معارك الانترنت... على هامش الصراعات الدولية

تجسس وتخريب بين كر وفر

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: يحذر خبراء الأمن الالكتروني بان الانترنت بات أكثر هشاشته وعرضه للاختراق من خلال ازدياد الهجمات المتواصلة بصورة ممنهجة ونظامية عليه، والتي قد تقف ورائها أكثر من دولة ومنظمة، حيث تجري العديد من عمليات النهب والسلب والاحتيال وسرقة المعلومات بصورة يومية من دون أن يكون هناك رادع أو مانع حقيقي لهذه السرقات الدولية، وفي معرض تبادل الاتهامات ومحاوله إثبات أو نفي التهم عن بعضها الأخر، وجب قبل ذلك أن يقع الجميع على السبب الحقيقي وراء هذه التطورات الخطيرة والخروقات الواسعة النطاق، في وقت تنامى فيه اعتماد البشرية على الشبكة العنكبوتية بعد دخولها اغلب مفاصل الحياة.

أكبر حملة لاختراق الشبكات

اذ كشف خبراء أمن اكبر سلسلة من الهجمات الالكترونية حتى الان اذ تتضمن اختراق شبكات 72 منظمة منها الامم المتحدة وحكومات وشركات في أماكن مختلفة من العالم، وقالت شركة مكافي للامن الالكتروني التي كشفت عمليات الاختراق انها تعتقد أن هناك "طرفا يتمثل في دولة ما" وراء الهجمات لكنها رفضت تحديده بالاسم غير أن خبيرا أمنيا اطلع على عملية الاختراق قال ان الدلائل تشير الى الصين، والقائمة الطويلة للضحايا في الحملة التي استمرت خمس سنوات تضم حكومات الولايات المتحدة وتايوان والهند وكوريا الجنوبية وفيتنام وكندا ورابطة دول جنوب شرق اسيا (اسيان) واللجنة الاولمبية الدولية والوكالة الدولية لمكافحة المنشطات ومجموعة متنوعة من الشركات من مؤسسات دفاع الى شركات للتكنولوجيا المتقدمة، وتقول شركة مكافي انه في حالة الامم المتحدة اخترق المتسللون نظام الكمبيوتر لامانة المنظمة الدولية في جنيف عام 2008 وظلوا مختفين لمدة عامين تقريبا واطلعوا على بيانات سرية، وكتب ديمتري البيروفيتش نائب رئيس مكافي لابحاث المخاطر في تقرير من 14 صفحة صدر مؤخراً "فوجئنا من التنوع الهائل للمنظمات التي وقعت ضحايا وأذهلتنا جرأة الجناة"، وأضاف "ما الذي يحدث مع كل هذه البيانات، ما زال سؤالا مفتوحا الى حد كبير، لكن حتى اذا استخدم جزء محدود منها في صنع منتجات أكثر قدرة على المنافسة أو هزيمة منافس في مفاوضات حيوية فان هذه الخسارة تمثل خطرا اقتصاديا هائلا". بحسب رويترز.

وعلمت مكافي حجم حملة الاختراق في مارس اذار الماضي عندما اكتشف باحثوها اثار الهجمات أثناء اطلاعهم على محتويات خادم "للقيادة والتحكم" اكتشفوه عام 2009 في اطار تحريات حول الاختراقات الامنية في شركات دفاع، وتقول مكافي ان بعض الهجمات استمرت شهرا واحدا فقط لكن أطول فترة اختراق والتي وقعت ضحيتها اللجنة الاولمبية لدولة اسيوية لم تذكر اسمها استمرت لمدة 28 شهرا وان كان بشكل متقطع، وقال البيروفيتش "يجري اغتصاب ونهب شركات وهيئات حكومية كل يوم، انها تفقد مزايا اقتصادية وأسرارا قومية لصالح منافسين عديمي الضمير"، وأضاف "هذه أكبر عملية نقل للثروة من حيث الملكية الفكرية في التاريخ، الحجم الذي تجري به هذه العملية مرعب حقا"، وقال جيم لويس وهو خبير الكتروني يعمل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بعد اطلاعه على ما اكتشفته مكافي ان من المرجح جدا أن تكون الصين وراء الحملة لان بعض الجهات المستهدفة لديها معلومات ذات أهمية خاصة بالنسبة لبكين، وعلى سبيل المثال تعرضت أنظمة اللجنة الاولمبية الدولية وعدد من اللجان الاولمبية لدول أخرى للاختراق خلال الفترة التي سبقت أولمبياد بكين عام 2008، وقال لويس "كل شيء يشير الى الصين، وربما يكونون الروس لكن هناك ما يشير للصين أكثر من روسيا".

