أمريكا... أزمة اقتصادية قاصمة

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: الولايات المتحدة الامريكية وبحسب تصريحات كبار مسئوليها المعلنة، تؤكد بان مقدرتها على مواجهة ازمة الديون والخلافات السياسية حول رفع سقف الاقتراض الفدرالي، عالية وسوف تنجح في التعافي والعودة الى وضعها الطبيعي اقتصادي، ولكن على صعيد الواقع اشار العديد من المحللين الاقتصاديين والخبراء في الشؤون الامريكية، ان هذه التصريحات تعبر عن تفائل كبير او مبالغة لامبرر له، فالازمة الحالية اكبر من مسألة الديون، اذ ان الاقتصاد الامريكي يعاني اصلاً من شلل في كثير من قطاعاته الحيوية، وقد جاءت الازمة الاقتصادية التي تعاني منها اوربا لتزيد الامور سوءً بالنسبة للولايات المتحدة، اضف الى ذلك ماتعانيه من بطالة وتقليص الانفاق الحكومي ومشاكل الدولار وانحسار الازدهار ...الخ، ويبدوا ان الايام القادمة كفيلة بتحديد الاجابة حول امكانية تجاوز الازمة ام السقوط فيها.

اوباما يندد بالجمهوريين

فقد طالب الرئيس الاميركي باراك اوباما الجمهوريين بتفادي التخلف عن تسديد الديون بعد الثاني من اب الذي سيؤدي الى "ازمة اقتصادية خطيرة"، لكنه اكد في الوقت نفسه ان التوصل الى تسوية يبقى امرا ممكنا في الايام المقبلة بشأن رفع سقف الدين، واعتبر اوباما في خطاب الى الامة بث مباشرة في ساعة متأخرة من المساء ان موقف الجمهوريين في النقاش حول الدين ادى الى مأزق "خطير"، ودعا المواطنين الى الضغط على الكونغرس حيث خصومه يحظون بالغالبية في مجلس النواب، وامام المأزق المستمر في المفاوضات سجل اليورو مؤخراً ارتفاعا كبيرا امام الدولار بحيث بلغ سعره 1،4474 دولار، واكد اوباما "قلت لقادة الحزبين انه ينبغي عليهم التوصل في الايام المقبلة الى تسوية ليتمكن مجلسا الكونغرس من تبنيها واستطيع ان اعلنه، اني على يقين باننا نستطيع التوصل الى هذه التسوية"، وبعد اسابيع من المفاوضات المحتدمة ما زال الجمهوريون وحلفاء اوباما الديمقراطيون الذين يسيطرون على مجلس الشيوخ يختلفون بشأن اجراءات خطة خفض العجز لتترافق مع اتفاق على رفع سقف الدين الذي بلغ في ايار/مايو حده الاقصى وهو 14300 مليار دولار، ودعت المديرة العامة لصندوق النقد كريستين لاغارد في نيويورك، الولايات المتحدة الى "ايجاد حل" بشأن رفع سقف الدين العام، وبعد الاتفاق الذي توصل اليه في 21 تموز قادة منطقة اليورو بشأن اليونان، تأمل لاغارد "ان تتبع هذه التدابير الشجاعة ايضا في الولايات المتحدة وان تتخذ خطوة في مجال الميزانية باسرع وقت ممكن"، مضيفة "لانه بكل صدق ان اي تخلف عن سداد الدين او اي خفض كبير لعلامة الولايات المتحدة، سيكون حدثا خطيرا جد، ليس بالنسبة للولايات المتحدة فقط بل وايضا للاقتصاد العالمي بوجه العموم". بحسب فرانس برس.

