حديث الغدير

دراسة في رفع مظلومية الإمام علي (ع) بمحاججة منطقية

علي حسين كبايسي

نص الحديث:

((أخرج أحمد بن حنبل بسند صحيح عن زيد بن أرقم قال: نزلنا مع رسول الله (ص) بواد يقال له: وادي خم، فأمر بالصلاة فصلاّها بهجير، قال: فخطبنا، وظلّل لرسول الله (ص) بثوب على شجرة سمرة من الشمس، فقال رسول الله: " ألستم تعلمون؟ ألستم تشهدون أنّي أولى بكلّ مؤمن من نفسه؟ " قالوا: بلى، قال: " فمن كنت مولاه فإنّ عليّاً مولاه، اللهمّ عاد من عاداه ووال من والاه ".

وأخرج النسائي بسند صحيح عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم قال: لمّا رجع رسول الله (ص) من حجة الوداع ونزل غدير خم، أمر بدوحات فقممن ـ أي فكنسن ـ ثمّ قال: " كأنّي قد دعيت فأجبت، وإنّي تارك فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الأخر: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عَلَيّ الحوض "، ثمّ قال: " إنّ الله مولاي وأنا وليّ كلّ مؤمن "، ثمّ إنّه أخذ بيد علي (رضي الله عنه) وقال: " من كنت وليّه فهذا وليّه، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه ". يقول أبو الطفيل: فقلت لزيد: سمعته من رسول الله؟ فقال: إنّه ـ وفي بعض الألفاظ: والله، بدل إنّه ـ ما كان في الدوحات أحد إلاّ رآه بعينه وسمعه بأُذنيه)).

في منهاج السنة لابن تيمية: " إن هذا اللفظ، وهو قوله: " اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله " كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث ".

كلامه: كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث !!، يبطله البرهان بمثال مضاد: رواه كل من أحمد والنسائي بسند صحيح !!.

في منهاج السنة لابن تيمية: " و عترتي [ أهل بيتي ]، وأنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " فهذا رواه الترمذي. و قد سئل عنه أحمد بن حنبل فضعفه، و ضعفه غير واحد من أهل العلم، وقالوا: لا يصح ". !!!

أين ضعفه أحمد بن حنبل؟؟ وكيف يضعفه ويرويه بروايات و أسانيد متعددة في مسنده:

حدثنا عبدالله، حدثني أبي، حدثنا أسود بن عامر، أخبرنا إسرائيل ـ يعني اسماعيل بن أبي إسحاق الملائي ـ عن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم: " إني تارك فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله، حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ".

حدثنا عبدالله، حدثني أبي، حدثنا أبو النضر، حدثنا محمد ـ يعني ابن طلحة ـ عن الأعمش، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم قال:" إني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله عزّوجلّ، كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض، وعترتي أهل بيتي. وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض، فانظروني بم تخلفوني فيهما؟ ".

حدثنا عبدالله، حدثني أبي، ثنا ابن نمير، ثنا عبد الملك ـ يعني ابن أبي سليمان ـ عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ]:" إني قد تركت فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله عز ّوجل حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، ألا إنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ".

حدثنا عبدالله، حدثني أبي، ثنا ابن نمير، ثنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم:" إني قد تركت فيكم ما إنْ أخذتم به لنْ تضلّوا بعدي: الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ألا وإنهما لنْ يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ".

حدثنا عبدالله، حدثني أبي، ثنا الأسود بن عامر، ثنا شريك، عن الركين، عن القاسم بن حسّان، عن زيد بن ثابت، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم:" إني تارك فيكم خليفتين، كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض ـ أو ما بين السماء إلى الأرض ـ وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ".

حدثنا عبدالله، حدثني أبي، ثنا أبو أحمد الزبيري، ثنا شريك عن الركين، عن القاسم بن حسان، عن زيد بن ثابت، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم: " إني تارك فيكم خليفتين: كتاب الله وأهل بيتي. وانهما لن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض جميعاً ".

في منهاج السنة لابن تيمية: " فإن الموالاة ضد المعاداة والمحاربة والمخادعة ".

