الضوء الأخضر الكويتي والعراقي!

حسن الأنصاري

الاختلاف حول المصالح بين الدول المتجاورة في القضايا الاستراتيجية من الأمور الطبيعية، وحين تظهر مثل هذه الخلافات تسعى الدول للتفاوض المباشر أو بواسطة طرف ثالث بهدف إيجاد الحل الأمثل، إلا أن هذه القاعدة تختفي من التعاطي السياسي والدبلوماسي في منطقتنا! فتظهر فرص الإثارة والتصعيد وقد يستغلها البعض لتأجيج الموقف لحد توريط الشعبين العراقي والكويتي بالكراهية كما يحصل في قضية ميناء مبارك الكبير مع العراق الشقيق مستغلا ذكرى الغزو الصدامي على الكويت! الى هنا والأمر غير طبيعي ويجب عدم توسيع رقعة الخلاف!.

في الماضي كنا نعتقد أن الأجنبي هو السبب الوحيد في تعليق قضية الحدود بعد أن خرج من المنطقة، ولكن يبدو ولأن طرفي النزاع كان «يشد كل منهما الظهر فيه» ولم يحاولا التقارب والجلوس لحل المشكلة فاستغل الأجنبي الأوضاع بهدف تمرير مصالحه على حسابنا ولمدة عقود من الزمن!

السيناريو يتكرر مرة أخرى في قضية حدودية ما بين الكويت والعراق حول بناء ميناء مبارك الكبير، الكويت ترى أن من حقها بناء الميناء ضمن حدودها البحرية التي تم إقرارها من خلال الاتفاقيات الدولية والعراق يحتج على بناء المشروع لأنه يطالب بتوسيع منفذه البحري الوحيد لا خنقه !

ويبدو أن هناك من يحاول تعطيل المبادرات لوضع الحل لتبدأ الماكينة الإعلامية في التصعيد حتى تصل القضية في بيت كل كويتي وعراقي! وذلك فقط لأن الرهان بين الدولتين هو مدى قوة العلاقة مع الادارة الأميركية والتي أعطت الضوء الأخضر للجانبين، ولكن في اتجاهين معاكسين!.

وفي مثل هذه الحالة لا أستبعد أنها تتمنى حدوث تصادم بين الحكومتين العراقية والكويتية من خلال التصعيد حتى لا تجمعهما لقاءات التفاوض لإيجاد الحل الذي يرضي الطرفين بطريقة ودية أخوية وحتى تبقى قضية ميناء مبارك الكبير قضية مصيرية جديدة بين الدولتين لعقود لاحقة بعد أن يتغلب الضوء الأخضر الكويتي على العراقي رغما عنه، أو لربما العكس وقد يكون الطرف الأميركي تركنا وخرج من المنطقة..

 طبعا ولا يدفع ثمن هذا الرهان الخاسر إلا الشعبان الكويتي والعراقي! حتى الآن ولله الحمد الظروف متاحة للاتصال وتحت سيطرة الحكومتين والأميركي صاحب الضوء الأخضر ما زال موجودا بيننا ولم يخرج من المنطقة، وإن أمر إيجاد الحل المناسب وبما يرضي البلدين يتطلب اللقاء معه للجلوس والتفاوض حتى يعطيهما الضوء الأخضر ولكن في اتجاه واحد!.

الأمر لا يستدعي التصعيد بين الشعبين، بقدر الحاجة لثلاثة مقاعد للسادة وزراء الخارجية الكويتية والعراقية والأميركية للتفاوض المباشر والخروج باتفاق يرضي الطرفين وبما يضمن سيادة كل دولة على حدودها والحفاظ على استقلالها ووجود منطقة تقاطع للمصالح المشتركة بين البلدين لربما يكون هو الخيار الأفضل!.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 3/آب/2011 - 2/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م