بدانة المناصب وترشيق الحكومي

عبد الكريم ابراهيم

اصيب الجسد الحكومي بداء الترهل لدرجة وصل الى ما فوق الثقيل، مجاوزا كل الاعراف والتقاليد السياسية ابتداءا من اصغر الجمهوريات والممالك الى دول لاتعرف ان تحصي عدد سكانها بدقة متناهية.

 هذا الترهل ادى الى ارتفاع مقدار البدانة في الجسد الحكومي الى التورم مع ضغط جماهيري لمعالجة هذا المرض الخطير.

المختصون من اهل الدار اقرحوا عدة حلول علاجية لوقف طغيان الشحوم التي سببها شراهة وتهافت البعض على التهام اكبر حصة ممكنة من كعكة المناصب وعلى حساب ميزانية الدولة المسكينة، ولعل من العلاجات المقترحة اجراء عملية شفط الدهون الزائدة قبل الاقدام على عملية الترشيق المنتظرة، حيث ان بعض السياسيين على قاعدة (مشتهية ومستحية) يقدمون قدما ويأخرون اخرى خوفا على ضياع المكاسب التي جاءت بعد شد وجذب وعراك مع هذه الكتلة او ذلك المكون في ان تكون هذه الوزارة او المؤسسة من حقها وفوق نظام النقاط المعمول به.

بعيدا عن صراع الديكة هذا، جاء الترشيق الحكومي بعد عدم قبول العراق في مسابقة جمال العالم حيث من اهم شروطها الرشاقة من اجل الفوز او على اقل تقدير المشاركة، لذا تنوعت الوصفات والمراجعات الطبية من اجل جعل الحكومة البدينة مثل عود الخيزران يميل مع الهواء، لكن هذه الغاية لابد من ارادة حديدة للحصول اليها من خلال اعتماد برامج غذائي دقيق وامتناع عن الاكلات الدسمة ولاسيما (الباجة) و (البقلاوة بالدهن الحر) برغم ان مثل هذه الاكلات تحتاج في هذا الصيف القائض الى (قواطي السفن آب) او (قوري جاي سنكيل) يساعد على هضم (الدسومات).

وقد يكون الترشيق الحكومي جاء بعد ان اصبحت الوزارات من السمنة لاتستطيع دخول الباب الا بمساعدة الخيرين مع وجود مؤسسات ما انزلها الله بسلطان وهي ابتداع المحاصصة الوطنية التي تحرك اغلب المؤسسات وتحاول تشويه النظام الديمقراطي الذي انتظره العراقيون بفارغ الصبر وجيش من الهموم والتضحيات.

بعض المكونات السياسية اعلنتها بكل صراحة بان (نفسها دنية) ولاتستطيع مقاومة اغراءات (صواني المفطح)، لذا وجب على الجميع ايجاد بدائل اخرى لتعويض هذه المكونات عن بعض الاوزان الزائدة التي ستفقدها جراء الترشيق المزعوم، وهذه الاخيرة يحتاج الى شهور طويلة كما استغرقتها عملية تشكيل الحكومة ومازال بعضها (نصف حية ونصف جرية) لاسيما الوزارات الامنية وتجاذبات السياسية في مسائل خلافية ليس لها (رجل ولا راس).

المهم ان ترشيق الحكومي سيكون طويلا بكل المقاييس سواء كانت باستخدام الطرق التقليدية في عملية الحمية كحمامات (الساونا) والرياضة اليومية او اجراء عملية شفط دهون، لان كلا الامرين يحتاجان الى قدرة عالية في تغليب المصلحة الفئوية والشخصية لصالح غاية نبيلة وهذه الاخيرة لا يشعر بها الا القليل من السياسيين.

يبدو ان (النحافة الحكومية) تحتاج الى اشهر ان لم نقل الى سنوات مادام هناك اصرار على مبدأ (شيلني وشيلك) ودائما الماديات (تخرب) الاخوان من بطن واحدة وحتى ذاك الوقت تبقى الحكومة في تجاذب وصراع وجدال يبعدها عن مهمتها التي جاءت من اجلها وهي تقدم الخدمات للمواطن المسكين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 1/آب/2011 - 30/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م