كيف لمجتمع يمثل خير القرون، و مصابيح الهدى، وكالنجوم بأيهم أقتدي أهتدي، يجمعهم رسول الله (ص) في غدير خم تحت الشمس الحارقة، وعلى الرمضاء الملتهبة، ليقول لهم بعدم المعاداة لعلي !!، أليس المؤمنون إخوة، والبغض صفة سلبية من الشيطان، وبغض علي (ع) فصل فيه الرسول (ص): " عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي: لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق "، رواه أحمد في الفضائل، فكان علي (ع) ميزان الأمة في معرفة المؤمن من المنافق،كيف ينادي المنادي ليجمع الصحابة على جديد هو قديم يعاد !!!، وإن كان توكيدا، فما أبعاده التوكيدية !!.

إذا قبلنا جدلا أن الموالاة هي عدم المعاداة على قول ابن تيمية، والمحبة و النصرة على قول اتباعه الوهابية، فلماذا أقبلوا وشهوة السلطة عمت بصيرتهم على حرق داره و بنت المصطفى (ص) فيها بعد السقيفة !!، و لماذا حورب في الجمل و صفين !!!، و لماذا سن لعنه على منابر كل المساجد، ولماذا قتلوه (ع)، وسموا الحسن (ع)، و قتلوا الحسين (ع) في واقعة كربلاء التي أرادوا فيها إبادة نسل الرسول (ص) !!! (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [الصف: 8])، ولماذا الناصبي ابن تيمية يستفرغ كل جهده في رد فضائل الإمام (ع)، أم هذه عناوين محبة و مؤازرة.

 إذا قبلنا جدلا أن الموالاة هي المحبة، فإعلان المحبة للإمام (ع) أمام الآلف من الصحابة، وفي وقت عصيب وذلك للحرارة اللافحة والعطش الشديد، وفي مكان مقفر، والحرص الشديد من طرف النبي (ص) على الحضور القوي للمسلمين ليشهدوا هذا المحفل، أليس كون هاته المحبة بها أمر عظيم، و مطلب رباني، وكذلك بداية الرسول (ص) كلامه: " ألستم تشهدون أنّي أولى بكلّ مؤمن من نفسه؟ "، هل هي مقدمة عشوائية؟!، وفي نهاية التتويج تأتي تهنئه كل من أبو بكر وعمر لهاته الولاية لأمير المؤمنين، فإن هاته المحبة لعلي (ع)، ليست كمحبة بقية المسلمين لبعضهم البعض، ومفهومها أوسع، وإذا اتسع المفهوم فحسب المنطق ضاقت دائرة الماصدق، ويتضح مفهوم المحبة من قول الرسول (ص): " ألستم تشهدون أنّي أولى بكلّ مؤمن من نفسه؟ "، هل أن الرسول (ص) أولى بكلّ مؤمن من نفسه يضيق في دائرة المحبة ولا يشمل الطاعة المطلقة، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً [النساء: 59])، ومحبة الله، أليست من محبة الرسول، وهل محبة الله لا تشمل طاعته !!، (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [آل عمران: 31])، إذن فمفهوم المحبة في غدير خم واسع ومصاديقه: الله جل وعلا، الرسول (ص)، و علي (ع) بقوله تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ [المائدة: 55]) (1).

هل أبو بكر و عمر من مصاديقه؟؟

تنتقل الزهراء عليها السلام لتلقى أباها (ص) في الفردوس الأعلى وهي غاضبة من الخليفة الأول ففي صحيح البخاري: "... فغضبت فاطمة بنت رسول الله (ص) فهجرت أبا بكر، فلم تزل مهاجرته حتى توفيت، وعاشت بعد رسول الله (ص) ستة أشهر...، فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها "، و الرسول يقول: " من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية " في صحيح مسلم، " من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية " في مسند أحمد، " من كره من أميره شيئا فليصبر، فإنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية " في صحيح البخاري، والنتيجة العقلائية: إما فاطمة ماتت ميتة جاهلية !!، و هذا ما تكذبه الروايات عن الرسول (ص): في صحيح البخاري: " يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة "، " فاطمة سيدة نساء أهل الجنة "، " فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني "، في سير الأعلام: عن أبي هريرة، نظر النبي (ص) إلى علي وفاطمة والحسن والحسين، فقال: أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم، وفي سنن الترمذي: عن ابن عباس، قال رسول الله (ص): أحبوا الله لما يغذوكم من نعمه، وأحبوني أهل بيتي بحبي، وفي سير الأعلام: عن أبي سعيد قال رسول الله (ص) لا يبغضنا أهل البيت أحد إلا أدخله الله النار.

