الدور الوهابي بين سوريا والبحرين

محمود جابر

في الوقت الذي يقتل فيه الشعب البحراني الثائر بكل أطيافه وشرائحه بواسطة قوات إقليمية لصالح نظام فاشستي أصولي صهيوني الهوى والهوية، تحاول العديد من القوى الإقليمية التعتيم على ما يحدث هناك، على الرغم من أن الذي يحدث الآن في البحرين من ظلم وفتنة وانتهاك لحرمات الشعب وهدم المساجد على يد قوات درع الجزيرة لا يرضى به أي مسلم عاقل فقد تمادى هؤلاء في الظلم لأنهم لم يجدوا من البداية من يندد بأفعالهم ولم يجد الشعب أحد يتعاطف مع الشهداء الذين قتلهم النظام بدم بارد وهذا كله بفضل التعتيم الإعلامي ومحاولة إيهام الناس جميعا أن هذه ثورة طائفية من الشيعة فقط لقلب البلد أو لأنهم تابعين لإيران حتى صدق الناس هذا..

ولكن من يتحقق جيدا في هذا يجد أنها كذبة من النظام ومحاولة لبث الطائفية مثل ما حاول باقي الأنظمة الفاسدة ولكن لم يتحقق احد خاصة بعد حديث القرضاوي ( وكيل بنى أمية) فتمادى النظام أكثر مدعوما من السعودية ( البؤرة السرطانية)، وقوات درع الجزيرة التي فتح لها ملك البحرين الطريق لقتل وإهانة الشعب ولم يتوقف الوضع عند هذا، بل، أيضا هدموا المساجد ,هدموا بيوت الله وفعلوا أفعال لا يقوم بها مسلمين أبدا...

أوهموا الكل أنهم ثوار شيعة ضد ملك سنى ولكن الحقيقة غير ذلك.. ونحن نعرف أن سبعين بالمائة وربما أكثر من الشعب البحريني يتمذهب بمذهب آل البيت، وهل هذا عيب (؟!!)، وإذا كان العيب والاضطهاد ضد الشيعة فقط فما بال المعتقلات البحرانية والسجون السرية ممتلئة بالمعارضين والناشطين السياسيين والحقوقيين سنة وشيعة، نساء ورجال أطفالا وشيوخا ولا يعرف احد عنهم شيء.

اللحيدان والبغبغان:

اللحيدان هو المدعو (صالح) عضو هيئة كبار العلماء – التكفيريين- أما البغبغان – ويقصد به الببغاء حسب اللهجة المصرية العامة – فهو(وكيل بنى أمية)، ففي الوقت الذي يسمون الثوار في البحرين بالطائفية يطلق على عصابات المافيا الأصولية في سوريا ثوار، اغلب وسائل الإعلام تنفخ في الهشيم السوري من أجل إشعاله، فيتم دبلجة الصورة والصوت ولقطة من هنا ولقطة من هناك المهم أن الصورة تطلع مشتعلة وتستقبل الجماهير العربية – المغفلة – الصورة على نحو طبيعي وكله تمام حتى تتأهب نفسيا لإزالة النظام السوري وسوق بشار الأسد ورفاقه إلى جوانتينامو أو تل أبيب..

وشتان ما بين رموز الثورة البحرانية من أمثال الشيخ عيسى والشيخ آل محمود، وما بين رموز الإفساد السوري شاكر العبسي وعدنان العرعور وعبد الحليم خدام والبيانونى..

فشاكر العبسي الذي تخرج من مدرسة الإجرام الوهابية هرب من سوريا إلى لبنان في أعقاب حرب تموز من اجل أن ينتقم من اللحمة الشعبية اللبنانية التي احتضنت المقاومة الإسلامية حتى يقسمها إلى سنة وشيعة ولبنانيين وفلسطينيين فعاش في الأرض فسادا وإفسادا وإجراما وقتلا وترويعا..

أما العرعور الهارب من حكم بالاشغال الشاقة المؤبدة والذى تحميه مملكة الشر فارسلته الى مصر من أجل بث سمومه وحقده في شعب طيب مسالم لا يعرف التعصب ولا المذهبية وقد كان لنا معه شوطا اعطيناه ما يستحقه لولا تدخل قوى الشر المباركية الوهابية..