الرد الصيني

الى ذلك وصفت صحيفة الشعب الصينية الرسمية تلميحات اشارت الى ان بكين وراء حملة لاختراق شبكات الانترنت الخاصة بالحكومات والشركات بانها غير مسؤولة، حيث قالت شركة مكافي للامن الالكتروني والتي كشفت عمليات الاختراق انها تعتقد أن هناك "طرفا يتمثل في دولة ما" وراء حملة الهجمات المستمرة منذ خمس سنوات على شبكات الكمبيوتر للحكومات والمنظمات والشركات لكنها رفضت تحديده بالاسم غير أن عددا من خبراء الامن اطلعوا على عملية الاختراق قالوا ان اصابع الاتهام تشير الى الصين، ولم ينقل تقرير صحيفة الشعب المتحدثة باسم الحزب الشيوعي الحاكم في الصين اي تصريحات لمسؤولين ردا على مزاعم الاختراق، وقالت الصحيفة "في واقع الامر تزايد هذا العام عدد هجمات الاختراق التي استهدفت المنظمات والشركات الدولية الشهيرة وعمدت بعض وسائل الاعلام الغربية مرارا الى ذكر اسم الصين بصفتها الجاني وراء تلك الاحداث"،  الا ان الصحيفة قالت ان "ربط الصين باختراق شبكات الانترنت امر غير مسؤول". بحسب رويترز.

واضافت "يزعم تقرير مكافي ان طرفا يتمثل في دولة ما ضالع في عملية تجسس واسعة النطاق على الانترنت الا ان تحليلها يفتقر بصورة واضحة للدقة والتمحيص"، وتضم القائمة الطويلة للضحايا في حملة الاختراق حكومات الولايات المتحدة وتايوان والهند وكوريا الجنوبية وفيتنام وكندا ورابطة دول جنوب شرق اسيا (اسيان) والامم المتحدة واللجنة الاولمبية الدولية والوكالة الدولية لمكافحة المنشطات ومجموعة متنوعة من الشركات من مؤسسات دفاع الى شركات للتكنولوجيا المتقدمة، وقال جيم لويس وهو خبير الكتروني يعمل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بعد اطلاعه على ما اكتشفته مكافي ان من المرجح الى حد بعيد أن تكون الصين وراء الحملة لان بعض الجهات المستهدفة لديها معلومات ذات أهمية خاصة بالنسبة لبكين، ووصفت مكافي الحملة بانها الاكبر على الاطلاق التي اكتشفت حتى الان لاختراق الشبكات، وأوردت الصحيفة الصينية تعليقات على الانترنت تشير الى ان مكافي نشرت تقريرها لحض الجمهور كي يشتري المزيد من تقنياتها الخاصة بأمن شبكات الكمبيوتر.