وبحسب صندوق النقد الدولي فان الدين العام الاميركي سيبلغ 99،0% من اجمالي الناتج الوطني في 2011 و103،0% في 2012/ فيما كان يتوقع في حزيران/يونيو 98،3% ثم 102،3%، ورفض اوباما اقتراحا جمهوريا برفع سقف الدين بصورة موقتة، مؤكدا ان ذلك سيؤدي الى تكرارالازمة بعد ستة اشهر، واضاف الرئيس الاميركي "هذا ليس اسلوبا مناسبا لادارة شؤون اعظم بلد في العالم، انها لعبة خطيرة لم نلعبها من قبل ولا يجوز ان نسمح لانفسنا بان نلعبها الان، ليس حين تكون وظائف وحياة هذا العدد الكبير من العائلات على المحك"، ورد الرئيس الجمهوري لمجلس النواب جون باينر انه لا يمكن للولايات المتحدة ان "تتخلف عن واجباتها"، لكنه اتهم ايضا اوباما بالتشدد ازاء الحلول التي تقدم بها حزبه، وقال "ان الحقيقة المحزنة هي ان الرئيس يريد شيكا على بياض"، واعدا في الوقت نفسه بطرح نص قانون على مجلس الشيوخ ثم على اوباما لتفادي اي تخلف عن السداد، واضاف "ان اصدره الرئيس فان اجواء "الازمة" التي تسبب بها ستختفي تلقائيا"، اما زعيم كتلة الديمقراطيين في مجلس الشيوخ هاري ريد فاقترح من جانبه خطة اخرى تقضي برفع سقف الدين بشكل كاف حتى العام 2013 ليترافق ذلك بخفض العجز 2700 مليار دولار لكن بدون عائدات ضريبية جديدة، خلافا لما يرغب به اوبام، ويعتبر الرئيس ان هذه الخطة الاخيرة "تشكل ايداع ضمانة بشأن خفض العجز وتجعلنا لا نحتاج للمرور مجددا (بهذا النقاش) بعد ستة اشهر"، ويعتبر باينر ان خطة ريد "مليئة بالحساب المريب والامور الغريبة"، ويقترح زعيم الجمهوريين الذي يرفض اي زيادة للضرائب على الاكثر ثراء، رفع سقف الدين بحلول شباط/فبراير-اذار/مارس 2012 ثم بحلول 2013، وافاد استطلاع للراي اجرته صحيفة واشنطن بوست وشبكة التلفزة اي بي سي ان 37% من الاميركيين يعتبرون ان اوباما اسهم في تفاقم الوضع الاقتصادي، اي ست نقاط اكثر من تشرين الاول/اكتوبر، لكن 65% يرفضون تعاطي الجمهوريين مع مشكلة البطالة.

مفاوضات ماراثونية

الى ذلك أجرى الرئيس الأمريكي باراك أوباما وكبار المشرعين الأمريكيين مفاوضات ماراثونية لبحث مشكلة الدين، لكنها لم تخرج بنتيجة مما قد يهدد الاقتصاد الأمريكي بكارثة إن لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن سقف الدين العام قبل عشرة أيام، واتهم رئيس الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأمريكي السناتور هاري ريد البارحة الأولى الجمهوريين بدفع الولايات المتحدة إلى "شفير التخلف عن السداد"، برفضهم التنازل في المفاوضات المصيرية الجارية بين الحزبين حول رفع سقف الدين العام، وقال ريد إن "عدم استعدادهم لتقديم تنازلات يدفع الولايات المتحدة إلى شفير التخلف عن السداد"، وأضاف أن "وقت السياسة قد نفد والوقت الآن هو للتعاون"، وصدر بيان ريد بعد يوم ماراثوني من المفاوضات الفاشلة في البيت الأبيض ومن ثم في الكونجرس، لتجنيب البلاد كارثة مالية محتومة بعد أيام في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق على رفع سقف الدين العام، وبالتالي عدم الوقوع في فخ التخلف عن السداد، وأوضح ريد أن نقطة أساسية في الخلاف بين الجانبين في المفاوضات الرامية إلى رفع سقف الدين إلى أكثر من 14.3 تريليون دولار التي بلغتها المالية العامة في 16 أيار (مايو)، تكمن في ما إذا كان تمديد فترة السماح بالاقتراض سيمتد لغاية الانتخابات الرئاسية في 2012، وقال إن "أي شيء أقل من هذا لن ينجح في توفير الطمأنينة التي تتطلع إليها الأسواق والعالم أجمع، ويهدد بخفض فوري لمستوى التصنيف الائتماني للولايات المتحدة"، وأدلى ريد بهذا التصريح إثر مشاركته في جولة مفاوضات مع كل من رئيس مجلس النواب الجمهوري جون باينر وزعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ السناتور ميتش ماكونيل وزعيمة الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب نانسي بيلوسي، وأضاف "آمل أن يعيد رئيس المجلس باينر والزعيم ماكونيل النظر في موقفهما المتعنت". بحسب فرانس برس.

