سيداو وحقيقة الفكر العلماني

سامي جواد كاظم

الصراع بين الافكار المستحدثة والفكر الاسلامي هو صراع يخص التشريعات القانونية حيث ان المشرع في المجتمعات العلمانية يكون شخص او مجموعة اشخاص يتمتعون بمؤهلات تسمح لهم تشريع القوانين حتى تلك التي تتعارض مع التشريعات السماوية ولمختلف الاديان وبما ان الدين الاسلامي هو خاتم الاديان فان ذلك يعني ان التشريعات الاسلامية ضمنت العدالة لكل افراد المجتمع وفي مختلف المجالات ولان تعامل المشرعين الاسلاميين يكون مع النص باعتباره هو المادة الاساسية للتشريع فان ذلك يكون على خلاف اعتماد مشرعي القوانين العلمانية.

نحن الاسلاميين نتعامل مع مفردات القوانين الوضعية التي يتم تقنينها طبقا للمستحدث من اوضاع لا نص لها كأن يكون تنظيم قوانين السير او السفر او المعاهدات والبروتكولات، فليس كل ما جاء به العلمانيون نعتبره ضد الشريعة الاسلامية، ومن بين اكثر المواضيع جدلا بين الاسلاميين والعلمانيين هو ما يخص المرأة، واذا ما اراد الاسلاميون ان يكشفوا مواطن الخلل في المجتمعات العلمانية وتحديدا راعية وداعية العلمانية امريكا فليطلعوا على القوانين التي تشرع في بلدانهم وسيرون العجب العجاب بل ان الامم المتحدة لا تتدخل في تشريعات الدول الخاصة ولكنها تتدخل في التشريعات الاسلامية.

 وها هي احدى نتاجاتها اتفاقية سيداو للمساواة بين المرأة والرجل بالرغم من صدوره قبل اكثر من ثلاثين سنة وبالرغم من ان اغلب ما جاء في الاتفاقية هو من صلب الشريعة الاسلامية باستثناء بعض الفقرات المبهمة، ولكن التساؤل الذي يطرح نفسه هنا هو ان منظمة الامم المتحدة هي خاضعة علنا وسرا للتأثيرات الامريكية وامريكا هي من بح صوتها للمطالبة بحقوق المرأة والتنكيل بالإسلام فلماذا لم توقع على اتفاقية سيداو الخاصة بالمرأة التي تحمل افكار ومبادئ العلمانية ؟!!

في الدول العلمانية قانون الغاء جنسية المرأة حال زواجها وبالرغم من ان الجنسية هي ورقة تشريعية مستحدثة لا تأثير لها على كيان المرأة ولكن المهم ان العلمانيين يلغون جنسيتها، اين الحقوق النسوية ؟ كما وانهم يحددون علاقة الرجل بالمرأة وما يجب لهم وعليهم وهذا من صلب الاسلام فعقد الزواج هو عرض وقبول ويستطيع كل طرف ان يملي شروطه في كل شيء وهل يعلمون العلمانيون ان المرأة غير ملزمة بالغسيل والطبيخ وحتى من حقها اخذ الاجرة عن رضاعة طفلها ولكن طالما العرف في الدول الاسلامية ان المرأة تقوم بهذه الاعمال فأصبحت شروط ضمنية ولكن اذا طالبت المرأة بعدم قيامها بهذه الاعمال عند عقد الزواج فهذا يعد من حقها، فهل يعلمون العلمانيون بذلك ؟

المشكلة في الخطاب الاسلامي هو ان اعلامه ضعيف ولو استطاع الاعلام الاسلامي من متابعة التشريعات للدول العلمانية فانهم سيهزون عروش العلمانية لما فيها من قواني عرجاء او عوراء بل البعض منها عمياء.

هل لاحظتم ان جنسية المرأة تلغى وتكنى باسم عائلة زوجها الا عائلة اوباما فإنها تكنت باسم عائلة امه هل تعلمون لماذا لان عائلة ابيه مسلمة واسم ابيه "حســـــــــين".

يطالبون في اتفاقية سيداو بحق المرأة في التعلم ونبينا يقول طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، يطالبون لها بحق التصويت ونبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم منح النساء حق البيعة فكان يبايعن كما بايع الرجال في ذلك الزمن.

يطالبون للمرأة بان لها الحق في الطلاق وهذا امر طبيعي اذا ما اخل بشروط عقد الزواج من اي طرف يحق للطرف الاخر ان يفسخ العقد بل حتى واذا شعرت الزوجة بعدم الانسجام مع الزوج يحق لها ذلك ولان الشريعة الاسلامية شريعة رصينة متكاملة فإنها تسعى لبناء الاسرة افضل من هدمها لهذا نجدها كثيرا ما تضع الحلول والبدائل لأي اشكال يعترض الاسرة تجنبا للطلاق.

هنالك مقارنات بين الرجل والمرأة خاطئة وذلك لان لكل حالة او صفة لها خصوصيتها فلا يمكن المفاضلة بين طبيب مختص بالعظام واخر مختص بالأمراض الباطنية فلكل طبيب اختصاصه ونفس الامر فاذا ما اهتمت المرأة بشؤون المنزل هذا لايعني انتقاص لها، واذا ما مارس الرجل عمله خارج البيت لا يعد امتياز له.

للأسف كثيرا ما ينخدع المسلمون بما يرونه من قوانين وثقافة لدى الدول العلمانية التي تعتمد حرية الراي والتطور الذي تعيشه تلك البلدان والتي تفتقدها اغلب الدول الاسلامية، ولكنهم لو اطلعوا على تشريعاتهم الجنائية او الاحوال الشخصية لوجدوا التخلف بعينه.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 17/أيلول/2011 - 18/شوال/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م