سلفية الموساد

محمود جابر

اضطررت إلى تأجيل الحلقة الثانية في "هل تعلم ربما"، والتي تأتى ضمن هذه السلسة، ولم يكن تأخر باقي السلسلة له علاقة بما حدث حينما وصلتني مجموعة من رسائل التهديد والوعيد والسب..... ولكن الأمر غير ذلك وهو يتعلق بما أنا فيه من شغل اسأل الله أن يعيننا عليه نحن وفريق العمل معنا... ولم يكن تأجيل باقي " هل تعلم" سوى أنني قدمت الحدث الأهم على حدث يمكن أن نتداركه بعد ذلك، فنحن الآن أما حدث له أهمية كبرى بعد إلقاء القبض على الجاسوس الإسرائيلي " إيلان"، فما حدث في القاهرة يوم أمس 12/6/ 2011، يعيد إلى الأذهان قصة مستر "همفر" وقصة الحاج "عبدالله فيليبى"، أو ضابط المخابرات الإنجليزي – الصهيوني- هاري سانت جون فيلبى، والذي كان يتولى القيادة الحربية لمعارك للملك المؤسس عبد العزيز بن سعود ضد المسلمين الآمنين في بقاع شبة الجزيرة المختلفة وحتى بيت الله الحرام ومدينة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم قائد روحي وقد منح لقب (عبدالله)، ثم(الحاج) بتقديم الثاني أو تأخيره لا يهم..... واليوم ينضم إليهم " إيلان جرابيل"، ولعل الأيام تحمل الكثير والكثير عن تلك السلفية الوهابية التي تمثل امتدادا لخط الانحراف العقائدي والأخلاقي في الإسلام وما يمكن أن نطلق عليه ب" الصهيونية الإسلامية".

فالمدرسة التي مثلها هاري سانت جون فيليبي " الحاج عبدالله فيليبى"، وقبله مستر " هنفر" واليوم " إيلان غرابل" الجاسوس الصهيوني في القاهرة... وربما يقفز إلى الأذهان سؤال ما علاقة هذا بذاك؟!!

لو عدنا إلى الأحداث التى حدثت في إمبابة في مطلع شهر مايو الماضي حيث أوضح المفكر القبطي جمال أسعد إن أصابع إسرائيل غير بعيدة عن أحداث الفتنة الطائفية بمصر، مذكرا بما أعلنه رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، من أن إسرائيل استطاعت اختراق العلاقة بين المسلمين والأقباط بمصر، وخلقت مناخا طائفيا حادا بحيث لا يجد من يأتي بعد الرئيس المخلوع حسني مبارك نظاما يحكمه، مشيرا إلى المخطط الصهيوني المعلن عام 1979 القائم على إعادة تقسيم منطقة الشرق الأوسط على أسس طائفية.

 وكتب دافيد هيرست الصحفي البريطاني تحقيقاً صحفياً بعنوان "جمهورية إمبابة" التحقيق شغل صحفة كاملة في جريدة الجارديان وكان ذلك في بداية التسعينيات من القرن الماضي.

كشف دافيد هيرست ما لم تكن تعرفه الدولة عن هذا الحي الشعبي. بل كتب بالأسماء رموز وقادة التيار الإسلامي في تلك المنطقة وعرفت الدولة حينذاك باسم الشيخ جابر وغيره وبعدها بأيام محدودة شنت الأجهزة الأمنية حينذاك تجريدة عسكرية كبيرة علي الحي وبدأت البحث عن شخصية الشيخ "جابر" و"محمد أحمد بسبوسة" ونشرت صوراً لهما مطالبة بالقبض عليهما أو الإدلاء بأية معلومات تساعد في القبض عليهما دولة وشرطة وأمن دولة وجيش من الأمن المركزي يستقون معلوماتهم من دافيد هيرست الصحفي الشهير وكأن مصر تكتشف لأول مرة أن هناك منطقة تسمي إمبابة تحولت إلي إمارة مغلقة بسبب إهمالها وتركت للتيارات الإسلامية التحكم فيها وتوفير الخدمات لسكانها والسماح بالدخول والخروج منها بتأشيرة كنت في الدوحة وكان يعمل معي محمد أحمد بسبوسة في نفس المؤسسة سائقاً لرئيس مجلس إدارتها المرحوم كمال عزب.. جاء بسبوسة يصرخ بأن صورته المنشورة في الجرائد المصرية له ولكنه ليس بزعيم ويعمل في قطر منذ سنوات. مناشداً الصحفيين المصريين العاملين في الجريدة أن يتوسطوا له لدي السفارة المصرية لكشف الحقيقة وقد كانت للقصة دلالاتها.. الملفات موجودة والأسماء معروفة والشخصيات المحركة للأحداث معلومة هذه الملفات تظهر وقت الحاجة إليها ويتم التحرك ويتم اللعب ويتم إشعال الحرائق من مستصغر الشرر إمبابة ليست وحدها.. هناك أحياء أخري كثيرة. ملفاتها انتقلت من يد إلي أخري وما لم يتم التدخل وبشكل سريع لقطع هذه الأيادي. فعلى مصر السلام لقد تم القبض علي ما يقرب من مائتي شخص في إمبابة بعد الأحداث يجب الإعلان عنهم من يعمل لدي الحزب الوطني السابق ومن منهم يعمل لدي جهاز أمن الدولة المنحل ومن منهم يعمل لأجهزة استخبارات أجنبية.. السرعة في الحسم مطلوبة لوقف الفتنة وأشياء أخري.

هنا يكون ملف " إيلان" ذو قيمة دلالية بالغة في القصة، فالحادث قام على عدة عناصر هي ما أدت إلى إشعال الأحداث بداية من الإشاعة التي انطلقت في كل مكان أن الكنيسة تحتجز فتاة أو سيدة مسيحية تحولت إلى الإسلام، ولا يعلم أحد من أين انطلقت ومن هي الجهة أو الشخص صاحب هذه الإشاعات، ووجود عدد ضخم من السلفيين من خارج منطقة إمبابة وخاصة بطل الكوارث الدائمة في مصر الشيخ الزغبي والشيخ أبو يحيى البخاري، ثم انطلاق الرصاص من جهة غير معلومة...

الشيخ " إيلان" تم نشر عدة صور له كان أبرزها في صحبة العديد من الشباب الملتحي " مطلق اللحية وقاص الشارب"، وهناك عدة صور أخرى للشيخ " إيلان" وهو في العديد من المساجد، وكما كان " همفر" والحاج " عبدالله فيلبى" دعاة، هكذا كتب " إيلان" على صفحة تعريفه على الفيس بوك....

هذه الإشارات والقرائن والعلامات جميعها تصب في نهر واحد وهو أن " إيلان" الذى يطقن العربية، وهو واحد من الإخوة بدليل انه أطلق لحيته... وصحبته من هذه النوعية والزيادة هي انه كان – يدعى – داعية مثل كل الدعاة في القنوات الفضائية... وربما كان قد تعلم على يديهم ومن دروسهم العبقرية من نوعية غزوة الصناديق، وربما كانت مهمة " إيلان" ابعد من غزوة " عاوزين أختنا"....

والله أعلم

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 28/حزيران/2011 - 25/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م