الجيل الضائع

علي إسماعيل الجاف

يولد الإنسان لا يعرف شيئا" عن الكون والأرض التي يعيش فيها كونه منذ البداية، أي فترة النشوء الأولى، اعتاد على التقليد وكسب المعرفة دون عناء وجهد. تلعب الدولة في البلدان المتقدمة دورا" كبيرا" في خلق جيل مبتكر ومبدع لان تلك الحكومات تؤمن وتشعر بأن تطور الأجيال ضريبة تدفع لاحقا" للحكومة من الذين تم تطويرهم.

بعبارة أخرى، تطوير وزيادة المعرفة الفردية وبناء الموارد البشرية وفق الأنظمة والمفاهيم الحديثة والمتقدمة يعني خدمة البلد وتقدمه بفعل سواعد تلك القوى العاملة التي ستشغل وظائف وادوار لاحقة في المجتمع والبلد بكافة أصعدته.

إما في حال ترك الإنسان يتعلم من الطبيعة، سيكون حاله كالذي يقول ان الدنيا خلقت من العدم ولا وجود لخالق مبدع كون ورسم الصورة الجمالية والتكوينية لهذا العالم الذي يتميز بالغرابة.

لابد ان يكون دماغ الإنسان مواكبا" ومغذيا" بالأفكار والآراء الحديثة في مجال علم المنطق والفلسفة لأنهما اشارتان يستخدمان من قبل الإنسان للوصول إلى المنطق وهذا يعني جملة من الحقائق والوقائع التي تحتاج إلى ذهن وفكر واسع الرؤيا وكثير الاطلاع.

 تسير عجلة التقدم في العالم الذي نعيش فيه بموازاة الزمن الذي يعتبر أثمن مورد أو مصدر على الأرض والشيء الذي لا يقبل الرجوع فيه؛ فلهذا، نفهم ان السرعة في تكوين الجسم وتقدم العمر والزمن وتحول الظواهر دليل على ان الإنسان بحاجة دائمة إلى الاطلاع والدراسة واعتبار البحث والتحري عنصران رئيسيان في حياته. فعند نقل صورة لشيء محسوس وليس ملموس لا يكون واضحا" وجليا" إلى ذهن الأخر الذي يعتبر كمستقبل اطلع على أطراف الحديث او هوامش فرعية تتأثر بالعواطف والميول والطريقة، ولا يعتمد على التقصي الحقيقي المستند على لغة الأرقام أي تكنولوجيا المعرفة وإنما على التنظير والسرد غير المنطقي. فأصبح المرسل هدفا" يرسمه بنفسه إلى الآخرين وبدورهم يدخلون البيانات المستلمة كمدخلات سطحية فتكون النتائج المرسومة وفقا" لرؤية المرسل وليس المستقبل عن تلك الصورة او الرسومات الخالية من الحس والذوق المعرفي والفني الرفيعين.

زمن منطلق التجدد والمواكبة المعرفية يعتمد الإنسان فيه على ما تتوفر لديه من أدوات سهلة الوصول وبسيطة الاستعمال دون اللجوء إلى فهم الدلائل والمرشدات وأسلوب او طريقة استخدامها على ارض الواقع لتكون منتجا" يمكن الاستفادة منه واعتباره منهجا" يعتمده الآخرون. لا يمكن الاعتماد على الخيال والنظرة الزائفة في تقدير إحجام ومقاسات الأمور لان هذا الحدس والتخمين يكون مؤقتا" وعابرا" بمعطيات فردية وذاتية لا تعطي رموزا" لحل الشفرات العالقة!

فالمرء مخلوق بيولوجي تكون من عدة مراحل تتأثر بالجينات الوراثية؛ ويجب عليه، عند النشوء ووصول مرحلة الإدراك الفكري، ان يطور ويغير مساره طبقا" إلى متطلبات البيئة المعرفية وليس بناء" على ما موجود من موروث وتقاليد لا مجال ولا داعي للحديث عنها كونها مفهومة وكون نهجها محددا" بالملموس البدائي الذي يتعامل مع الموقف بصورة أنية وليس فكريا" ومعرفيا" ويشكل حلقة الانقطاع والتوقف تدريجيا" للبحث عن مصدر النور والضياء.

 ان الأجيال تحتاج إلى أتباع أسلوب التواصل الدائم من اجل تحديد المسارات والخطوط ورسم الأهداف لتكون منهجا" تطبيقيا" لا يوجد انحراف فيه عن عجلة التقدم والسعي إلى أيجاد مدخلات جديدة حتى تكون المخرجات فلسفية ومنطقية ومعرفية وبدون ذلك سيطلق علينا عبارة "الجيل الضائع".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 27/حزيران/2011 - 24/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م