كيف؟ وجوابها!!

غريبي مراد

هل سينجح سماسرة السياسة العالمية في إعادة ترتيب الواقع السياسي العربي كما يشاؤون؟ الجواب السريع ذوقه كمذاق الأكل السريع، مسكن للجوع الكاسح لكل مواقع التخطيط والتنظيم في حياتنا العربية الراهنة، أما الجواب الموضوعي والاستراتيجي فإنه بحاجة ليس لصحوة فقط كالتي تحدثت عنها النخبة الإسلامية في طهران أيام 17-18 /9/2011، ولكن لابد أن يبدأ الجواب من أدق سؤال في واقعنا كعرب ومسلمين... قد نتساءله مرات عدة وسنين أخرى إنه سؤال: «كيف؟»

بصراحة: «كيف؟» سؤال نسمعه في بيوتنا والديوانيات والتجمعات الجماهيرية والخطب والمواعظ الدينية والقاعات الاجتماعات المؤسساتية وبرامج التحليل السياسي والتفلسف التاريخي والتناحر المذهبي والتشاكس الكروي، كما نقرؤه على صفحات الصحف والكتب والانترنت، لكن هيهات أن نجيب عن «كيف؟» مادامت «لماذا» تأسرنا و«كم» تؤرقنا و«متى» تسحرنا، لأننا كعرب ومسلمين نصنع أجوبة بالأهواء أكثر من العقول، مأزقنا في مصدر الإجابة لدينا، نجيب لنرضي الهوى الشخصي والحزبي والطائفي وو... حيث يطول طابور الوساطات أمام باب الإجابة، وأخشى ما نخشاه إجابة الله الذي ينادينا لما يحيينا...!!!

بكلمة: نجاح السماسرة نسبي لأن الصحوة لدينا نسبية، حيث جواب «كيف؟» لا يزال نسبيا بالجهة والطائفة والحزب، هناك ضيق في كل شيء لدينا، حتى الابتسامة على وجوهنا ضيقة، هناك شح في الإحسان وكرم في الإيذاء لبعضنا البعض، هناك حساسية بآذاننا للحق فلا نستمتع إلا بسماع الباطل والعياذ بالله، أما الكلام فذاك الطامة الكبرى، إنه روح واقعنا جدلي بتعبير الاجتماعيين، وكما ورد عن لقمان الحكيم:{إذا أراد الله بقوم سوءًا سلط عليهم الجدل وقلة العمل}...

ببساطة: إننا نتجادل حول مفاهيم عظيمة مثل الانفتاح والتسامح والتقارب والتعارف والإصلاح والتجديد والتنوير والتعايش والإحسان والتعاون والتكافل وما هنالك، لكن ثلة منا هي التي تجسدها في الواقع، وفي نهاية المطاف نضحي بهذه الثلة في وسط المعارك الوهمية وحروب الاستنزاف الجدلي، ثم نعود من جديد بعد التعب الجدلي نتساءل: «كيف؟» بينما مثلنا كمثل الأحمق الذي يلعب بجوهرة ثمينة يرميها يمينا وشمالا دون التفات لقيمتها، ثم يأتي الشاطر توم يستغفل الأحمق ويأخذ منه الجوهرة ليستثمرها في تغيير مجرى حياته...

هكذا «كيف؟» يوم نجيبها بعقولنا لا أهوائنا ستكون ثوراتنا ربيعية وليست فوضوية!! صدق أمير المؤمنين(ع) حين قال:{الأحمق من كان عقله وراء لسانه والعاقل من كان لسانه وراء عقله}.

فهل نجيب عن كيف؟ أم نترك توم يعيد ترتيب فوضانا كما يشاء؟! والله من وراء القصد.

www.aldaronline.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 5/تشرين الأول/2011 - 7/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م