بالمقابل أعلن مسؤول أمريكي أن باينر أعرب عن أمله في التوصل إلى اتفاق حول رفع سقف الدين العام قريباً، وأوضح المسؤول أن باينر أعرب عن هذه الرغبة خلال اجتماع عبر الهاتف مع برلمانيين جمهوريين آخرين، مؤكدا أن الزعيم الجمهوري "يدرك المخاوف المتعلقة بالأسواق الآسيوية"، وبحسب أحد المشاركين في هذا الاجتماع فإن باينر دعا زملاءه إلى ترتيب صفوفهم والتمسك بموقفهم، مشيرا إلى أن المفاوضات مع البيت الأبيض تتناول خفض نفقات الدولة الفيدرالية من أربعة آلاف مليار دولار إلى ثلاثة آلاف مليار، وأوباما مستعد للتضحية ببعض النفقات ذات الطابع الاجتماعية لكنه يطالب في المقابل بزيادة الضرائب على الفئات الأكثر ثراء وهو ما يعارضه الجمهوريون معارضة تامة، وإذ لم يتم التوصل قبل الثاني من آب (أغسطس) إلى اتفاق حول رفع سقف الدين العام، تصبح الإدارة الأمريكية في حالة تخلف عن السداد، الأمر الذي من شأنه أن يعرض الاقتصاد العالمي بمجمله للخطر، وكان البيت الأبيض قد دعا في أعقاب اجتماع بين أوباما وقادة الكونجرس إلى "تجنب المناورات السياسية المتهورة" فيما يتعلق بالاقتصاد الأمريكي، وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني "بدلا من ذلك على الكونجرس أن يتحلى بالمسؤولية ويقوم بواجبه بما يحول دون التخلف عن سداد الديون، وبما يؤدي لخفض العجز في الموازنة"، وقال البيت الأبيض في بيان إن الرئيس أوباما خلال الاجتماع "أعاد تأكيد معارضته لرفع سقف المديونية لأجل قصير"، مضيفا أن أي إجراء محدد بأجل قصير قد لا يجنب الولايات المتحدة تدني تصنيفها الائتماني، لكن بالرغم من الفشل المدوي للمفاوضات بين أوباما وباينر لم تتوقف المحادثات، وقال كارني "إن قادة مجلسي الشيوخ والنواب وافقا على العودة إلى الكونجرس للتحدث إلى كتلتيهما وبحث الطريقة التي تساعد على التقدم، والمحادثات"، من جهته أكد باينر بدوره أن أعضاء المجلسين سيواصلون العمل، وأضاف "خلال عطلة نهاية الأسبوع سيعد الكونجرس حلا مسؤولا للخروج من المأزق"، وتابع قائلا "سيعمل قادة مجلسي النواب والشيوخ لإيجاد حل مدعوم من الحزبين من أجل خفض نفقات واشنطن بشكل كبير وصون الثقة (تجاه اقتصاد) الولايات المتحدة"، وفي الجانب الديمقراطي قالت بيلوسي إنها "تأمل" أن يتم التوصل إلى اتفاق، وأضافت "يجب الاستفادة من كل لحظة".

