جولة عابرة في موقع القرضاوي

علي حسين كبايسي

بمناسبة الموقع الجديد للشيخ العلامة القرضاوي، كان لِزَاما علينا القيام بزيارة عابرة، لعلنا نجد ما ينفعنا لديننا ودنيانا، فالحكمة ضالة المؤمن، رغم إيماني أن الحقيقة القرضاوية {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ [النور: 39]}، وما يثبت صحة اعتقادنا في الشيخ الأموي نستعرضه في ما استخلصناه من الجولة العابرة كما يلي:

يقول القرضاوي: " مما لا ريب فيه أن في القرآن محكما ومتشابها، وفقا لما صرح به القرآن نفسه في الآية السابعة من سورة آل عمران: {هُو الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران:7]. هذا مع أن في آية أخرى أثبت القرآن أن آياته كلها محكمة، كما قال تعالى في مطلع سورة هود: {الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود:1] ".

إقرار الشيخ بأن في القرآن محكم ومتشابه، ثم إقراره أن القرآن كله محكم انطلاقا من الآيتين [آل عمران:7] و[هود:1]، هل يريد الشيخ أن يبين لنا أن القرآن يجمع بين المتناقضين!؟ وهذا عقلا محال!! وإلا أصبح الخير والشر أمر واحد، إذن ما عجز عن فهمه الشيخ هو أن المحكم في الآية الأولى غير المحكم في الآية الثانية، والمتشابهة في الآية الأولى غير المتشابه في الآية {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ} [الزمر23]، كما ظن بقوله: " كما وصف القرآن في آية أخرى بأنه كله متشابه، كما قال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ} [الزمر23] "، لأن التشابه في الآية الثالثة شملت كل القرآن، بينما في الآية الأولى بعض القرآن، وما يصح عن الجزء لا يصح بالضرورة على الكل، قاعدة عقلائية، ومنه المقصود بالتشابه في الآية الثالثة هي أن آيات القرآن ذات نسق واحد من حيث جزالة النظم والكلام البليغ والأسلوب المتقن، وقوة الإعجاز، ولفهم المقصود من المحكم في الآية الثانية، علينا أن نقرأ قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ، وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ [الزخرف: 3 - 4]}، فيتبين لنا أن للقرآن مرتبتين: مرتبة أم الكتاب، ومرتبة المجعولية{وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً [الإسراء: 106]}، أي مرتبتي الحقيقة والرقيقة، فالمحكم في الآية الثانية بمعنى القرآن في أم الكتاب، فآياته كله محكمة في وحدة غير قابلة للتبعض والتجزء، والنكتة في الآية الأولى أن الله تعالى قال أم الكتاب ولم يقل أمهات الكتاب، لأن الآيات المحكمات هي الأصل الذي يرجع إليه المتشابه، وفي المجعولية {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [فصلت: 3]}، تعرض القرآن للكثرة وضرب الأمثال {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ [العنكبوت: 43]}، فكانت آيات متشابهة لا يفهم معناها إلا بإرجاعها إلى المحكم كقوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى [ طه - 5]}، آية متشابهة ولفهمها نرجعها للآية المحكمة {ليس كمثله شيء [الشورى - 11 ]}، لنفهم أن المراد هو التسلط على الملك والإحاطة على الخلق دون التمكن والاعتماد على المكان المستلزم للتجسم المستحيل على الله سبحانه، وكذلك مثلا قوله تعالى: {وجاء ربك [لفجر - 22]}، فيخيل إلى الذهن المستأنس بالمحسوس أن المجيء مادي في أبعاد ثلاثية، والله منزه عن ذلك، وهذا بخلاف ابن تيمية شيخ الشيخ الذي يجعل من آيات الصفات الخبرية محكمة فوقعا في التجسيم والتشبيه!!،{فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ [آل عمران: 7]}.

