الاسلحة بين العرض والطلب

سامي جواد كاظم

عندما كان غالبية المجتمع لا يعرف ماذا يعني الغش والاحتيال كان يعمل بصدق ويتفنن في عمله بل ويحاول ان ينتج افضل ما لديه حتى يكسب الزبون فلهذا نجد كثير من الصناعات القديمة لا تضاهيها الجديدة في جودتها بل الكثير من الناس يفضلون القديم على الجديد.

ومع تغير ثقافة المجتمعات وادخال حساب الربح والخسارة كمبدأ اول على حساب كل الاعتبارات الخلقية وغير الخلقية بدأت تظهر اساليب ملتوية وخبيثة من قبل اصحاب الصناعات لغرض تسويق بضاعتهم فنجد اغلبها المظهر الخارجي لا يدل على محتواه بل ان ثمن البضاعة المصنعة يكون نصفه او اكثر من نصفه لاستيفاء ثمن الغلاف فقط، وعندما تكون البضاعة رديئة يعني زيادة الاستهلاك فلابد من ايجاد اسواق مستهلكة لهذه الصناعات الرديئة، ومثالنا السيارات القديمة والحديثة.

هذا الامر بعينه ينطبق على مصانع الاسلحة وعند الاطلاع على ميزانيات الدول نجد ان المليارات مخصصة لصناعة افتك انواع الاسلحة، ودول اخرى تخصص مليارات لشراء هذه الاسلحة وتحديدا الخردة المكدسة في مخازنهم حتى يتم استبدالها بالاسلحة المصنوعة حديثا.

 هذه الصناعات لابد لها من اسواق تصرف فيها البضاعة فلا عجب عندما تسمع ان السعودية اشترت اسلحة بكذا مليار دولار فان الاسواق جاهزة لاستهلاك هذه الاسلحة، فالناتو وقوات القذافي سوق استهلاكية لضرب الشعب الليبي والسعودية هي الاخرى سوق استهلاكية لضرب الحوثيين والان البحرين، والصومال والدول الافريقية الاخرى وارتيريا مع اثيوبيا والبوسنة والشيشان وقبلهم طاغية العراق في حروبه الخاسرة الثلاثة وحتى عصابات كمبوديا وغيرهم من العصابات في دول القارة الامريكية التي يطلق عليهم اسم ثوار والاصح تجار المخدرات فهذه اسواق لتصريف الانتاج الحربي للدول دائمة العضوية اصحاب حق النقض في الامم المتحدة.

انها عملية تجارية والا لو بقيت المصانع تصنع الاسلحة من غير استهلاك فانها ستتوقف عن الانتاج خلال سنة او سنتين، بينما افتعال الازمات والحروب يحقق لحكومات مصانع الاسلحة غايتين الاولى تصريف اسلحتهم والثانية قتل اكبر عدد ممكن من الابرياء او الشعوب الرافضة لسياساتهم العدوانية.

في العراق انتشرت مسدسات كاتم الصوت والعبوات اللاصقة فهل هذه انتاج معامل للقطاع الخاص او انها انتاج محلي؟ انها من انتاج معامل تتحكم بهم عقليات سياسية خبيثة لا تتورع من تصفية اي عقبة تقف امام تحقيق مصالحهم وغاياتهم في اي بلد يتواطأ حاكمهم معهم.

عندما دخل جيش الاتحاد السوفيتي سابقا في افغانستان كانت اسلحة القاعدة والمقاومة الافغانية هي الكلاشنكوف صناعة سوفيتية وعندها استغرب الامر كيف تقاتل الكلاشنكوف جيش مصانع الكلاشنكوف ومن اين حصلوا على هذه الاسلحة؟ وبعد مرور مدة اتضح انها من مصر السادات الذي كان تسليح جيش مصر سوفيتي فقام ببيع هذه الاسلحة الى القاعدة في افغانستان، واليوم تسليح القاعدة هو امريكي وعندها اعلنت امريكا ان شاحنتين من الاسلحة سرقت في افغانستان لتداري فضيحة امتلاك القاعدة لأسلحة امريكية.

هنالك اعتبارات تأخذها حكومات مصانع الاسلحة بعين الاعتبار انها عندما تصنع البديل او المضاد لما صنعته من اسلحة فانها تقوم بتسويق اسلحتها هذه وافضل سوق هو السوق العربي.

وحتى زوبعة الانفلونزات التي اثيرت في العام الماضي كان لشركات الادوية ومصانعها يد فيما حدث فقد حققت بعض المصانع التي ادعت اكتشافها مضادات لهذه الانفلونزات ارباح اقرب الى الخيال ويبقى الانسان هو الضحية.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 30/نيسان/2011 - 27/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م