انهيار المفاوضات

من جهته أعلن الرئيس الأمريكي باراك اوباما فشل المفاوضات التي اجراها مع رئيس مجلس النواب جون بينر بشأن رفع سقف الاقتراض الحكومي، مؤكدا انه قدم لمحاوره عرضا "عادلا للغاية"، وقال اوباما في تصريح للصحافيين إن الأمريكيين "ضاقوا ذرعا" بعجز الكونغرس عن التوصل إلى اتفاق بشأن أزمة الدين العام، وأوضح أنه دعا قادة الكونغرس الى اجتماع صباح السبت لاستئناف المحادثات تجنبا لتخلف الحكومة الأمريكية عن سداد ديونها إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق قبل الثاني من اغسطس/آب، وأكد الرئيس الأمريكي انه "لا يزال واثقا" من ان الولايات المتحدة لن تقع في حالة تخلف عن سداد ديونه، كما أعلن استعداده لان يتحمل لوحده مسؤولية رفع سقف الدين، وقال "في النهاية ان مسؤوليتي هي ضمان تجنيب الشعب الأمريكي وقطاع الاعمال الأمريكي مصاعب فوق العادة"، وفي وقت سابق قال اوباما إن كل مواطن أمريكي سوف يتضرر اذا فشلت الجهود الرامية الى رفع سقف الدين، وأكد ضرورة التحرك لمعالجة المشكلات الناجمة عن الحروب الباهظة التكاليف في العراق وافغانستان وبرامج الانفاق الحكومي لإنعاش الاقتصاد، واضاف "الامر ببساطة هو ان بطاقة ائتمان أمريكا محملة بكثير من الديون ولا لوم على أي الحزبين في القرارات التي ادت الى هذه المشكلة لكن على الحزبين مسؤولية حلها"، وكان بينر وهو من قيادات الحزب الجمهوري انسحب من المفاوضات التي جرت في البيت الأبيض مع الرئيس أوباما. بحسب البي بي سي.

وأوضح أوباما أن العرض الذي تقدم به ورفضه باينر اشتمل على تخفيضات بقيمة 650 مليار دولار في مشاريع الإعانة، وأضاف في مؤتمر صحفي "من الصعب فهم السبب الذي دعا باينر إلى رفض مثل هذا العرض"، بينما قال بينر، في خطاب وزعه على أعضاء الحزب الجمهوري، "لم نستطع التواصل في نهاية الأمر"، وأضاف "قررت أن أنهي المفاوضات مع البيت الأبيض وأن أبدأ محادثات مع قادة مجلس الشيوخ في محاولة لإيجاد مخرج"، وقد رفض مجلس الشيوخ الذي يهيمن عليه الحزب الديمقراطي مشروع قانون أقره مجلس النواب ذو الأغلبية الجمهورية لخفض الأنفاق الحكومي، وتضمن المشروع تخفيضات كبيرة في الإنفاق وبنودا تلزم الحكومة باتخاذ إجراءات معالجة العجزر في الميزانية، وتشير التقارير إلى أن الديمقراطيين والجمهوريين يصرون على مواقفهم بشأن أزمة الديون، وفي هذا السياق وجه رئيس مجلس النواب الأمريكي انتقادات شديدة إلى مواقف الرئيس أوباما في المحادثات الخاصة بمشكلة الديون، وقال في مقابلة متلفزة إن الرئيس "لا يريد القيام بما يجب عليه لحل مشكلاتنا"، وأضاف بينر أن هناك إنفاقا حكوميا زائدا يؤدي للعجز في الميزانية رغم ارتفاع الإيرادات، ونفى ما تردد عن قرب التوصل إلى تسوية بشأن رفع سقف الاقتراض.في المقابل أعلن السيناتور هاري ريد زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ رفض حزبه مساعي الجمهوريين للتوصل إلى اتفاق قصير الأمد بشأن مشكلتي الديون وعجز الميزانية، وأكد إصرار حزبه على إبرام اتفاق طويل الأجل، ويطرح البيت الأبيض خطة تتضمن تخفيضات في الإنفاق الحكومي لخفض عجز الميزانية المقدر بنحو 1.5 تريليون دولار.