برنامج جديد للبنتاجون

فيما قام أحد مخترقي شبكة الانترنت الذي أصبح فيما بعد مسؤولا دفاعيا بوضع برنامج جديد يتيح لوزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) تدبير تمويل بصورة أسرع لمجابهة التحديات الصعبة الخاصة بأمن المعلومات الالكترونية، وقال بيتر زاتكو "ويعمل الان في وكالة مشروعات الابحاث الدفاعية المتقدمة" انه انضم الى هذه الهيئة البحثية التابعة للبنتاجون في محاولة لبناء جسور تربط بين احتياجات الامن الالكتروني للحكومة والمتسللين الذين يعملون لدى مشروعات مبتكرة، وقال زاتكو الذي يستنكر بطء استجابة الحكومة الامريكية امام التغيير ان ما وجده هو بيروقراطية ثقيلة الوطأة من جانب الحكومة، لذا ففي احدث محاولة لتطبيق الخبرة العملية الخاصة بالامن الالكتروني على الحكومة قامت وكالة مشروعات الابحاث الدفاعية المتقدمة بتطبيق برنامج بغية الحد من القيود البيروقراطية من اجل تمويل مشروعات تساعد في تأمين شبكات الكمبيوتر، وقال زاتكو الذي يشغل منصب رئيس مكتب الابتكار بوكالة مشروعات الابحاث الدفاعية المتقدمة ان ادخال تغييرات على الهيكل البيروقراطي للحكومة امر بالغ الصعوبة لان الحكومة اعتادت العمل وفقا لنسق معين "وهو امر طيب في مجالات عديدة، لكنني لا اعتقد انه مفيد بالنسبة للانترنت"، وقال زاتكو انه ارتأى انه قد ان الاوان لتمويل شركات مكافحة المتسللين وشركات امن المعلومات "لجعل الامر أكثر سهولة فعليا كي ينافسوا من اجل الحصول على اموال الابحاث الحكومية لدى متعاقدين حكوميين تقليديين كبار"، وقال زاتكو للحضور من خبراء التكنولوجيا وامن المعلومات في مؤتمر عقد في لاس فيجاس انه سيجري تمويل من 20 الى 100 من هذه المشاريع سنويا. بحسب رويترز.

حرب إلكترونية بين الكوريتين

من جانبها اعتقلت السلطات الأمنية في كوريا الجنوبية خمسة أشخاص، بينهم عدد من الأجانب، يشتبه في قيامهم بالتعاون مع خبراء كمبيوتر في الشطر الشمالي من شبه الجزيرة الكورية، بهدف قرصنة برامج بعض الألعاب الإلكترونية، حققوا من خلالها مكاسب غير مشروعة، تُقدر بملايين الدولارات، وكشفت تحقيقات الشرطة، التي جرت بالتنسيق مع الإدارة الوطنية للاستخبارات، عن قيام مجموعة من الكوريين الجنوبيين بدعوة قراصنة كمبيوتر في الشمال، لزيارة الصين، حيث جرى ابتكار برامج تقوم تلقائياً بالدخول إلى مواقع الألعاب الأكثر شعبية على الإنترنت، والاستيلاء على أدوات يتم بيعها لاحقاً على الشبكة الإلكترونية، وتشتبه وكالة شرطة "متروبوليتان" بالعاصمة سيؤول، في أن هذه البرامج، المعروفة بـ"البرامج الأوتوماتيكية"، تم تطويرها من خلال اختراق مواقع شركات الألعاب الإلكترونية في كوريا الجنوبية، بهدف الحصول على معلومات محددة منها، تتيح للقراصنة الدخول على حساباتها وإدارة عملياتها الخاصة، وتعرض الشطر الجنوبي من شبه الجزيرة الكورية لموجة من الهجمات الإلكترونية على مدار العامين الماضيين، استهدفت مواقع حكومية وعسكرية، ومواقع أخرى تابعة لشركات ومؤسسات تجارية، أشارت سيؤول بأصابع الاتهام إلى الشطر الشمالي بالوقوف ورائها، بينما نفت بيونغ يانغ تلك الاتهامات، وتسيطر حالة من القلق البالغ على الحكومة الكورية الجنوبية، بشأن مخاوف تتعلق بأمنها الإلكتروني، والذي يعتبره خبراء كمبيوتر أحد أبرز نقاط الضعف في واحدة من أكثر دول العالم استخداماً للإنترنت. بحسب سي ان ان.