وإما خلافة أبي بكر غير شرعية، لعدم مبايعة فاطمة عليها السلام له، فالبيعة واقية من نار جهنم وضرورة أكيدة، فبذلك تبطل بيعة أبي بكر، وأما المخرج الثالث المرفوع هو حصانة أبي بكر عند الله !!، فهذا استحالة.

في صحيح البخاري: ‏ ‏ابن عباس ‏ ‏قال‏" لما اشتد بالنبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وجعه قال ‏ ‏ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده قال ‏ ‏عمر ‏ ‏إن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏غلبه ‏ ‏الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا فاختلفوا وكثر ‏ ‏اللغط ‏ ‏قال قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع ‏فخرج ‏ ‏ابن عباس ‏ ‏يقول ‏ ‏إن ‏ ‏الرزية ‏ ‏كل ‏ ‏الرزية ‏ ‏ما حال بين رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وبين كتابه ". ‏

لو كان عمر من مصاديق مقام المحبة التي اعتلاها علي عليه السلام في غدير خم، لما وقف ضد كتابة الرسول للكتاب الذي لن تضل الأمة بعده أبدا، وما خالف الصريح القرآني: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً [الأحزاب: 36])، (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى [النجم: 3])، فلماذا يمنع الكتابة، و يجعل منها مستلزمة للتشكيك و الطعن في الرسول (ص)، مادام الرسول(ص) سيملي أنه الثاني في القائمة و الحصن الواقي للأمة من الضلال !!!.

أن مقام المحبة المستلزم للطاعة المطلقة لأمير المؤمنين عليه السلام بعد الرسول الأعظم (ص) يزيده تجلية كتوسط الشمس كبد السماء في يوم مشرق لا سحاب به، حديث المنزلة، في صحيح البخاري قال الرسول (ص) لعلي (ع): " ألا ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه ليس بعدي نبي "، الحديث يبين بلا شبهة محمد (ص) في قبال موسى(ع)، وعلي (ع) في قبال هارون (ع)، والجملة الاستثنائية " إلاّ أنّه ليس بعدي نبي " تبرز أن علي تثبت له كل منازل هارون (ع) ما عدا النبوة، وإلا لماذا يضيف الرسول (ص) العبارة المستثناة، وهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، وكلامه حق يقيني، ولفهم مقامات علي (ع) إنطلاقا من منازل هارون (ع)، نتتبع أثر هارون (ع) في القرآن الكريم، يقول تعالى: (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ [الأعراف: 142])، هارون خليفة موسى، و الخلافة ليس بمعنى المحبة في الإسلام الأموي، بل لزوم الاتباع والطاعة، (وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي [طه: 90])، وقوله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً [الفرقان: 35])، يبين منزلة الوزارة، فهارون كان وزيرا لسيدنا موسى، وقوله تعالى: (هَارُونَ أَخِي [طه: 30]) تبين القرابة القريبة بين علي (ع) و الرسول(ص)، وهذا ما يبنه قول علي (ع): " كنت أتّبعه اتّباع الفصيل أثر أُمّه، يرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه علماً ويأمرني بالاقتداء به "، وقوله: " فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه أحد إلاّ الله، وما سوى ذلك [ أي ما سوى ما اختصّ به سبحانه وتعالى لنفسه ] فعلم علّمه الله نبيّه، فعلّمنيه ودعا لي بأنْ يعيه صدري وتضْطَمّ عليه جوانحي "، وقوله: " إنّك تسمع ما أسمع وترى ما أرى"، وقول الرسول (ص): " فأيّكم يقوم فيبايعني على أنّه أخي ووزيري ووصيّي ويكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي " في رواية أبي إسحاق الثعلبي في تفسيره الكبير، و تشتد القرابة حتى تكاد تنعدم فيها المسافات (فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ [آل عمران: 61]) (2)، فكان علي(ع) نفس النبي (ص) إلا أنه ليس بنبي، ومن قوله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْراً لِّلْمُتَّقِينَ [الأنبياء: 48])، (ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ [المؤمنون: 45]) يتبين لنا أعلمية هارون (ع) بعد موسى (ع) في قومه، ومقاماته العالية، ومقام علي (ع) تبينه الآية القرآنية: (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ [الرعد: 43])، و قول الرسول الكريم (ص): " أنا مدينة العلم وعليّ بابها، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها".