أمريكا واثقة

من جهة اخرى أكدت الولايات المتحدة أنه من غير الوارد لدى ادارة الرئيس باراك اوباما ان تدع البلاد تصل الى حدود التخلف عن سداد ديونه، وقال وزير الخزانة الاميركي تيموثي غايتنر ان بلاده لن تتخلف عن سداد متطلبات الديون المستحقة عليها، في الوقت الذي تتسارع الايام باتجاه الموعد النهائي للتوصل الى اتفاق بشان رفع سقف المديونية الاميركية، والمحدد بالثاني من اغسطس، وقال غايتنر في مقابلة متلفزة، "من غير الوارد ان لا تسدد بلادنا واجباتها في موعد استحقاقها"، مضيفا "هذا لن يحصل"، واضاف غايتنر انه يتعين على الكونغرس الخروج بخطة تبعد شبح تخلف الولايات المتحدة عن سداد مستحقات دينها الهائل البالغ 14،3 تريليون دولار على الاقل لمدة 18 شهرا، ما يتجاوز الانتخابات المقررة في نوفمبر 2012، وقال في مقابلة اخرى "علينا ابعاد هذا الاحتمال من على الطاولة، كما علينا ان نجتمع ونتفق على القيام بعمليات توفير للنفقات على الامد الطويل"، وتابع "نحن نسعى لتجنب التخلف عن سداد المستحقات انيا، وتجنب التخلف عن ذلك في المستقبل ايضا"، وفي الاثناء يواصل الرئيس باراك اوباما وكبار زعماء الكونغرس مجددا السعي للوصول الى اتفاق طال انتظاره بما يحول دون تخلف الولايات المتحدة لاول مرة عن سداد مستحقات ديونها، وهو ما يمكن ان يحدث بدءا من الثاني من اب/اغسطس حينما ينفد ما لدى الحكومة من اموال لدفع فواتيرها والمستحقات من رواتب وغيرها. بحسب فرانس برس.

وقال غايتنر ان الجمهوري رئيس مجلس النواب جون باينر وزعيم الاقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل "اوضحا جليا انهما لن يتركا هذا البلد يتخلف عن سداد مستحقاته"، واضاف "لن يتركانا في وضع هدد به اعضاء حزبهما (الجمهوري) من تخلف الولايات المتحدة عن دينه، لن يسمحا بذلك"، وقال غايتنر انه بمقتضى خطة مقترحة يمكن تشكيل لجنة خلال الاشهر المقبلة تعهد اليها صلاحيات خاصة لوضع اطار من الاصلاحات العميقة للاقتصاد الاميركي، واضاف ان على الولايات المتحدة ان "تظهر للعالم قدرتنا على ترتيب بيتنا المالي"، وما زالت الاجتماعات المغلقة التي يجريها المسؤولون الاميركيون في البيت الابيض مع قادة الكونغرس بهدف الوصول الى اتفاق رغم المخاوف من ان يؤدي عدم الاتفاق الى تداعيات سلبية ضخمة تضر بالاسواق العالمية بدءا من افتتاح البورصات الاسيوية،  وصرح غايتنر، ان "الزعماء من الجانبين (الديموقراطي والجمهوري) يدركان ان الوقت يداهمهم"، محددا ذلك بـ"هذا الاسبوع"، واضاف "يتعين عليهم دفع تلك العملية في مجلس النواب لعدم تفويت المهلة، ويتعين عليهم الاتفاق اليوم على اطار يدركون يقينا انه قابل للتمرير عبر مجلسي الكونغرس ويقبله الرئيس"، يذكر ان واشنطن بلغت سقف ديونها في 16 ايار/مايو غير انها لجأت الى تعديلات في الانفاق والمحاسبة وفواتير ضريبية اعلى من المتوقع لتواصل دفع استحقاقاتها حتى الثاني من اغسطس، ورغم ملاحقته بالاسئلة، رفض وزير الخزانة التصريح بما اذا كان لدى ادارة اوباما خطة بديلة في حال عدم التوصل الى اتفاق، وما اذا كانت قد حددت اوجها للانفاق ستقوم بتنفيذه، وقال غايتنر "سنفعل ما في وسعنا لتخفيف وقع الضرر"، مشيرا الى ان الولايات المتحدة تصدر 80 مليون شيك لسداد مستحقات ودفع رواتب شهريا.