ملك البريد المزعج

من جانب اخر سلم سانفورد والاس الملقب بملك البريد المزعج نفسه الى السلطات الامريكية بعد اتهامه بادارة برنامج على الانترنت ارسل اكثر من 27 مليون رسالة بريدية مزعجة عبر الحواسب الخادمة لموقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي، وقالت سلطات الادعاء في سان خوسيه بكاليفورنيا ان الرجل المقيم في لاس فيجاس سلم نفسه لضباط مكتب التحقيقات الاتحادي ليواجه 11 تهمة منها الاحتيال والاضرار العمدي بكمبيوتر محمي والازدراء الجنائي لانتهاك اوامر سابقة له بالبقاء بعيدا عن موقعي فيسبوك وماي سبيس للتواصل الاجتماعي، وتقول لائحة الاتهام الصادرة ضد والاس (43 عاما) والتي كشف عنها مؤخراً انه طور برنامجا تفادى مرشحات البريد غير المرغوب فيه على فيسبوك ونشر رسائل منسوبة لصديق تشجع اصحاب الحسابات على الموقع على زيارة موقع على الانترنت، واضافت اللائحة ان المستخدمين ادخلوا عناوين بريدهم وكلمات السر الخاصة بهم ثم تم توجيههم الى موقع فرعي حقق لوالاس "مكاسب كبيرة" لتحويل وجهة الزائرين، وجمع برنامج والاس بيانات المستخدمين كما حصل على قوائم اصدقائهم وبعث لهم رسائل غير مرغوب فيه، وقالت سلطات الادعاء الاتحادية ان نحو 500 الف مستخدم لفيسبوك تعرضوا لهذه الرسائل بين نوفمبر تشرين الثاني 2008 ومارس اذار 2009 مما ادى الى ارسال اكثر من 27 مليون رسالة بريدية غير مرغوب فيه، وكان موقع فيسبوك قد قاضى والاس عام 2009 وامره قاض اتحادي بعدم دخول شبكة اجهزة كمبيوتر فيسبوك، وقال الادعاء انه على الرغم من ذلك انتهك هذا الامر اكثر من مرة في وقت سابق هذا العام. بحسب رويترز.

كوريا الجنوبية تغرم ابل  

بدورها غرمت هيئة الاتصالات بكوريا الجنوبية وحدة شركة ابل بالبلاد ثلاثة ملايين وون (2855 دولارا) بعد أن جمعت الشركة التي تنتج جهاز الهاتف المحمول (اي فون) والكمبيوتر اللوحي (اي باد) بيانات عن مواقع المستخدمين دون الحصول على الإذن اللازم، وعلى الرغم من ضالة مبلغ الغرامة فان هذه هي المرة الاولى التي تعاقب فيها جهة تنظيمية شركة ابل بسبب نظام جمع بيانات الموقع المثير للجدل والذي أثار انتقادات في الولايات المتحدة وغيره، وكان الكشف في ابريل نيسان عن أن هواتف اي فون التي تنتجها شركة ابل جمعت بيانات عن مواقع التواجد وخزنتها لمدة تصل الى عام حتى في وقت كان من المفترض أن البرنامج المختص بتحديد الموقع مغلق فيه قد أثار جدلا حول الموقع والخصوصية، ومنذ ذلك الحين أصدرت ابل برنامجا لاصلاح الأمر، ويعتزم نحو 27800 من مستخدمي اي فون واي باد في كوريا الجنوبية إقامة دعوى قضائية ضد شركة ابل بهذا الخصوص في حين قاضت مجموعتان منفصلتان في الولايات المتحدة الشركة بزعم أن بعض التطبيقات تنقل معلومات شخصية خاصة بالمستخدمين الى طرف ثالث معلن دون الحصول على موافقة، وفرضت هيئة الاتصالات الكورية اجراءات لتصحيح الوضع على عمليات شركتي ابل وجوجل في كوريا الجنوبية قائلة انها وجدت ثغرات في الانظمة التي يفترض أنها تحمي المعلومات المتعلقة بالموقع، وأمرت الهيئة عملاقي التكنولوجيا بتشفير بيانات المواقع المخزنة في الهواتف الذكية. بحسب رويترز.

