مصير الحكام الكرام وسنّة (ان الله عزيز ذوانتقام)!

خليل الفائزي

نحن البشر وأخص نفسي انا العبد الفقير، ان أكثرنا من الجاحدين والناكرين لقدرة الله وانتقامه، ونستغرب بل ونعترض على قرار وحكمة وصبر الخالق بعدم الانتقام الفوري والقاطع وتلقين الظالمين والقتلة والمجرمين وسالبي حقوق الناس الدروس والعبر بسرعة نتوقعها ونطالب بها ونصّر عليها، ونظرا لان معظمنا نحن البشر او أشباه البشر مخلوقات سطحية الفكر ولا نرى الا ما نلمسه من واقع علمي بحت ونستعجل الأحداث بطبيعة (خلق الإنسان عجولا وهلوعا) فإننا واكرر القول انا شخصيا قد اعترضنا دوما على حكمة الله بعدم الانتقام السريع من الحكام الظالمين والأنظمة الفاسدة والمسئولين الذين تلطخت أيديهم القذرة بدماء الأبرياء الطاهرة او الذين مارسوا حقهم الإنساني في الاعتراضات السلمية من خلال نزولهم الى الشوارع للتعبير عن حقهم لإيصال صوتهم الى القيادات الحاكم في بلدناهم بعدما أغلقت السلطات جميع وسائل الإعلام والتحاور المباشر مع الأنظمة لكنهم جوبهوا برصاص الغدر ودبابات الاستبداد وتناثرت دماؤهم الزكية على أوراق التاريخ لتكتب في صفحاته القاتمة مدى ظلم الحكام وقسوة القادة حتى على شعوبهم التي أوصلتهم الى سدة الحكم ورفعوهم على أكتافهم وتحملوا الجوع من اجل تخمة الرؤساء بعدما كانوا هؤلاء أشخاص عاديين وربما أغبى وأحقر الأفراد في المجتمع.

واعترضت انا وربما الكثيرون من أمثالي على حكمة الله وصبره لما جرى على الشعوب من ويلات ومصائب وما تعرض الناس العزل من إرهاب منظم وعمليات قتل بشعة وتفجيرات طائفية حاقدة ومؤامرات سياسية جبانة وجرائم وحشية ضد الإنسانية على ارض العراق الطاهرة واستشهاد وجرح المئات يوميا من أفقر واطهر الناس في معظم المدن العراقية وبشكل مستمر حتى حصدت عمليات الإرهاب والقتل من جانب جميع الأطراف والدول والمنظمات الإرهابية خاصة تلك التي تختبئ وراء قناع الطائفية الحاقدة وشعارات المذهبية الزائفة اكثر من مليون شهيد عراقي، واعترضنا وصل الى حد الجحود على صبر الله عز وجل عندما كانت التقارير الأمنية والإعلامية تطلعنا ان 95% من العمليات الإرهابية والتفجيرات والأسلحة التي كانت تحصد أرواح الأبرياء وتدمر الممتلكات وتقتل الأطفال والنساء مصدرها الدول العربية والإسلامية وان 5% من هذه التفجيرات وعمليات القتل تفتعلها قوات الاحتلال لتبرير وجودها العسكري الغاشم وإطالة مدته وتوسيع نطاقه، واكثر الإرهابيين وفقا لهذه التقارير يأتون بالأساس من مصر والسودان وشمال أفريقيا ودول شبه الجزيرة العربية وباكستان وأفغانستان وتركيا وتنظّم الجماعات الإرهابية وتدخلها أفواجا ودون قيود عبر سوريا والأردن والجنوب الى العراق، بل وان مخيمات ومراكز ودورات تدريبية أقيمت للإرهابيين في سوريا ودول أخرى وأنفقت الأموال الطائلة على الجماعات الإرهابية لمشاغلة الاحتلال الأمريكي من وجهة نظر بعض الدول والأنظمة لمنع أمريكا من التفكير في غزو واحتلال تلك الدول وإقامة الدول الإرهابية تحت شعار الدولة الطائفية المزعومة من وجهة نظر المنظمات الإرهابية وعلى رأسها أخطبوط الإرهاب الدولي تنظيم القاعدة المنبوذ والخبيث.

الأنظمة الظالمة لنفسها

مع احترامنا للقيادة في دمشق فان جهات مشبوهة في النظام السوري أشرفت مباشرة على تدريب وإرسال الإرهابيين ودعمت عمليات قتل الأبرياء والعزل من كافة الطوائف والمذاهب والأديان في العراق طيلة الأعوام الماضية وكنت شخصيا ونظرا لرؤيتي الدينية والسياسية الضيقة ادعوا دوما الى الرد بالمثل على العمليات الإرهابية بالعنف وان يقوم العراقيون بعمليات انتقامية مماثلة داخل مدن الدول التي كانت ترسل وتنظم وتدرب وتدعم الإرهابيين المجرمين، في إطار القانون الإلهي "العين بالعين والسن بالسن والبادئ اظلم" وكنا دوماً غافلين عن السنّة الإلهية التي تقول (ان الله يمهل ولا يهمل) ونشك بان الله سوف ينتقم قريباً من الظالمين والحكام الذين نشروا الإرهاب وساهموا بقتل الأبرياء والمظلومين في العراق والدول الأخرى.