قرارات صعبة

في سياق متصل أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما استعداده لاتخاذ ما وصفه بالقرارات الصعبة إذا قدم الحزب الجمهوري خطة لتفادي التخلف عن سداد ديون الحكومة الامريكية، وقال أوباما إن استمرار رفض الأعضاء الجمهوريين في الكونغرس الأمريكي لمقترحاته بزيادات في الضرائب " غير عملي"، وتواصلت المحادثات بين أوباما وقيادات الكونغرس في البيت الأبيض إلا انها فشلت في تحقيق أي تقدم بشأن الخلاف حول رفع سقف الاقتراض الحكومي بعد أن تخطى إجمالي الدين الوطني في الولايات المتحدة 14.3 تريليون دولار، وبلغ العجز المقدر في الميزانية هذا العام 1.3 تريليون دولار، وحذرت إدارة اوباما من انه في حالة الفشل في التوصل إلى اتفاق قبل المهلة المحددة بحلول الثاني من أغسطس/ آب المقبل لن يكون لدى الحكومة أموال لتمويل التزاماتها ويصر الجمهوريون الذين يتمتعون بالأغلبية في مجلس النواب على أن تتعهد الحكومة بخفض العجز قبل أن يوافقوا على رفع سقف الدين، لكن المحادثات تعثرت بسبب خلافات حول الانفاق والضرائب، واكد أوباما في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض انه وافق على تخفيضات كبيرة في الانفاق الحكومي على الإعانات وبرامج الرعاية الاجتماعية، ويريد الرئيس الديمقراطي في المقابل أن يقبل الجمهوريون ببعض الزيادات الضريبية على الامريكيين الاثرياء للمساعدة في خفض العجز القياسي في الميزانية الامريكية، وأوضح الرئيس الأمريكي أنه إذا قدم الجمهوريون خطة جادة فإنه مستعد لاتخاذ قرارات صعبة خلال الأيام القادمة، وقال اوباما إن الحزب الجمهوري امامه" فرصة نادرة لتحقيق إنجاز كبير" من خلال تحقيق الاستقرار في الاقتصاد الأمريكي لعدة عقود مقبلة، ودعا الرئيس الأمريكي قادة الكونغرس الى اعداد "خطة عمل" خلال الـ 36 ساعة القادمة بشأن كيفية تجاوز العثرة في المحادثات التي تهدف لخفض العجز وتفادي التخلف عن سداد الديون، وقال أوباما ان أسعار الفائدة سترتفع اذا تخلفت الولايات المتحدة عن سداد ديونها وهو ما سيزيد تكلفة قروض المنازل والسيارات على الامريكيين، وكان الرئيس الامريكي قد حذر هذا الاسبوع من أن المواطنين كبار السن قد لا يتلقون مدفوعات الضمان الاجتماعي اذا تخلفت البلاد عن سداد الديون، وقال أوباما ان الامر سيكون "فعليا زيادة ضريبية على الجميع".

ارتفاع أسعار الذهب

من جانبها ارتفعت اسعار الذهب إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق بينما هبط الدولار إلى أدنى مستوى له أمام الين الياباني خلال أربعة اشهر، وذلك بسبب المخاوف من ألا تستطيع الولايات المتحدة سداد ديونه، ويأتي الكشف عن هذه التطورات بعد أن اعلنت شركة موديز للتصنيف الائتماني انها ربما تخفض مرتبة الولايات المتحدة الائتمانية، محذرة من أن هناك "احتمال متزايد" ألا تتمكن واشنطن من الوفاء بديونه، ويجب على السياسيين الأمريكيين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي الاتفاق على زيادة الحد الأعلى للدين بحلول الثاني من اغسطس/ آب المقبل لتجنب التخلف عن سداد الدين، لكن لا يزال الحزبان مختلفين بشأن الكيفية المثلى لزيادة الدين، وارتفع سعر البيع الفوري للذهب إلى 1589.56 دولارا للأوقية، قبل أن يهبط إلى 1584.51 دولارا للأوقية، وينظر إلى الذهب باعتباره أفضل ملاذ للحفاظ على الأموال في أوقات الاضطراب الاقتصادي مما أدى إلى ارتفاع أسعاره، لكن محللين يقولون إن هذا الارتفاع ناتج أيضا عن انخفاض سعر الدولار، مما جعل الذهب يسير المنال بالنسبة لمالكي العملات الأخرى. بحسب البي بي سي.