ويأتي اللحيدان بفتوى يدعوا فيها الشعب الثوري لمواجهة حكامه حتى وإن قتل ثلثي هذا الشعب من أجل القضاء على نظام الصمود والمقاومة ومن أجل عيون الحبيبة اسرائيل، اليس هذا اللحيدان يتبع فريق التكفير الذى اطلق شره وسمه في حرب تموز يحض الناس على عدم الدعاء لحزب الله (!!).

إن حال هؤلاء ليس بدعا من حال سلفهم الذين كانوا كلاب حرث لحكامهم في الحق والباطل، فقد أخرج السلفي في الطيوريات بسنده عن ابن المبارك( أحد الثقاة في الحديث عند العامة/ أهل السنه) قال: [لما أفضت الخلافة إلى هارون الرشيد وقعت في نفسه جارية من جواري المهدي [أبيه] فراودها عن نفسها فقالت [لا أصلح لك فإن أباك قد طاف بي] فشغف بها فأرسل إلى أبي يوسف القاضي [تلميذ أبي حنيفة وفقيه البلاط العباسي حينها ] فسأله: أعندك في هذا شيء؟ فقال: يا أمير المؤمنين أو كلما ادّعت أمة شيئًا ينبغي أن تصدق, لا تصدقها فإنها ليست بمأمونة].

قال ابن المبارك: ( فلم أدر من أعجب من هذا الذي وضع يده في دماء المسلمين وأموالهم يتخرج عن حرمة أبيه أو من هذه الأمة التي رغبت بنفسها عنه، أومن هذا الفقيه القاضي الذى قال اهتك حرمة أبيك واقض شهوتك وصيرها في رقبتي).

وأخرج السلفي في الطيوريات بسنده عن إسحاق بن راهويه(أحد شيوخ البخاري) قال: دعا الرشيد أبا يوسف ليلاً فأفتاه [في شأن جارية] فأمر له بمائة ألف درهم فقال أبو يوسف إن رأى أمير المؤمنين أمر بتعجيلها قبل الصبح فقال عجلوها، فقال بعض من عند الرشيد : إن الخازن في بيته والأبواب مغلقة فقال أبو يوسف : قد كانت الأبواب مغلقة حين دعاني ففتح.

قال أبو الوفاء بن عقيل (أحد شيوخ الحنابلة) عن أبي يوسف القاضي : كان طويل اللسان يعلم تارة ويسفه أخرى, ولم يكن محققا في علم , عاش أبو يوسف نيفا وتسعين عاما وتزوج أواخر عمره.

وكان أبو يوسف قاضيا لهارون ونديما يفتي له في كل نازلة ويسخر الدين لهواه وملذاته وقد كتب له كتاب الخراج وقال في مقدمته : أطال الله بقاء أمير المؤمنين، وأدام له العز في تمام من النعمة، ودوام من الكرامة، وجعل ما أنعم به عليه موصولا بنعيم الآخرة الذي لا ينفذ ولا يزول، ومرافقة النبي ( ص ).. وقد حشد أبو يوسف في كتابه هذا عشرات الروايات التي تحض على طاعة الحكام ولزوم الجماعة والصبر على الظلم وعدم سب الأمراء وعصيانهم ووجوب الصلاة من خلفهم.

إن تاريخ المسلمين ملئ بفقهاء السلطان الذين يبررون للحاكم كل أفعاله فما هم إلا موظفين – نعال - عند الحاكم ينطقون بماء يشاء ويصمتون عندما يشاء.