وقالت الهيئة انه كان يمكن تعليق عمليات وحدة شركة ابل في كوريا او تغريمها ثلاثة في المئة من عائدات معلومات المواقع التي تجنيها لعدم قيامها بتشفير هذه المعلومات او تغريمها عشرة ملايين وون لجمع بيانات دون اذن، وقال ستيف بارك المتحدث باسم وحدة ابل في كوريا "ابل لا تتبع مواقع هواتف اي فون، ابل لم تفعل هذا قط ولا تعتزم القيام بهذا على الاطلاق"، كما واجهت جوجل المنافس الشرس لابل في انظمة الكمبيوتر للهواتف المحمولة انتقادات بسبب تقارير افادت بأن هواتفها التي تعمل بنظام اندرويد تتابع مواقع تواجد المستخدمين، وقالت جوجل ان مشاركة الموقع على الهواتف التي تعمل بنظام اندرويد تتم باذن المستخدم، وقالت وحدة شركة جوجل في كوريا الجنوبية في بيان "نراجع حاليا قرار هيئة الاتصالات الكورية، ونتعاون مع الهيئة عن كثب للاجابة عن اسئلتها ونتطلع الى مواصلة العمل معها في المستقبل".

اسكتلندا تصعّد الحرب

على صعيد مختلف صعّدت السلطات الاسكتلندية حربها ضد التهديد المتنامي للجرائم الإلكترونية، من خلال تجنيد المزيد من المحققين المتخصصين للعمل في الوكالة المسؤولة عن التصدي لهذا النوع من الجرائم، وقالت صيحفة (صندي هيرالد)، إن وحدة جرائم الإنترنت في وكالة مكافحة الجريمة الاسكتلندية تستخدم الآن محققين جدد للرد على تزايد الطلب على تعيين موظفين يتمتعون بمهارات عالية للتعامل مع جرائم الإنترنت، وأضافت أن هذا التوجه برز بعد اعتقال شاب في الثامنة عشرة من العمر بتهمة اختراق العديد من المواقع ومن بينها موقع وكالة مكافحة الجرائم المنظمة الخطيرة ومؤسسة (نيوز انترناشونال) الإعلامية التي يملكها قطب الإعلام روبرت مردوخ، وأشارت الصحيفة إلى أن وحدة جرائم الإنترنت في وكالة مكافحة الجريمة تحقق الآن في قضايا خطيرة مرتبطة بجرائم الانترنت، ونقلت الصحيفة عن المفتش إيمون كين رئيس وحدة جرائم الإنترنت في وكالة مكافحة الجريمة الاسكتلندية قوله 'نعكف حالياً على تطوير رد على هذا التهديد المتزايد من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة والاستثمار في الخبرات الجديدة'، وتكلّف جرائم الانترنت الاقتصاد البريطاني سنوياً نحو 27 مليار جنيه استرليني، أي ما يعادل نحو 44 مليار دولار، وتتحمل الشركات العبء الأكبر من هذه الخسارة من خلال عمليات التجسس الصناعي وسرقة المعلومات التي تتعرض لها. بحسب يونايتد برس.

