في الغرب تصوير أن الخطر إسلامي، حيث ان هذا التقدير والاستشراف الغربي المصدر والعلماني في تونس، يستهدف نشر هاجس البعبع الإسلامي-خاصة حركة النهضة- بين الأطياف التونسية، لدفع نتائج الانتخابات المقبلة لصالح شركاء فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي قطع الطريق أمام الرموز «الاسلاموية» المنفتحة على التمدن السياسي والديمقراطية...

ببساطة: زيارة وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون لتونس التي كانت متزامنة مع تطور أحداث ثورة الياسمين بتنظيف المؤسسات من رموز النظام السابق، ما هي إلا محاولة للبصم بقوة أن أميركا كسمسار للديمقراطية في العالم حاضرة ولها كلمة في ما يخص من سيحكم تونس بعد بن علي، ويتجلى ذلك في زيارة الرئيس الانتقالي لواشنطن، بالإضافة لواقعة استقبال زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي عند عودته من لجوئه السياسي بعد هروب المخلوع بن علي، حيث رفع رواد «النيوليبرالية» الملابس الداخلية للنساء كإشارة إلى أن التحرر النسائي والعلمانية ما زالا قائمين كمحاولة لاستفزاز التيار الإسلامي المنفتح (النهضة) ورسالة لكل التيارات المحافظة بأن الدولة مستحيل أن تكون إسلامية رغم أن النهضة رسالتها معاصرة ومنفتحة وواقعية مرتكزة على مقومات الهوية العربية والإسلامية لتونس الخضراء...

كل ما هنالك، أن الغرب على الرغم من كل الاحتمالات الواردة بخصوص الثورات العربية، إلا أنه ينظر للواقع العربي نظرة جرَّاح التجميل، رغم المتاعب والرهانات إلا أن البراغماتية الغربية تفرض هذا الخيار، وبالتالي نستوعب أن تونس بين جحيمين اثنين التيار النيوليبرالي المحافظ على المصالح الغربية والتيار الإسلامي المتطرف الذي يستقطب القواعد العسكرية والبروتوكولات الانتدابية للمنطقة كما يحصل في ليبيا، بينما الضحية في ذلك كله المشروع الوطني التونسي القائم على الديمقراطية الشعبية والمرتكز على القيم العربية والإسلامية...

 فهل ستبقى تونس خضراء أم ستتلون بألوان النقيضين الليبرالية الجديدة أو الخوارج الجدد؟ وأي زنقة سيختار الشعب التونسي؟! الجواب يوم 23 تشرين الأول...والله من وراء القصد.

www.aldaronline.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 19/تشرين الأول/2011 - 21/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م