وفي عصرنا الحالي قد نجد الكثير من أولئك الفقهاء المأجورين التابعين لبلاط هنا وبلاط هناك يرتكب صاحبه ما يريد فيفتي مفتيه بما يريد ولعل الأمثلة الصارخ هذه الأيام في مجموعة من الفقهاء, ومن أمثلة هؤلاء ابن باز وابن جبرين واللحيدان وابن جبرين...، القرضاوي في قطر، والذي ثبت بالصوت والصورة تناقض آراءه حسب ما تمليه عليه سياسة الدولة القطرية فهو يدعي الثورية ودعم الأحرار عندما انتهجت قطر سياسة مفاجئة من خلال فضائية الجزيرة في دعم الانتفاضات في تونس ومصر وليبيا وهو أيضا يدعم الطواغيت والحكام العشائريين غير الشرعيين الذين تكالبوا لقمع ثورة البحرين تماشيا مع سياسة دولة قطر وطائفيتها المعهودة، حيث صرح هذا القرضاوي انه يدعم انتفاضات كل البلدان(السنية طبعا) إلا البحرين(الشيعية) ففي رأيه أن الشيعة ليس من حقهم المطالبة من الحاكم السني أي مطلب وليس على الشيعة إلا أن يكونوا محكومين أبدا سواء كانوا أكثرية في بلد ما أو أقلية(!!).

إن نفاق القرضاوي المثبت بالصوت في الصورة ليس فقط من موقفه المخزي من ثورة البحرين وأكثريته المضطهدة على يد أقزام عار الجزيرة المسمى بدرع الجزيرة حيث برر قتل وقمع المنتفضين في البحرين لأغراض طائفية بحته بل إن نفاقه اليوم قد تأكد ( وهو ثابت لدينا أصلا) من خلال أحداث ليبيا والمقارنة بموقفه من صدام ومن القذافي فهاهو القرضاوي يعلن صراحة استعانته بالقوات الأجنبية لخلاص الشعب الليبي من القذافي وهاهو يقول إن القذافي الذي يقتل شعبه لا يحق له التحدث باسم الإسلام ( أو ليس سماحته وكيل الله ووكيل بنى أمية ؟!!) وقال إن تدخل البريطانيين والفرنسيين والأمريكان هوما تقتضيه الضرورة (!!) وهذا هو بالفعل ما حصل مع صدام قبل القذافي علما ان ضحايا صدام وشراسته وجرائمه اكبر بكثير من ضحايا وجرائم القذافي فلماذا صدام شهيد وفي الجنة والقذافي مجرم ويستحق القتل عند القرضاوي أليس هذا النفاق بعينه أم أن السياسة القطرية تتطلب هذه الازدواجية نظرا لضحايا كل من صدام والقذافي والعين الطائفية التي ينظر بها أولئك الرهط الخليجي للأمور.

 سوف لن نخوض في حياة القرضاوي الشخصية والهبات التي يتلقاها من البلاط القطري مقابل مواقفه المؤيدة لهم ولا زواجه وهو في سن التسعين من فتاة صغيره كسلفه ابي يوسف القاضي فقيه هارون الرشيد فهذا هو القرضاوي وزملائه وأبو يوسف هو سلفهم.

وتستطيع ان تكتشف العلاقة التي تجمع ما بين عصابات المافيا الوهابية والسعودية وإسرائيل من خلال حزم لمطالب التي يرفعها هؤلاء وينشرونها في مواقعهم عبر الفضاء السيبيري والتي تشتمل على الآتي:

- اسقاط النظام بسبب مذابح حماة وتدميرها.

- تعزيز الوسطية والوحدة الوطنية السورية، وهو يقصد هنا اطلاق يد الجماعات الوهابية حرا طليقا. وتوجيه ضربه للطائفية في سوريا، بمعنى استئصال الشيعة من سوريا او جعلهم مواطنين من الدرجة التاسعة كما هو الحال في مملكة الشر.

وأن المطالب الرئيسية هنا أن يدخل النظام السوري فيما دخلت فيه دول الجوار وخاصة الأردن من تطبيع علاقات كاملة مع الكيان الصهيوني، مع توجيه ضربه للطائفية في لبنان( حزب الله) والتي غذاها النظام السوري..

فهذا هو دور العملاء في مملكة الشر الوهابية؛ دورهم تخريب الوعي الإنساني والعربي من دعم ثورات لصالح الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وقتل واغتيال ثورات الشعوب حتى لا تعرف طريقها إلى الحرية والانعتاق... ولنا قديما في أبو يوسف وحديثا في القرضاوي مثلا وقدوة...

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 1/آيار/2011 - 28/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م