اختزال دور البرلمانيين

من قبل رؤساء الكتل السياسية

ناجي الغزي

البرلمان هو أعلى سلطة تشريعية في البلد، وهذه السلطة مختصة بممارسة دورها التشريعي والرقابي وفقا لمبدأ الفصل بين السلطات. ويشكل اداة مهمة في تطوير النظام السياسي وهو أحد اركان الدولة الحديثة والبرلمان العراقي كما هو معروف منتخب شعبي، وجاء عن طريق الانتخابات بقوائم مفتوحة، ومكون من 375 نائباً يمثلون الطيف العراقي بكافة مكوناته الاثنية والعرقية والدينية.

ومن المفترض أن يكون أعضاء البرلمان أحراراً في آرائهم وأفكارهم، وأن يكونوا ذا مصداقية في القول والعمل وأن لايتنازلوا عن وطنيتهم وكراماتهم وهم مسؤولون عن قراراتهم اتجاه الشعب العراقي.

ولكن واقع حالهم يقول لا دور لهم في صناعة القرارات ومناقشتها على الرغم من الحضور اليومي للأغلبية داخل قبة البرلمان. إلا أنهم مسلوبي الارادة والرأي والقرار والسبب يعود الى اختزال دورهم ومصادرة آرائهم من قبل رؤساء الكتل السياسية.

وأن تجاهل آراء النواب من قبل زعمائهم هو تجاهل مقصود لرغبة وحقوق الناخبين، وبالتالي لا قيمة ولا أثر لتلك الأصوات التي ساهمت بفعالية عالية في المشاركة السياسية. وتهميش قدرة النائب على التغيير وتجاهل آرائه وتعطيل دوره يخيب آمال وطموحات الناخبين ورغبتهم في تصحيح المسارات الخاطئة في العملية السياسية. وأن تجاهل وجهات نظر الآخرين لم يخدم الشعب العراقي ولا مستقبل الكيانات السياسية.

ومن مفارقات الواقع الملموس والمحسوس أن غالبية القرارات تتأسس على قواعد من العشوائية والتخبط لانها لا تحسم داخل قبة البرلمان بل تحسم بين الزعماء خلف الكواليس بعد الاتفاق عليها وتمرّر داخل المجلس للتصويت عليها وهذه القرارات تحكم مصير شعب بأكمله وترسم مستقبله السياسي والاقتصادي فهي لاتستند الى قواعد وضوابط قانونية أكثر من إستنادها على التوافقات المزاجية.

أن حقيقة ما يحصل داخل مؤسسات الدولة خاضع لارادة الزعماء السياسيين ورغباتهم، وهذا دليل على ضعف وقصر في فهم العمل المؤسساتي لدى زعماء ورؤساء الكتل السياسية وتكريس واضح لسلطة الزعامات السياسية، فضلاً عن غياب شخصيات مستقلة داخل مجلس البرلمان تؤمن بالتجربة الديمقراطية وأبعادها السياسية.

 وهناك حقائق أخرى يجب أن نشير لها وندرك مغزاها ونواياه، ألا وهي أن رؤساء الكتل السياسية ساهموا بشدة بتعطيل الكثير من القرارات المهمة كقانون حماية الصحفيين وقانون الاحزاب، لانها لاتخدم مصالحهم الحزبية والشخصية. وكذلك تعطيل آلية التصويت الإلكتروني في مجلس النواب، حيث يصرون على التصويت اليدوي لتشخيص ومراقبة النواب المخالفين لتوجهاتهم ومعاقبتهم. بعد أن تلقوا جميع النواب تدريباتهم على أجهزة التصويت المكلفة الثمن ومن قبل مختصين.

علماً أن النائب العراقي في الدورتين البرلمانيتين أي منذ 2006 يعيش مسلوب الرأي والإرادة داخل البرلمان ويتلقى توجيهاته من زعيم كتلته، ولا تشفع له القوائم المفتوحة ولا خيارات الناخب طالما تبقى القرارات حبيسة الزعماء وحواشيهم. وعلى عضو مجلس البرلمان أو ممثل الشعب في قبة البرلمان أن يتحرر من عبودية العقل والانسلاخ الفكري، لان العبودية تؤدي الى الخمول والركود الفكري وتعيق الكمال الانساني. وكل عقل يحتاج الى استقلالية ومعرفة وتبصر لكي يدرك مسؤولياته ويتخطى حالة التبعية والطاعة العمياء المطلقة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 7/تموز/2011 - 5/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م