 يقول القرضاوي في السكينة والطمأنينة:" أولى هذه الثمار: سكينة النفس، وطمأنينة القلب، التي يشعر بها المتوكل على ربه، ويحس بها تملأ أقطار نفسه، …."، أسئلة للشيخ تطرح نفسها: ما الفرق بين القلب والنفس، ولماذا السكينة للنفس، والطمأنينة للقلب وليس العكس، وإن كان القلب والنفس واحد فلماذا التكرار، أم مجرد ديباجة لغوية!؟؟، ما المقصود بأقطار النفس، وهل للنفس أقطار!، أم أراد الشيخ أن يقسم النفس إلى أقطار كما قسم الغرب العالم العربي إلى أقطار وقطر!!، ما يجهله الشيخ أن للنفس قوى ومراتب عقلية وعملية، ثم يقول الشيخ عن السكينة: "إنها الحالة التي وجدها النبي صلى الله عليه وسلم في الغار حين أشفق عليه أبوبكر، فقال له: (لا تحزن إن الله معنا) (التوبة: 40)"، المشكلة لماذا بترت الآية {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة: 40]}!!؟؟، واضح إنك تريد أن تخفي نزول السكينة على الرسول دون صاحبه، قد تقول السكينة تخص الرسول(ص) فقط، فماذا تقول في الآية {هُو الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً [الفتح: 4]}، تتكلم عن السكينة، والخليفة الأول منها محروم سواءًا في الغار أو عندما حضرته سكرات الموت!؟، والعجيب يقول: حين أشفق عليه أبو بكر!!، إذن المفروض حسب الشيخ أن ينسب القرآن جملة: (لا تحزن إن الله معنا) إلى أبو بكر وليس إلى الرسول (ص)، ما هذا الفهم بالمقلوب للقرآن!!، وهل أبو بكر ليس في حاجة إلى السكينة!! وهذا ما تحقق فعلا!!.

في مقال المصلحة المرسلة يقول الشيخ: " واستند إليها معاوية في أخذه مُدَّين (أي نصف صاع) من القمح في زكاة الفطر في مقابل صاع من التمر، وأقرَّه الصحابة الذين كانوا في زمنه ما عدا أبا سعيد الخدري رضي الله عنهم "، منهم هؤلاء الصحابة الذين أقروه على ذلك!!، وبما أن حسب الإسلام السلطوي قاعدة الصحابة كلهم عدول، وأبا سعيد الخدري إختلف مع الصحابة!!، إذن فمن نتبع، أو نتبع الكل في إطار المتناقضات!!، حيث يقول العثيمين: ".... ولا شك انه حصل من بعضهم سرقة وشرب خمر وقذف وزنى بإحصان وزنى بغير إحصان، لكن هاته الأشياء تكون مغمورة بجنب فضائل القوم ومحاسنهم "!!!!

 ألِهذا الحد يصبح الدين هرجا ومرجا في الإسلام السلطوي المتلاعب بالأحكام التشريعية حسب الأهواء والرغبات، والملاحظ أن الشيخ لا يفرق بين الثلاثة: الجعل، وإبراز الجعل، أي مرحلتي التأسيس والبيان، والاجتهاد أي استنباط الحكم من مداركه الشرعية وهي القرآن والسنة والعقل والإجماع، والشيخ عن جهل يعطي لمعاوية مرتبة الوقوف التحققي على الأحكام وملكاتها؟؟!!!، وهل معاوية عند الشيخ أخذ مكانة النبي في إطار الصراع الهاشمي الأموي!!!.

في سير الأعلام معاوية يبيع الخمر: " إن عبادة بن الصامت مرت عليه قطارة وهو بالشام تحمل خمراً فقال: ما هذا زيت، فقيل لا بل خمر يباع لفلان، فأخذ عبادة بن الصامت شفرة من السوق فقام إليها فلم يذر فيها راوية إلا بقرها... وأبو هريرة يومئذٍ بالشام، فأرسل فلان إلى أبي هريرة … فأتاه أبو هريرة فقال: يا فلان ما لكَ ومعاوية!! ذره وما حُمّل فقال: ألم تكن فينا إذ بايعنا رسول الله على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ فسكت أبو هريرة. وكتب (فلان) إلى عثمان بأن عبادة قد أفسد عليه بالشام. فلان = معاوية (1) "، معاوية يبيع الخمر!!.