 ولكن نعترف هنا اننا أخطأنا في حسابات وحكمة الخالق ولم ندرك جيداً انه حقا (عزيز ذو انتقام) ولم نفهم قوله "بشّر القاتل بالقتل لو بعد حين" وكذلك قوله "فمهل الكافرين أمهلهم رويداً" وكنا نتصور بسذاجتنا ان الانتقام من الأنظمة المجرمة والداعمة للإرهاب سيكون في يوم الحساب فقط وهو اليوم الذي لا يعرف تاريخه، ربما غداً او بعد مليون عام، لكن دموع الأمهات الثكالى وصرخات الاطفال ودعاء كبار السن على شهدائهم وجرحاهم من ضحايا الإرهاب الأعمى والمنظم أثار غضب الله وعرشه الذي "يهتز غضباً لإسالة قطرة دم دون حق" فما بالك ان تكون الدماء انهاراً في العراق الجريح ودول عربية واسلامية شهدت ومنذ أعوام عمليات القتل والإرهاب والتفجيرات العمياء والحاقدة على البشرية.

 تصوروا ماذا يكون رد الانتقام الإلهي عندما نقرأ هذا الخبر: ضحايا الإرهاب في العراق خلال شهر واحد يفوق عدد ضحايا جميع حروب إسرائيل مع الدول العربية على مدى 6 عقود!. وفي إطار القاعدة الدينية القائلة ان الله لا يظلم احداً لكمال عدله (ولكن كانوا لانفسهم يظلمون)، فقد ارتد منجنيق الإرهاب المنظم على أصحابه وهاهي سوريا تشهد عمليات القتل العشوائي والمواجهات الدامية ـ من وجهة نظرنا ـ لما اقترفته بعض الجماعات والمسئولين العسكريين والأمنيين من جرائم ضد إنسانية بدعمهم للإرهاب والقتل والتفجيرات خاصة في العراق.

غضب الله تجلى في الشعوب

 انتقام الله قد تحقق قبل ذلك في تونس لظلم النظام وقوى الأمن للفقراء والعاطلين عن العمل ونهب المال العام وإذلال الشعب، فجاءت الانتفاضة التونسية العظيمة التي حركت مشاعر وضمائر الشعب المصري حيث أطاح او يكاد بنظام مبارك الذي اغضب الله من خلال دعمه للإرهاب في العراق ومحاصرة وقتل الشعب الفلسطيني في غزة وسجن وقتل آلاف من المصريين المعارضين والناقدين لاستبداده.

 سقوط فرعون مصر أشعل نار الانتفاضة في ليبيا التي ستطيح قريباً بفرعون آخر حكم البلاد بالحديد والنار وساهم في نشر الإرهاب الإقليمي والدولي واسقط العديد من طائرات كانت تنقل مسافرين عاديين لا ذنب لهم.

 سنّة الله بالانتقام اجتاحت ايضاً نظام علي عبد الله صالح الذي كان للتوقد قتل عشرات آلاف من الأبرياء والمحرومين في حرب غير متكافئة شهدها شمال اليمن وبدعم من بعض أنظمة المنطقة.

 وإذا كان انتقام الله العزيز من الأنظمة التي ساهمت في نشر الإرهاب وقتل ما خلق الله من اناس مظلومين ومحرومين بهذه الصورة وهذه السرعة التي نشهدها من خلال سقوط واندثار اعتى الأنظمة العسكرية والمستبدة التي لم يكن احد من كبار العارفين والسياسيين والمنجمين يتوقع حتى حدوث مظاهرة صغيرة يشارك فيها عشرة أشخاص في هذه الدول، فيا ترى كيف سيكون انتقام الله من بؤر الإرهاب المنظمة والحكام الداعمين الأساسيين للإرهابيين والأنظمة والقوات التي قمعت الشعوب الثائرة وأرعبت الجماهير المنتفضة ضد الباطل وأقدمت على هدم المساجد وتدمير أماكن العبادة وحرق نسخ القرآن لاسيما وان الحديث صار اليوم "ان الله لا يمهل ولا يهمل" و"قاتلهم الله انى يؤفكون" خاصة وان معظم هذه الأنظمة ان لم نقل جميعها لم تسمح اطلاقاً بالجهاد ضد إسرائيل ولا الاعتراض على سياسة أمريكا وناهبي ثروات المنطقة ولكنها سمحت للإرهابيين والمجرمين من اتباع القاعدة الخبيثة وغيرها من الجماعات التكفيرية الضالة لنشر الإرهاب والقتل المنظم والتفجيرات العشوائية اليومية في العراق وسائر دول أخرى تعرضت وتتعرض للإرهاب البشع.

 انتقام الله قاصـم الجبارين وهالك الظالمين قطعاً سيكون قريباً جداً واقرب مما يتصور الداعمون للإرهاب وقتلة الأبرياء، فقد تأخذهم الصيحة كقوم صالح، قـد تخسف بهم الأرض كقارون، قد يغرقون كجنـود فرعون وهامان او تزلزل عروش أنظمتهم على أيدي اضعف خلق الله والنـاس العزل كما حدث ورأينا بالأمس مع نظام بـن علي والقـذافي ومبارك وصالح والحبل على الجرار وسيف الله المنتقم يجزّ رؤوس المستبدين والإرهابيين الأشرار!.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 6/تموز/2011 - 4/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م