اليوم العالمي لصحة العمالة 28 ابريل

ضرورة الحماية الصحية

 

شبكة النبأ: العمل كما يؤكد علماء النفس، يُعدّ من أهم الشروط التي تساعد على صيانة إنسانية الانسان، فإذا غاب العمل أو شح لأي سبب كان، غاب أو شحَّ شعور الانسان بقيمته وانسانيته، والسبب كما هو واضح ليس تحقيق الربح المادي او الكسب اليومي لمواصلة العيش فحسب، إنما هناك حاجة إنسانية يمنحها العمل للانسان، تجعله يشعر بوجوده وقيمته من خلال الدور العملي الذي يؤديه في الوسط الاجتماعي الذي يعيش وينشط فيه.

بيد أن هذه القيمة التي يحتاجها الانسان ويسعى لتحقيقها كشرط إنساني غير قابل للتسويف أو التغاضي، ترتبط بشروط ينبغي أن تتوافر في ظروف العمل ومحيطه، ومنها الحرص على توفير الحماية الصحية للعمال، وتوفير الظروف الملائمة التي تساعدهم على أداء عملهم بطريقة مشرّفة.

المجتمعات التي سبقتنا في الاستقرار والازدهار والتطور، بذلت جهودا قصوى لكي تحمي العمال من الابتزاز والتجاوز والاستغلال، وحرصت كل الحرص على توفير الحماية الصحية اللازمة لعمالتها، إنطلاقا من حرصها على سلامتهم أولا، ولكي تضمن إنتاجا أفضل في الكم والنوع ثانيا.

هذا يعني أن المعنيين عندما يحمون صحة العامل ويوفرون له الاجواء الصحية اللازمة في مكان العمل، لا ينحصر هدفهم في مراعاة الجانب الانساني فحسب، إنما هناك نتائج جيدة تتعلق بطبيعة الانتاج وانعكاسها على الربحية التي تهدف إليها المؤسسات الصناعية وأصحابها.

فكل المؤسسات الصناعية وأربابها لديهم هدف معروف وواضح، هو زيادة الانتاج نوعا وكما، أملا بزيادة ربحية متصاعدة، وهو حق وهدف مشروع لأصحاب العمل، سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات أهلية أو حكومية، لكن الجانب الأهم في العملية الانتاجية ينبغي أن لا ينحصر بتحقيق الربحية فقط، وقد يؤدي استغلال العمال وابتزازهم الى مستوى من الربح المقبول او الجيد أحيانا، لكن النتيجة الحتمية هي تردّي الانتاج، والفشل المؤكد للشركة او المؤسسة التي تمارس عمليات الاستغلال والابتزاز على العمال، مثل زيادة ساعات العمل، مقابل قلة الاجور، بسبب توافر العمالة اكثر مما ينبغي، مع قلة فرص العمل، وغياب العمل النقابي والرقابي، وتغاضي الحكومة او المعنيون عموما، عما يقترفه ارباب العمل بحق العمال.

ونظرا لتواجد مثل هذه الحالات التي تذهب الى استغلال العمالة، وعدم الاهتمام بصحة العمال او توفير الظروف الصحية الملائمة في أمكنة العمل، حددت الامم المتحدة يوما عالميا للتضامن مع العمال بشأن الحماية الصحية التي ينبغي أن توفرها المؤسسات والشركات في القطاعين الخاص والعام للعمال، ويصادف هذا اليوم في 28 نيسان/أبريل من كل عام، وهي مناسبة تذكر الجميع بضرورة توفير الاجواء المناسبة للعمالة وتوفير الحماية الصحية الملائمة لها.

وتشير التجارب التي سبقتنا في هذا الشأن، الى وجود الجماعات الضاغطة والفاعلة في اتجاه حماية صحة العمال، وتوفير الظروف الملائمة للعمل ناهيك عن الاجور المجزية التي تخصصها الشركات او المؤسسات لعمالها، وفي كل الاحوال تكون الانتاجية عالية، بعكس المؤسسات التي تهمل هذا الجانب فتكون النتائج سلبية من حيث النوع والكم الانتاجي أيضا.

وهذا ما ينبغي أن يتنبّه له المعنيون بالعمالة في بلدنا، سواء كانوا في قطاع الدولة أو القطاع الخاص، فكلما زاد اهتمام المعنيين بصحة العامل وتم توفير اجواء العمل الجيدة له، كلما كان الانتاج وفيرا والربح كذلك، وهذه هي النتيجة النهائية التي يسعى إليها القائمون على العملية الانتاجية في الدولة أو في المؤسسات الصناعية الاهلية.

ولو أردنا أن نتقصى الامور ونبحث في اوضاع العمالة في العراق، فإننا سنكتشف خللا واضحا في هذا المجال، ليس في إطار المؤسسات الصناعية الحكومية فحسب وإنما ينسحب ذلك على القطاع الخاص، حيث يعيش العمال ظروفا غير صحية في معظم أماكن العمل، ناهيك عن فرض شروط قاسية لارباب العمل على العمل مثل زيادة ساعات العمل خارج القوانين المعروفة، بالاضافة الى ضآلة الاجور، بسبب تفشي البطالة ووجود البديل دائما، مما يجعل فرص الاحتجاج من قبل العمال قليلة وغير فاعلة.

وإذا كان الحديث عن التجاوزات المالية بهذه الصورة، فكيف لو تحدثنا عن ضرورة توفير الظروف الصحية الملائمة للعمال؟، لذا فإننا نستذكر مع الامم الاخرى في العالم، بمثل هذا اليوم العالمي أهمية الحفاظ على صحة العمالة في بلدنا، والعمل على تحقيقها من قبل المعنيين في مؤسسات الدولة او القطاع الخاص، وأن يتم ذلك وفق خطط وضوابط غير قابلة للتجاوز او الاهمال.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 27/نيسان/2011 - 24/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م