الغرب لا يهب الحرية للأمة!

حسن الأنصاري

في مطلع الستينيات وحتى نهاية السبعينيات من القرن المنصرم , كانت القيادات السياسية في دولنا تنظر للقضايا المحلية والإقليمية والعالمية بواقعية أكثر مما هو الحال عليه الآن.

وكانت الاتجاهات السلوكية لتلك القيادات والمجموعات التي حولها على درجة من البصيرة التنبؤية العالية لفهم الدوافع السياسية وتقييم التهديد الحقيقي من العدو الصهيوني إلا أن الظروف المحيطة بالمنطقة وضعف عوامل ومكونات دولنا لم تساعد على خلق شراكة متكاملة للتفاوض مع الآخرين وخصوصا الغرب بهدف بناء المجتمع العربي وكانت القمم العربية لا تعقد إلا لمناقشة القضية الفلسطينية والظروف الخاصة لكنها لم تقدم واقعا ملموسا لمنع التوسع الصهيوني!.

أما الواقع الذي نعيشه اليوم حيث الليبي يحارب ليقتل مواطنه الليبي واليمني يحارب لقتل اليمني والسوري يحارب لقتل السوري من أجل الحرية ولا ندري لو أن هناك مواجهات محلية قادمة في بقية الدول العربية لكانت دليلا واضحا على أن مخططي السياسة في دولنا والدبلوماسيين والخبراء الاستراتيجيين والعسكريين كانوا منذ العقود الثلاثة الماضية ومازالوا يتعاملون مع قضايا الأمة بنظرة بعيدة عن الواقعية ويفتقرون للمعايير لتقييم مصالح الأمة ولم تكن دوافع صناعة القرار السياسي إلا حماية للمقاعد الرئاسية!.

 الشعب العربي عليه ألا يتوقع حدوث المعجزات كما عليه ألا يتوقع أن الغرب سوف ينقذه إكراما له وحبا فيه!. وهذا الغرب ومنذ أن وضع خططه بالتوافق وبالاجماع في كيفية محاربة الارهاب فلو أنهم اختلفوا في بعض جوانب التنفيذ إلا إنهم جميعا لديهم منظار واحد يكشف الحقائق وآلة واحدة لحساب المصالح والتي هي مجهولة في العالم العربي فتكون مواجهة القضايا بالعواطف التي لا تجلب إلا البؤس والبكاء ثم الانفجار في الشارع للقتال وسفك الدماء من أجل الحرية التي ربما لن ينالها الشعب العربي لو أعطي رصاصة واحدة لبناء الثورة من المقاول الغربي، لأنه أضاف تكلفتها على قائمة المصالح ولا يقبل التغيير من أجل الخير والسلام والحرية حتى لو استرجع ثمنها!.

 فتلك الرصاصة في حساب الغرب لها قيمة نوعية فعلية طويلة الأجل , إلا أن أرواح قتلى الثورات فلا قيمة لها إلا عند بارئها ليحتسبها شهداء يرزقون. أما هذه الدنيا فيبدو أن خيبة الآمال الماضية لا تختلف عن آمال المستقبل لأن الغرب يهب الحريات!.

[email protected]

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 28/نيسان/2011 - 25/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م