أمن الإنترنت

فيما اعتبرت واحدة من أكبر النكات في مؤتمر "أمن الإنترنت" أو "أمن الفضاء السبراني" في لاس فيغاس الأمريكية لهذا العام هي أنه "لا يوجد شيء اسمه أمن الإنترنت، فلا يوجد نظام آمن 100 في المائة، ولا يوجد شفرة لا يمكن اختراقه، وقال الكاتب والمتحدث الدائم في مجال أثر التقنيات الجديدة على المجتمع، ريتشارد ثيمي "في الواقع إن أمن الإنترنت أمر مثير للغثيان، فخبراء الأمن يشعرون بالقهر لأنهم لا يستطيعون تحقيق الأمن"، ومع ذلك فإن الشركات المتخصصة في مجال أمن الإنترنت ومكافحة الفيروسات تعلن عن أنها تستطيع حماية الشركات والوكالات والمستخدمين العاديين، وفي الواقع، لم يتمكن أي برنامج لمكافحة الفيروسات من مكافحة كل الهجمات، وكل يوم تعلن شركة أو مؤسسة حكومية جديدة عن تعرضها للاختراق الأمني عبر الإنترنت، وقال ثيمي في مؤتمر "بلاك هات" لأمن الفضاء الإلكتروني "صناعتنا برمتها قائمة على التواري والغموض، وما لدينا هو شيء محطم في أساسه، فكتابة الشفرات والأكواد هو خيار الإنسان الساذج. بحسب سي ان ان.

واضاف، لذلك كيف يمكننا استخدام كلمة 'أمن' عندما لا نعني ذلك؟"، ومع ذلك يقول ثيمي إن هذا لا يعني أن كل شيء بات غير أمن بالمطلق، "فالعاملون في مجال أمن الإنترنت يكذبون على أنفسهم بشأن الكم والكيفية التي يوفرون بها الحماية، إنهم سيؤون فيما يتعلق بالتقليل من المخاطر ولكنهم جيدون للغاية فيما يخص إثارة المخاوف عن طريق التظاهر بأن كل شيء أمن"، كذلك فإن هذه الشركات وهؤلاء الخبراء يقومون بدعاية حول تلك "الخرافة" ويروجون لها أمام العامة عن طريق رفض مناقشة مدى "اختراقهم" بشكل علني.فمثلاً، أعلنت شركة "انتل" المالكة لشركة "مكافي لمكافحة الفيروسات" مؤخراً أن 72 منظمة تعرضت لهجمات إلكترونية، غير أن الشركة رفضت الكشف عن أسماء الضحايا، لأن أياً منها رفضت كشف هويتها للعامة، هذه واحدة من المشكلات، بحسب ما يقول ثيمي، لأنها تعزز الرواية الكاذبة بأن عالم الإنترنت آمن أساساً، وأن كل شيء سيعود لطبيعته في نهاية المطاف، وأضاف أنه عندما تبدأ الشركات والمؤسسات تتحدث بصورة علنية وتنطق بالحقيقة، بشأن ما لديها من قصور داخلي وخارجي، فإنها تستطيع مواجهة التحديات الحقيقية التي تواجهها.

التستر على هجوم الكتروني

من جهتها لم تخطر شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة أكبر مصنع للاسلحة في اليابان وزارة الدفاع بالهجوم الالكتروني الذي تعرضت له شبكة الكمبيوتر الخاصة بها الامر الذي قد يعرضها لاتهام بانتهاك عقود تمد الجيش بوجبها بمعدات عسكرية بمليارات الدولارات، وبموجب شروط الاتفاق التي تفرضها الحكومة اليابانية على كل المتعاقدين تلتزم الشركات بابلاغ الحكومة فورا بأي اختراق للمعلومات السرية، وطالبت وزارة الدفاع اليابانية التي عبرت عن غضبها مؤخراً الشركة باجراء تحقيق شامل، وقال متحدث باسم وزارة الدفاع "وزارة الدفاع هي التي تحدد ما اذا كانت المعلومات مهمة ام ل، ليس من حق ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة ان تبت في الامر، كان من الضروري أن تقدم تقريرا"، وعلم مسؤولو وزارة الدفاع بالهجوم الالكتروني من خلال تقارير الصحف اليابانية، وقالت شركة أخرى هي شركة (اي.اتش.اي) التي تصنع محركات الطائرات المقاتلة ان العاملين فيها يتلقون عددا كبيرا من رسائل البريد الالكتروني المشبوهة وانها أخطرت الشرطة اليابانية بذلك. بحسب رويترز.