في مسند الشافعي: " أخبرنا مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، أن معاوية بن أبي سفيان، باع سقاية من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها، فقال له أبو الدرداء: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذا، فقال معاوية: ما أرى بهذا بأسا، فقال أبو الدرداء: من يعذرني من معاوية؟ أخبره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخبرني عن رأيه لا أساكنك بأرض"، وسنن النسائي: " حدثنا قتيبة عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن معاوية باع سقاية من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها فقال أبو الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذا إلا مثلا بمثل"، وجاء في الأضواء الأثرية للأثري: " إن معاوية باع سقاية من ذهبٍ أو ورقٍ بأكثر من وزنها فقال أبو الدرداء: سمعت رسول الله ينهى عن مثل هذا إلا مثلاً بمثل، فقال معاوية: ما أرى بهذا بأساً!!!، فقال أبو الدرداء: من يعذرني عن معاوية؟ أخبره عن رسول الله ويخبرني عن رأيه!! لا أسكانك بأرضٍ أنت بها "، معاوية يربي، ويحكم رأيه!!. {يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ [البقرة: 276]}.

في البداية والنهاية: " قال ابن جرير في هذه السنة إستلحق معاوية زياد ابن أبيه فألحقه بأبيه – يعني أبا سفيان – وذلك أن رجلاً عهد على إقرار أبي سفيان انه عاهرَ سمية أم زياد.... "، مخالفا قول الرسول (ص): " الولد للفراش وللعاهر الحجر"!!، ونِعمَ الأخلاق!!!.

في السنن الكبرى للبيهقي: "... عن سعيد بن جبير قال كنا عند ابن عباس بعرفة فقال يا سعيد مالي لا أسمع الناس يٌلبون فقلت يخافون معاوية فخرج ابن عباس من فسطاطه فقال لبيك اللهم لبيك وان رغم انف معاوية اللهم العنهم فقد تركوا السنة من بغض على رضي الله عنه "، وفي المستدرك على الصحيحين: "... عن سعيد بن جبير، قال: كنا مع ابن عباس بعرفة، فقال لي: يا سيد ما لي لا أسمع الناس يلبون؟ فقلت: يخافون من معاوية، قال: فخرج ابن عباس من فسطاطه، فقال: لبيك اللهم لبيك، فإنهم قد تركوا السنة من بغض علي رضي الله عنه "،" هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه "، معاوية يلغي التلبية بغضا لأمير المؤمنين علي عليه السلام!!!، ومخالفا لأحاديث الرسول (ص) منها: في صحيح مسلم - فضائل الصحابة -:"حدثنا: ‏ ‏قتيبة بن سعيد ‏ ‏ومحمد بن عباد ‏‏وتقارباً في اللفظ ‏ ‏قالا، حدثنا: ‏ ‏حاتم وهو إبن إسماعيل ‏ ‏، عن ‏ ‏بكير بن مسمار‏ ‏، عن ‏ ‏عامر بن سعد بن أبي وقاص ‏ ‏، عن ‏ ‏أبيه‏ ‏قال:‏ أمر‏ معاوية بن أبي سفيان ‏ ‏سعداً ‏، ‏فقال: ما منعك أن تسب ‏ ‏أبا التراب‏، ‏فقال: أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله ‏ (ص) ‏ ‏فلن أسبه لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي: من ‏ ‏حمر النعم ‏ سمعت رسول الله ‏ (ص) ‏‏يقول له ‏ ‏خلفه ‏ ‏في بعض مغازيه، فقال له ‏‏علي ‏ ‏يا رسول الله ‏ ‏خلفتني ‏‏مع النساء والصبيان، فقال له رسول الله ‏ (ص) ‏ ‏أما ‏ ‏ترضى أن تكون مني بمنزلة‏ ‏هارون ‏ ‏من ‏ ‏موسى ‏ ‏إلاّ أنها لا نبوة بعدي، وسمعته يقول يوم ‏ ‏خيبر: ‏لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، قال: فتطاولنا لها،فقال: ادعوا لي ‏‏علياً ‏ ‏فأتي به ‏ ‏أرمد، ‏فبصق في عينه ودفع الراية إليه ففتح الله عليه ولما نزلت هذه الآية ‏: فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ‏دعا رسول الله ‏ (ص) ‏ ‏علياً ‏ ‏وفاطمة ‏ ‏وحسناً‏‏ وحسيناً ‏، ‏فقال: اللهم هؤلاء أهلي "، وفي صحيح مسلم: ".... قال:‏ قال علي ‏: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي (ص) إلي ‏ ‏أن لا يحبني إلاّ مؤمن، ولا يبغضني إلاّ منافق "، وروى الإمام أحمد في الفضائل بسنده عن مساور الحميري عن أمه عن أم سلمة قالت:" سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي: لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق ".