وكان الدولار هبط إلى 78.45 ين في وقت سابق، وهو أدنى مستوى له أمام العملة اليابانية منذ مارس/ آذار الماضي، قبل أن يتعافى قليلا ليصل إلى 79.61 ين، كما انخفض الدولار أمام العملة الأوروبية بنسبة 0.6 في المئة، ليصل إلى 0.7017 من اليورو، أما الجنيه الاسترليني فقد ارتفع أمام الدولار بنسبة 0.2 في المئة، ليصل إلى 1.6142 دولار، وفي الأسواق الأوروبية، انخفض مؤشر داكس الالماني بحوالي 0.3 في المئة، كما تراجع مؤشر فاينانشيال تايمز بنسبة 0.4 في المئة، وفي الاسواق الآسيوية تراجع مؤشر نيكي الياباني في وقت سابق بحوالي 0.3 في المئة، واغلق مؤشر داو جونز الأمريكي على ارتفاع مقداره 0.4 في المئة، لكن ذلك الارتفاع كان قبل إصدار موديز تحذيرها بشأن الوضع الائتماني للولايات المتحدة، في هذه الاثناء دعت الصين، وهي أكبر مالك لسندات الخزانة الأمريكية، الولايات المتحدة إلى حماية المستثمرين، وقال هونغ لي المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية "نأمل أن تتبنى الحكومة الأمريكية سياسة وإجراءات مسؤولة لضمان مصالح المستثمرين، وتحتفظ الصين بسندات أمريكية تبلغ قيمتها حوالى 1.15 ترليون دولار.

أزمة في أوروبا

من جانب اخر حذر الرئيس الاميركي باراك اوباما الجمهوريين من أن "الوقت ينفد" للتوصل إلى اتفاق يتيح رفع سقف الديون، معلنا انفتاحه على أي اقتراح "جدي" من قبل خصومه الجمهوريين، وقال الرئيس الاميركي في مؤتمر صحافي عقده في البيت الابيض "الوقت ينفد"، مذكرا بانه اعطى الخميس ما بين 24 و36 ساعة الى اعضاء الكونغرس للتوصل الى اتفاق، واضاف في اشارة الى اعضاء الكونغرس "في حال قدموا الي خطة جدية فانا مستعد للتحرك"، ولم تثمر المفاوضات التي عقدت في البيت الابيض مع الجمهوريين عن اي نتيجة حتى الان، ووصف اوباما ب"الخطوة غير الجدية" دعوة الجمهوريين للتوصل الى تسوية من دون زيادة الضرائب، وقال الرئيس الاميركي "لم اشاهد خطة جدية، ومجرد عدم طلب شيء من الاكثر ثراء بيننا لا يبدو لي خطة جيدة"، واعتبر ان بعض اعضاء الكونغرس هم "اسرى ايديولوجيتهم"، ومنذ منتصف مايو وصل الدين الفدرالي الاميركي الى المستوى القياسي المسموح به، وهي مشكلة لا تنوي الخزانة الاميركية التهرب منها الى اجل غير مسمى، وتعتبر انه لا بد من رفع هذا السقف المسموح به عبر تصويت في الكونغرس، ويعرقل الجمهوريون الذي يتمتعون باكثرية في مجلس النواب هذا المسعى ويرغبون بالتصدي للعجز بعد ان كانوا يطالبون بالعكس لسنوات طويلة حتى العام 2009، ويسعى الرئيس الاميركي الى التوصل الى اتفاق شامل ويرى انه قام بما يتوجب عليه عندما وافق على التضحية بموازنات كبيرة عامة والمس بالبرنامجين الاجتماعيين "ميديكير" و"ميديكيد" اللذين كانا في قلب حملته الانتخابية عام 2008، بالمقابل فهو ينتظر من الجمهوريين ان يوافقوا على زيادة الضرائب المفروضة على الاكثر ثراء، وقال "ان مجرد عدم طلب شيء من الاكثر ثراء بيننا لا يبدو لي خطة جدية"، وتصل قيمة الدين الاميركي الى 14294 مليار دولار. بحسب فرانس برس.