ولم يعلق متحدث باسم الشركة على طبيعة الرسائل الالكترونية، وقالت أيضا صحيفة نيكي الاقتصادية اليومية على موقعها الالكتروني ان خوادم واجهزة الكمبيوتر في الشركة تعرضت لهجوم الكتروني عبر الانترنت وان الشركة على اتصال بالشرطة بشأن هذا الامر، ورفض مسؤول من شركة (اي.اتش.اي) التعليق على الفور، وتزود الشركة وزارة الدفاع بقطع غيار محركات المقاتلات وكذلك الحاويات للمفاعلات النووية، وقالت شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة التي تصنع طائرات اف 15 المقاتلة النفاثة الامريكية التصميم وأنظمة صواريخ منها بطاريات باتريوت بموجب تراخيص ان انظمة الكمبيوتر الخاصة بها تعرضت لاختراق في اغسطس اب وان بعض معلومات الشبكة ربما تكون تسربت مثل عناوين بروتوكول الانترنت، وفي حالة توصل التحقيق الذي تجريه ميتسوبيشي الى غياب بيانات حساسة يمكن ان تفرض وزارة الدفاع عقوبات على أكبر شركة محلية تورد لها السلاح بموجب عقود تمثل جزءا كبيرا من أرباح شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

صفقة مشبوهة

من جهة اخرى يذكر ان شركة بريطانية للبرمجيات عرضت بيع برنامج كمبيوتر "للتجسس على الانترنت" لمصر لتستخدمه في استهداف الناشطين، وتشير وثائق عثر عليها في مقر مباحث امن الدولة الى ان البرنامج استخدم لفترة تجريبية لمدة خمسة اشهر نهاية العام الماضي، وتنفي شركة غاما انترناشيونال انها قدمت البرنامج لمصر، وهو يصيب اجهزة الكمبيوتر بفيروس يتجسس على الاتصالات الصوتية عبر الانترنت والبريد الاليكتروني، ويقول وزير الخارجية البريطاني انه سيراجع قيود التصدير "بشكل دقيق"، وقال وليام هيغ، المسؤول في الحكومة البريطانية عن قضايا امن الكمبيوتر، "ان تصدير اي سلع يمكن ان تستخدم في القمع هو امر نود ان نوقفه"، لكنه اعترف ان القانون الذي يحكم تصدير برامج الكمبيوتر غير حاسم، وعثر على تلك الوثائق في مقر مباحث امن الدولة في القاهرة الذي تعرض للنهب في وقت سابق من العام، وتتحدث الوثائق عن عرض شركة غاما انترناشيونال يو كيه ليمتد تقديم برنامج كمبيوتر يسمى فينفيشر، ويوصف البرنامج بانه "يستخدم من قبل العديد من اجهزة الاستخبارات والامن في العالم" ليمكنها من الوصول سرا الى كمبيوترات الناس، وتصف الوثائق التابعة لوحدة الاختراق الاليكتروني في مباحث امن الدولة بمصر البرنامج بانه "نظام الامن الوحيد في العالم" القادر على التلصص على المحادثات الهاتفية على برنامج سكايب عبر الانترنت، وتعرض الوثائق بالتفصيل نتائج تجربة البرنامج لمدة خمسة اشهر والنتيجة "انه نظام اليكتروني فعال لاختراق الانظمة المؤمنة التي توصل الى الرسائل في بريد هوتميل وياهو وجي ميل"، وكشفت وثيقة عثرت عليها شبكة التلفزيون الالمانية ام دي ار عن اول ضحية معروف لبرنامج فينفيشر، وتصف الوثيقة كيف انه خلال فترة تجريب البرنامج تمكنت مباحث امن الدولة من اختراق محادثات صوتية عبر سكايب وتسجيلها.

