المولد المهدوي وصناعة العدل الإسلامي

غريبي مراد

كيف يمكننا أن نعيش معنى الذكريات الإسلامية عامة وبالتحديد ذكرى المولد المهدوي المنير؟

وماذا يمثل عنوان «المهدي» في عمق إسلامنا وامتدادات مسؤولياتنا الحياتية؟

ولماذا نطلب العدل كقاعدة للحياة، ثم نتجاوزها في معرفة الحقيقة المهدوية؟

ثم ماهي مسؤوليتنا في تفاصيل علاقتنا بالإمام (عج) وماذا عن حضوره الدائم في الدعوة إلى الحق والعدل؟

هذه بعض الأسئلة المهمة في استحضار الإحياء الحقيقي للمولد المهدوي وكل المناسبات الإسلامية العظيمة التي تغني مستوى الوعي للدين في معناه الحركي والذي يساوي العدل والعدالة والقسط والحق، حتى نصل لحقيقة مفادها: أن تكون متدينا مسلما فذلك يعني أنك عادل، حيث الإسلام في معناه الأعمق يركز قضية الحق والواجب وبالتالي الأمانة أو المسؤولية التي تنطلق بمجرد إعلان الشهادتين، إنها مسؤولية صناعة العدل بثقافة الإسلام.

بصراحة: هذه الأيام المهدوية ليست بالعادية وليست بالعجائبية، ولكنها بكل بساطة إسلامية، تجعل العدل فكرا نورانيا في العقل والإيمان معينا للقلب في نبضاته، وبالتالي يكون المسلم المنفتح على الله الحق عادلا في كل حركته وعلاقته مع الناس والأشياء وبالحياة من حوله، فالإمام المهدي(عج) سره وعظمة شخصيته وروعة اشعاعاته الرسالية، أنه لا يمكن أن يعرفه ويتصل بإمامته الظالمون، فالمحاولات التي نراها لتشويه حقيقة المهدوية تنطلق من الخوف من الشعار الذي تحمله العقيدة المهدوية المكنونة والمنبعثة من العقيدة الإسلامية، إنه شعار: العدل في العالم ((يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا))...

 بكلمة: الإحياء الحقيقي للمولد المهدوي يكون بالاستغفار عن تقصيرنا بحق العدل دائما، والتوكل على الله لإحياء العدل في واقعنا ككل، في بيوتنا ومساجدنا ومؤسساتنا وإعلامنا وأسواقنا وطرقاتنا ومجالسنا وعلاقاتنا الرسمية والاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية والإقليمية والعالمية، وذلك لا يتحقق إلا بعدما نستوعب فلسفة العدل الإسلامي لنلتقي بالحوار والتعارف والتعاون والتسامح والتواصل والنصرة والأخوة، لأن مشكلة المسلمين أنهم يخلصون للرمز وينسون الخط، يخلصون للشعر وينسون العمل، فالإمام المهدي (عج) مظلوم كآبائه بالغربة التي يعيشها عنوان العدل في جغرافيتنا الإسلامية، ومظلوم بالركون للظلم، ولعل كل من يجحد الحقيقة المهدوية في العمق هو متوجس من عودة العدل لهذه الأمة، الذي-العدل- يعني مسؤوليتها الشهودية على العالمين، وكل منكر أو جاهل أو جاحد للإمام المهدي (عج) هو ظالم لنفسه لأنه ضعيف عن اللحاق بأنوار هذه الحقيقة الإسلامية العظيمة، التي ينتظر ظهورها كل الإنسانية بجل تنوعاتها لينتشلها من الجهل والظلام الدامس ويملأ قلوبها وحياتها بالنور الإسلامي الطاهر ويظهر لها الكنوز العظيمة التي تغني النفوس وتجعلها مطمئنة صالحة للالتحاق بجنة رضوان...

هكذا نصل لفكرة المستقبل التي لا تنفك عن الحاضر والاعتبار من الماضي ونستوعب تفاصيل فلسفة الحياة والخلافة والجنة، حيث نفهم أن احتفالنا بمولد صاحب العصر والزمان (عج) هو من أجل تركيز الاجتهاد لايجاد المقتضيات والدوافع وازالة الموانع في مشوار صناعة مستقبل عامر بالعدل الإسلامي ... والله من وراء القصد.

www.aldaronline.com

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 23/تموز/2011 - 21/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م