ويتخوف بعض الاقتصاديين ورجال الاعمال من ان يؤدي عجز الولايات المتحدة عن تسوية مشكلة ديونها الى الانعكاس سلبا على الاقتصاد العالمي الذي لم يخرج بعد من ازمته، إلى ذلك اعتبر رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي بن برنانكي في واشنطن أن أزمة الديون الاوروبية تهدد اقتصاد الولايات المتحدة، وقال برنانكي امام اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ "ما يجري (في اوروبا) يهدد اقتصاد الولايات المتحدة لانه في حال حصل تدهور كبير في اوروبا فسنشهد المزيد من تجنب المخاطر وتراجعا لاسعار الاسهم المالية وانعدام استقرار كبير في الاسواق"، واضاف "سوف نشهد ارتفاعا شاملا في معدل الخطر، تدني اسعار الاسهم المالية وعدم استقرار قوي في الاسواق"، واوضح "سنتاثر بشكل اكبر من وضع مالي كهذا مما لو كانت المؤسسات الاميركية معرضة بشكل مباشر" للوضع في اليونان او البرتغال او ايرلند، وردا على سؤال من احد النواب، اعلن برنانكي ان المصرف المركزي "يمضي الكثير من الوقت في تقييم تعرض المؤسسات المالية الاميركية" لهذه الدول الثلاث، واعتبر ان هذا التعرض "ضعيف ويمكن التحكم به بشكل عام" و"بالتالي لا نتوقع ان تكون الاثار المباشرة لمشاكل مثل عدم سداد (احدى هذه الدول) عاملا حاسما" للمصارف والاموال الاميركية، وتابع برنانكي ان النمو الاقتصادي للولايات المتحدة يجب ان يتسارع بحلول نهاية العام، الا انه من المتوقع ان يظل بطيئا وهناك خطر لا يمكن الاستهانة به بان هذا التكهن قد يكون متفائلا، وذلك سبب الشكوك الكبيرة التي اثارتها ازمة الديون في اوروبا.

خفض الانفاق

على صعيد اخر حذر بن برنانكي رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الامريكي) الكونجرس من أن المبالغة في خفض الانفاق الحكومي في المدى القصير قد تعوق التعافي الاقتصادي الهش بالفعل وقال ان تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها قد يثير الفوضى القطاعات المالية، وقال برنانكي لاعضاء لجنة البنوك بمجلس الشيوخ "اطالب فقط، في الوقت الذي يدرس فيه الكونجرس توقيت وهيكل تعديلاته على الميزانية ان يأخذ في اعتباره ان التعافي في المدى القريب للغاية مازال هشا وان اي خفض حاد ومبالغ فيه في المدى القريب للغاية قد يضر بهذا التعافي"، ودخلت المحادثات بشان خفض عجز الميزانية بين الكونجرس والبيت الابيض طريقا مسدودا اذ يسعى الجمهوريون لخفض الانفاق 2.4 تريليون دولار مقابل الموافقة على رفع سقف اقتراض الحكومة الامريكية البالغ 14.3 تريليون دولار، وقالت وزارة الخزانة الامريكية انها لن يكون معها اموال بعد الثاني من اغسطس اب لسداد جميع فواتير البلاد في حالة عدم التوصل لاتفاق لرفع سقف الاقتراض، وفي اليوم الثاني من استعراض التقرير نصف السنوي للسياسة النقدية للبنك امام الكونجرس جدد برنانكي تحذيره من ان تخلف الولايات المتحدة عن سداد التزاماتها سيكون له تأثير مدمر على الاقتصاد الامريكي والعالمي، وقال "سيكون له تداعيات فاجعة، سيؤدي لصدمة مالية حادة من شانها ان تؤثر ليس فقط على الاقتصاد الامريكي وانما على الاقتصاد العالمي ايضا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 4/آب/2011 - 3/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م