وكان شريف منصور، من جماعة الديمقراطية الامريكية فريدوم هاوس، في مصر العام الماضي لمراقبة الانتخابات البرلمانية، ومع ورود اسمه في الوثيقة كاحد ضحايا التنصت القى باللائمة على برنامج فينفيشر وطالب الحكومة البريطانية باتخاذ اجراء مع الشركة، وقال شريف منصور "نتعرض نحن نشطاء الديمقراطية وحقوق الانسان للكثير من المشاكل ونتلقى التهديدات، ونتوقع ذلك من الحكومات وليس من شركات البرمجيات، لم نعتبرهم ابدا يساعدون على القمع"، وحسب ما ذكرته وزارة المهارات والابداع العلمي فان برنامج فينفيشر لا يحتاج الى ترخيص تصدير لانه لا يستخدم التشفير، وقال وليام هيغ لبرنامج "فايل اون فور" ان بريطانيا لديها نظام ترخيص تصدير قوي، وقال ان عددا من رخص التصدير سحبت من شركات تصدر معدات مثيرة للقلق الى ليبيا وتونس والبحرين، لكنه اقر بان مسألة برامج الكمبيوتر صعبة التدقيق، وقال وزير الخارجية البريطاني "تلك منطقة رمادية لانه قد تكون استخدامات متعددة للبرنامج الواحد، الا اننا سنبحث هذا الامر بدقة واذا حصلت الحكومة على اي ادلة او اذا صادفنا اي دليل على استخدام تكنولوجيا بريطانية لاغراض القمع في اي بلد اخر فسنتخذ الاجراءات الصارمة التي اتخذناها بحق معدات اخرى"، وشركة غاما انترناشيونال مملوكة لبريطاني يبلغ من العمر 49 عاما هو لوثيان نيلسون ولديه عناوين مسجلة في سالزبوري وهامبورغ وبيروت، وفي سؤال نيلسون عن التناقض بين قول شركته انها لم تبع البرنامج لمصر وبين المعلومات في الوثائق المصرية، الا انه لم يجب عن الاستفسارات، واسم شركة غاما مسجل في المؤتمر باعتبارها شركة "راعية وعارضة" وسيتحدث مسؤول منها عن "اليات الاختراق التطبيقية التي تستخدمها الاجهزة الحكومية"، ومن بين المتحدثين في المؤتمر عسكريون كبار من بريطانيا وامريكا والمانيا ومدير الاستخبارات في قيادة الفضاء الاليكتروني الامريكية. بحسب بي بي سي.

وفي دول الشرق الاوسط الاخرى، اشارت تقارير الى ان شركات من فرنسا وجنوب افريقيا ساعدت العقيد معمر القذافي في التجسس على الهواتف والانترنت في ليبي، وفي البحرين يقول الناشط في مجال حقوق الانسان عبد الغني الخنجر انه لم يعرف مدى التجسس والتنصت في بلاده حتى تعرض للاعتقال، وكان عائدا لتوه من لندن بعدما تحدث امام مجلس اللوردات، وقال "في غضون يومين هاجم مدنيون ملثمون وشرطة مكافحة الشغب منزلي واعتقلوني وتعرضت للتعذيب بسبب نشاطي"، ويضيف "المثير انهم عرضوا علي بعض الرسائل النصية من هاتفي وسألوني عن مكالمات اجريته، هذا انتهاك سئ للتكنولوجيا"، وتقول الحكومة البحرينية انها تجري تقصيا للحقائق بشأن التعذيب، الا ان شركتي سيمنز ونوكيا تضررتا من علاقتهما بالامر، وكانت شركة سيمنز باعت البحرين من قبل "مركز مراقبة" يقال انه مكن النظام في البحرين من تتبع هواتف المواطنين والتلصص عليه، ويقال ان سيمنز باعت النظام نفسه لنحو 60 بلدا اخر غير البحرين، الا ان المتحدث باسم نوكيا سيمنز، وهي شراكة بين الشركتين، بن روم يقول ان الشركة لم تعد تصنع معدات تنصت بسبب المخاوف من اساءة استخدامها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 4/تشرين الأول/2011 - 6/ذو القعدة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م