فدك الزهراء ونفط المسلمين

سامي جواد كاظم

قد تختلف التسميات ولكن المضمون والمطلوب واحد لايختلف مهما اختلفت التسميات بل وحتى تبعيات وابعاد هذه التسميات هي بعينها تمر مع كل عصر ولكن بتسمية جديدة، عصب ارتقاء المجتمع هو الاقتصاد وما يتبعه من ارتفاع في المستوى المعيشي والقضاء على الفقر اذا ما عاش المجتمع رخاء اقتصاديا، لهذا تجد الظالم يجعل نصب عينيه الاقتصاد فاذا ما احكم السيطرة على الاقتصاد تلاعب بمصير الشعب.

هذه السياسة سياسة قديمة واذا ما اردنا المقارنة بين حدث حدثَ عقب وفاة الرسول (صلى الله عليه واله) وما يحدث اليوم للامة الاسلامية سنجدها صورة واحدة بشكل قديم وعصري، فدك الزهراء وطبيعة تصرف امير المؤمنين عليه السلام بعد اغتصابها هي بعينها ما تعيشه الامة الاسلامية اليوم.

فدك كان لها الدور الرئيسي والاول في تمويل العوائل المتعففة في ذلك العصر ولان مستوى الفقر كان عال جدا لهذا فان اغلب المستفيدين من فدك الزهراء هم الفقراء وهذا يؤسس قاعدة شعبية كبيرة لأمير المؤمنين عليه السلام مستقبلا قد تقيض دعائم الخلافة في اي لحظة يريدها الامير عليه السلام فما كان من اقطاب السقيفة الا الاستيلاء على فدك لاحتواء هذا المد الشعبي لأمير المؤمنين عليه السلام.

طواغيت الارض اليوم سواء كانوا حكام عملاء او القوى الشيطانية المتسلطة على مقدرات وقرارات الشعوب نراهم يعملون بجد وبشتى الوسائل للسيطرة على المنافع الاقتصادية لهذه البلدان الاسلامية حتى تتلاعب بمقدراتها فما كان منها الا تنصيب عملاء تبع لهم او شن الحروب تحت مختلف الذرائع للتمويه عن البعد الحقيقي للحروب، ولهذا نجد ما من دولة اسلامية نفطية تستطيع ان تتصرف باقتصادها بإرادتها.

مشكلة الحكام والشعوب الاسلامية انها لا تستطيع الرد على عدوها وذلك لضعف ايمانها وقوة شهواتها النفسية بحيث انها لا تستطيع ان تصمد امام اي شدة اقتصادية اذا ما اتخذت قرار جريء ضد عدو المسلمين.

عندما اغتصبت فدك الزهراء كيف تصرف الامام علي عليه السلام؟ وهو يعلم ان اغتصاب فدك لا لانهم بحاجة الى اموال فدك فان الاموال كثيرة ومنهم من عبث بها لا سيما ثالث القوم ولكن اغتصاب فدك لدوافع اخرى كانت تتجلى من خلال نتيجة التصرف السليم للامام عليه السلام بواردات فدك، اذن بعد الاغتصاب، كيف هو الحل؟

امتهن الامام علي عليه السلام مهنة الزراعة والتجارة لتوفير المال الكافي للتمسك بمبادئه ومنها مساعدة الفقراء وعتق العبيد.

هنالك مناطق زراعية حول المدينة المنورة اشتهرت بزراعتها بفضل امير المؤمنين عليه السلام لانه اول من استصلحها وزرع النخيل فيها، كما وان هنالك كثير من الابار التي حفرها الامام علي وعتق بثمنها العبيد فقد قال عبد الله بن الحسن في الغارات للثقفي 1/92 انه اعتق الف عبد من كد يده.

هل سيتخذ المسلمون الدروس والعبر من حياة امير المؤمنين عليه السلام للتصرف حيال القوى المتغطرسة والحكام الماجورين للرد على اعداء المسلمين، يعلمون جيدا لو اتخذت الدول العربية قرار واحد بمقاطعة اسرائيل وحلفائها اقتصاديا فانهم سينتصرون من غير اراقة دماء، ولكن المانع لذلك هو عدم الصبر وحب الملذات وعمالة الحكام لان هنالك كثير من زخارف الدنيا يستوردونها من الغرب وقد استأنست النفوس بهذه الزخارف فانها لا تستطيع الصبر والتخلي عنها.

كثير من الطواغيت الذين عاصروا الائمة عليهم السلام حاولوا التضييق عليهم من الناحية المادية عسى ولعل يستطيعون كسب ودهم الا انهم خابوا ولم ينالوا ما خططوا له وذلك لقوة عزيمة الائمة عليهم السلام على كبح جماح النفس الشهوائية وهذا نتج عنه نفس عزيزة لا ترضى بالذل والخضوع لملذات الدنيا.

فهل يستطيعون حكام الخليج سحب اموالهم من المصارف اليهودية؟ كلا لا يستطيعون وهم العالمون بانها في اي لحظة يستطيع اصحاب البنوك مصادرتها تحت عدة ذرائع وما الانهيار الاقتصادي الاخير الا وجه من هذه الوجوه المؤامراتية التي بحجته تمت مصادرة مليارات الدولارات من المسلمين تحت ذريعة خسارة البنوك والشركات واعلان افلاسها.

في عصر الامام عليه السلام كان الخلفاء ومن على غير ملة الاسلام كثيرا ما يستنجدون بفكر الامام لحل معضلاتهم بل حتى ان البعض منهم يتعنى السفر ليناظر من تصدى للحكم بخصوص الفكر الاسلامي فكانوا يعجزون عن مناظراتهم فيهرعون الى الامام علي عليه السلام لينقذ الموقف، فالفكر الذي يحمله الامام عليه السلام لا يستطيع المخالف ولا المعادي الاستغناء عنه.

واليوم اغلب الدول الغربية والعلمانية تعتمد الافكار الاسلامية في تنظيم حياتهم بل وحتى من المعضلات الاقتصادية التي اعترضتهم وجدوا ان الحل السليم هو ضمن الشريعة الاسلامية فكانوا يستخدمون النصوص الاسلامية تحت مسميات مختلفة حتى لا يقروا بعجزهم وكمال الدين الاسلامي، بل وحتى المسلم الذي يغترب في بلاد الغرب يتعجب للأخلاق والقوانين التي يلتزمون بها وهي من صلب الدين الاسلامي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 25/أيلول/2011 - 26/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م