مما حير خصوم أهل البيت تأويل حديث " الأئمة الإثنا عشر"، الذي لم يجدوا له منفذا، وبقي لغزًا محيرًا فجعل الدين ناقصا (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [المائدة: 67]) (3)، ما الذي أمر به الرسول (ص) أن يبلغه في آخر عهده بالمسلمين، وبدونه لا تكتمل الرسالة، و أنه في هذا التبليغ معصوم من الناس - تبليغ فيه خطر على حياته و على الرسالة -؟!، وهل الرسول (ص) عصى الله ولم يبلغ ما أٌمِر أن يٌبلغ به؟؟!، أم بَلّغهم حسب تهافتهم أن الطليق الذي مات علي غير دين الملة وفرعون الأمة ابن آكلة الأكباد، واللعين وطريد رسول الله (ص) مروان بن الحكم والشجرة الملعونة في القرآن الكريم هم أئمة الهدى والخلفاء الراشدين المهديين !!، والغريب أنهم عجزوا حتى أن يعدوا الأئمة الإثنا عشر في سلسلة متصلة كحبل الله المتين والمتصل من السماء إلى الأرض، فالثقل الأكبر يلازمه الثقل الأصغر، فما خلا زمان من حجة، ومن مات دون بيعة للإمام الحق مات ميتة جاهلية !، و يبقى السؤال المحير لأتباع الإسلام السلطوي من هم الأئمة الإثني عشر، ومنه هو إمام كل زمان؟؟!!!.

نص حديث " الأئمة الإثنا عشر":

روى البخاري عن جابر بن سمرة، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " يكون اثنا عشر أميرا " فقال كلمة لم أسمعها، فقال أبي: أنه قال: " كلهم من قريش ".

روى مسلم عن جابر بن سمرة، قال: دخلت مع أبي على النبي (صلى الله عليه وآله) فسمعته يقول: " إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة ". قال: ثم تكلم بكلام خفي علي، قال: فقلت لأبي: ما قال؟ قال: " كلهم من قريش ".

روى أبو داود عن جابر بن سمرة قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " لا يزال هذا الدين عزيزا إلى اثني عشر خليفة " فكبر الناس وضجوا، ثم قال كلمة خفية، قلت لأبي: يا أبت ما قال؟ فقال: قال: " كلهم من قريش ".

روى الترمذي عن جابر بن سمرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " يكون من بعدي اثنا عشر أميرا " ثم تكلم بشيء لم أفهمه فسألت الذي يليني، فقال: قال: " كلهم من قريش ". قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقد روي من غير وجه عن جابر، ثم ذكر طريقا آخر إلى جابر.

روى أحمد في مسنده عن جابر بن سمرة، قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: " يكون لهذه الأمة اثنا عشر خليفة " ورواه عن 34 طريقا.

 روى الحاكم في المستدرك على الصحيحين في كتاب معرفة الصحابة عن عون بن جحيفة عن أبيه، قال: كنت مع عمي عند النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: " لا يزال أمر أمتي صالحا حتى يمضي اثنا عشر خليفة " ثم قال كلمة وخفض بها صوته، فقلت لعمي - وكان أمامي -: ما قال يا عم؟ قال: يا بني قال: " كلهم من قريش ".

لقد استطاع بنو أمية أن يزجوا أتباعهم في إسلام غير الإسلام المحمدي الأصيل، إسلام كبيت العنكبوت كله فتحات لا تعرف أية فتحة تسد من هجمات ريح الحق، (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [العنكبوت: 41])، و المعارف الإلهية و الطريق إلى التوحيد الخالص هي طريق الصراط المستقيم، محمد و آل محمد عليهم أفضل الصلوات و التسليم (أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ [الرعد: 17]).

[email protected]

......................

(1)، (2) نزلت في علي (ع)، راجع التفاسير.

(3) نزلت في أمر ولاية علي عليه السلام، راجع التفاسير.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 23/آب/2011 - 22/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م