هنيئا لأتباع الإسلام الأموي أن يكون اللعين والطليق ابن الطليق وابن آكلة الأكباد وشارب الخمر والمرابي ومن تجتمع فيه كل الموبقات أن يكون مشرعا لهم عوضا عن رسول الله (ص).

إن الأخذ بالمصلحة المرسلة تحصيل حاصل أن الدين ناقص وغير مكتمل وفي حاجة لأمثال معاوية والشيخ الأموي،{وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَـؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل: 89]}، {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [المائدة: 3]}، وما يزيد الأمر طامة كبرى تشريع قائم على الظن وهوى الأنفس في غياب القرآن والسنة والعقل، فحزب الشيخ يرفض الحسن والقبح العقليين.

جهل الشيخ لروح الديمقراطية، وذلك لعدم الانتباه أن في الديمقراطية دستور ثابت والإشكال أنه وضعي كتشريعات الإسلام السلطوي، وسلطات ثلاثة مستقلة: السلطة التشريعية، السلطة التنفيذية، السلطة القضائية، وهنا شبه كبير لنظرية الحكم في الإسلام، ولتوضيح ذلك قوله: " وهي التي وجَّهت عمر إلى وضع الخراج، وتدوين الدواوين، وتمصير الأمصار، واتِّخاذ السجون، والتعزير بعقوبات شتَّى، مثل إراقة اللبن المغشوش، ومشاطرة الولاة أموالهم إذا تاجروا أثناء ولايتهم. وهي التي جعلته يتَّخذ قرارات يرى المصلحة فيها "، وضع الخراج، وتدوين الدواوين، وتمصير الأمصار، واتِّخاذ السجون يدخل في إطار السلطة التنفيذية فأحكام السلطة التشريعية والتنفيذية متجددة في حلقات تطورية، لتستجيب لمتطلبات العصر في أطار الأحكام الثابتة للشريعة،أما التعزير بعقوبات شتَّى، يرجع لجهله بالإحكام، قضى في الجد بمائة قضية!!، وجهل حد شارب الخمر وهل يحد أم يعزر!!، يقول عمر: " ثلاث وددت أن رسول الله كان بينهن لنا: الجد، والكلالة، وأبواب من أبواب الربا "؟؟!!!، إن كان عمر مشرعا فلماذا يقول هذا الكلام!!، وقال الشيخ: " فهذه المصلحة هي التي جعلت أبا بكر يجمع الصحف المفرَّقة - التي كان القرآن مدوَّنا فيها من قبل - في مصحف واحد، وهو أمر لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا توقَّف فيه أول الأمر، ثم أقدم عليه بنصيحة عمر، لما رأى فيه من خير ومصلحة الإسلام"، فتناقض مع القرآن {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ [القيامة: 17]}، الرسول المؤيد بالوحي لم ينتبه، وانتبه الخليفة الأول لذلك!!، لماذا قال الخليفة الثاني يوم رزية الخميس: " حسبنا كتاب الله "!!، أم أن الشيخ يفرق بين الكتاب والمصحف!!، وختاما الشيخ يحلب فقها من الضرع الأموي الذي يجسد كل الموبقات واللعنات!!.

[email protected]

.........................................

(1) الأمانة العلمية للإسلام السلطوي.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 13/آب/2011 - 12/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م