مفاوضات ومحاولات للخروج من الأزمة السياسية

ناجي الغزي

منذ مبادرة مسعود البارزاني في أيلول 2010 لحل الأزمة السياسية في العراق لحسم موضوع الرئاسات الثلاث وتشكيل الحكومة. الا أن الكتل السياسية لم تستطع إنهاء هذه الأزمة رغم بذل الكثير من الجهود والمحاولات المضنية لإنهائها. ونظراً للمواقف المتشنجة والمتصلبة من قبل الاطراف حول مبادرة أربيل تدهورت الخلافات وأرتقت الى أزمة سياسية حادة، تركت ظلالها بشكل واضح وجلي على مفاصل الدولة ومؤسساتها مما أدى الى تعطيل وتأخير تسمية أهم وزارات الدولة العراقية وهي ( الدفاع والداخلية والأمن الوطني وجهاز المخابرات) وكان من أبرز نقاط الخلاف والاختلاف يدور حول آلية اختيار رئيس مجلس السياسات الاستراتيجية والصفة التي يتمتع بها رئيس المجلس وصلاحياته.

ورغم الأزمة الحادة التي تعصف بالفرقاء السياسيين وتداعياتها على المجتمع العراقي الا أن جولة المفاوضات والمحاولات التي تسير على طاولة الكتلة الكردستانية من أجل تقريب وجهات النظر وحلحلة الخلافات المتشنجة بين دولة القانون والعراقية محفوفة بمخاوف التنصل والتخوين والتشكيك.

 وعلى صعيد الإجتماع الأخير الذي حظى بأجواء إيجابية ونتائج مقبولة، حسب ما جاء على لسان أغلب الزعماء السياسيين المشاركين في الاجتماع في بيت الرئيس الطلباني، مما يدعو الى التفاؤل والأمل بإنفراج الازمة السياسية وتصحيح مساراتها. من خلال تفعيل اتفاقية أربيل وحل نقاط الخلافات العالقة به، وحسم الملفات الوزارية المعطلة.

ولكن المضي في المفاوضات بسرعة وبضغوط خارجية أمريكية من أجل تمرير "الاتفاقية الامنية" وقبول الاتفاق بشكل ضبابي وحلحلة الخلاف بشكل عائم، وبدون رسم خارطة طريق حقيقية وجلية تحسم جميع نقاط الخلاف، ربما تمضي بتلك المفاوضات والمحاولات الى الفشل. وهنا لانريد أن نفسد على الاطراف بهجتهم بقدر مانريد أن يكون المرور على جسر الاتفاقات بسلام دون أن ينكسر. لأن حجم الصدع في جدار العلاقات كبير ومستوى النرجسية عال جداً لدى الزعماء، وأجواء الثقة معدمة لدرجة كبيرة. لذلك يجب أن يكون التنازل معيار حقيقي للأطراف المتنازعة والمتفاوضة، وأن لاتتمسك تلك الاطراف بسقف مطالبها العالي نتيجة الضغوط التي تمارس عليها من داخل كتلها او من قبل أطراف خارجية، أو لخوفها من الخسائر التي تلحق بمكاسبها السياسية وإستحقاقاتها الانتخابية، وبدون ذلك التنازل سيكون من الصعب التوصل إلى اتفاق.

وعلينا جميعاً أن ندرك ان هناك تكلفة سياسية كبيرة ستدفعها البلاد نتيجة انهيار تلك المفاوضات، فضلا عن التكلفة الأمنية والاقتصادية. لذا يتوجب على الأطراف المختلفة والمتصارعة أن تعزز الثقة بينها وأن لاتدمرها من أجل الاستقرار السياسي والأمني والإقتصادي في العراق. وتلك المفاوضات تسير في ظل تفاوت في التوقعات بين متفائل بحل يؤدي الى نجاحها وضمان حصول زعيم القائمة العراقية على مكسب مجلس السياسات الاستراتيجية بعد أن يحول كملف من قبل رئيس الجمهورية وطرحه في قبة البرلمان للتصويت عليه، وحسب تصريح الرئيس الطلباني إذ سيتم اعتماده دستوريا، ويصبح عرفا غير مقتصر على هذه الدورة البرلمانية فحسب، وبهذا قد تحققت رغبة العراقية في طرح مجلس السياسات امام البرلمان. وبين متشائم يخشى من تفاقم الخلافات وتباعد وجهات النظر بعد أن ظهرت نفثات من قبل بعض أعضاء دولة القانون على وسائل الأعلام تفسر صلاحياته ومدته الزمنية ولزوم قراراته من عدمها.

 مما دعا السيد الطلباني الفرقاء للتهدئة ووضع حد للمهاترات السياسية لانها لاتخدم الوضع السياسي ونحن نمر بشهر الطاعة الفضيل شهر رمضان، وربما تؤثر تلك التصريحات على الشارع العراقي.

 ورغم تفاؤلنا المحدود بالانفراج النسبي للأزمة الا أن العملية السياسية تمر بأزمات متعددة الألوان والأشكال، وتزرع بألغام مؤقتة من خلال تكريس وتقنين حالات خاطئة كالطائفية بثوب جديد يدعى التوازن الحكومي التي تعيد النظر بالمناصب الخاصة. لذلك لم نرى لها نهاية قريبة وربما تستمر لتعبر الى الحكومة القادمة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 11/آب/2011 - 10/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م