الكتب الورقية تتطاير امام الكتب الالكترونية

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: بعد الواح الطين والبردي والجلود، تربع الورق المستخرج من الياف النباتات على عرش الكتب وملئت الاف المكتبات بملايين الكتب التي اغنت الحضارة البشرية بألوان المعرفة والثقافة والعلوم على مر العصور، حتى اصبح الكتاب خير جليس في الزمان واوفى صديق قد يجده الانسان.

لكن هل تغير الامر بعد التطور التكنولوجي الذي شمل حتى الكتاب؟، بعد ان برز على سطح الثقافة مبارز جديد تمثل في الكتاب الرقمي، والذي بحسب الدراسات الحديثة قد تفوق في مبيعاته على منافسه الكلاسيكي وكسب قلوب القراء، من خلال سهولة الحصول علية ورخص الثمن ووجود الاجهزة الرقمية التي ساعدت على تحميل الالاف من الكتب فيها.

ان السنين القادمة قد تخبىء المزيد من النجاحات التي تحققها الكتب الرقمية على حساب الكتب الورقية، وقد يؤدي الامر الى انقراضها كما انقرضت سابقاتها على يد الورق، فالامر يعتمد على التطور والتقنية ورغبة المستهلك الذي يكون الفيصل والحكم في اختيار الاصلح.

الكتب الإلكترونية تتجاوز الورقية

حيث يبدو أن المد الالكتروني ينتشر بسرعة، فقد تصدرت مبيعات الكتاب الإلكتروني مؤخراً، جميع أشكال الكتب الأخرى، بما في ذلك الكتب المطبوعة، للمرة الأولى، وفقا لتقرير صدر بهذا الخصوص، وبلغ مجموع مبيعات الكتاب الإلكتروني نحو 90.3 مليون دولار في فبراير/شباط، بزيادة 202 في المائة، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، وفقا لدراسة رابطة الناشرين الأمريكيين، والتي وضعت الكتب الإلكترونية في المرتبة الأولى، لأول مرة، وقال مسؤول في رابطة الناشرين إن التقرير يأتي مع بعض المحاذير الكبيرة، أولها أنه تم تجميع البيانات من صافي مبيعات الناشرين، وليس من تجار التجزئة مثل كتاب بارنز أند نوبل، فالناشرون يقدمون تلك البيانات طوعا، والبعض يختار عدم القيام بذلك.

غير أن موقع أمازون لبيع الكتب أفادت بأن الكتاب الإلكتروني لديها حقق مبيعات تجاوزت الكتب الورقية، وفي أكتوبر/تشرين أول الماضي، لفت القطب البارز في مجال التكنولوجيا، نيكولاس نيغروبونتي، مؤسس "كمبيوتر محمول لكل طفل"، إلى أن أيام الكتاب التقليدي أصبحت معدودة، وقدر بأن ذلك "سيكون في غضون خمسة أعوام، "وشرح قائلاً "الناقل المادي لا يمكن توزيعه على عدد كاف من الناس، عندما تذهب إلى أفريقيا هناك نصف مليون شخص بحاجة إلى كتب، لكن ليس بوسعك إرسال ذلك"، وشدد نيغروبونتي على كفاءة التقنية الحديثة وإمكانية تحميل مئات الكتب في أجهزة الكمبيوتر المحمولة "لابتوب" الذي تقوم مؤسسته بإرسالها إلى القرى. بحسب السي ان ان.

وأضاف "نحمل 100 كتاب في الجهاز المحمول الواحد، ونرسل منه 100 جهاز، فهذا يعني أن بالقرية 10 ألف كتاب"، وأسس نيغروبونتي" مؤسسة "جهاز كمبيوتر محمول لكل طفل" عام 2005 بهدف توفير جهاز لكل طفل في سن الدراسة حول العالم، وقامت مؤسسته بصناعة "لابتوب XO" خفيف الوزن ويتميز بصلابته، ويعتقد نيغروبونتي أن البلدان النامية ستكون في الواقع أسرع من الدول المتقدمة في تبني الكتب الإلكترونية، ونوه مقارن، "تماماً كما حدث للهاتف المحمول فأنها أكثر انتشاراً في كمبوديا ويوغندا لأنه لم يسبق لهم امتلاك هواتف من قبل، لدينا هواتف في هذا البلد لكننا متأخرون، سيتبنون الكتب الإلكترونية أسرع منا."

ويتاح للفرد شراء XO لطفل في دول العالم النامية بسعر 199 دولار عبر الموقع الإلكتروني    (www.laptop.org/en)، ويدق ناقوس الخطر للكتب التقليدية بعد عام من تحذير من تقلص دور المكتبات العامة كأماكن لقراءة الكتب، خصوصا مع نشر هذه الأخيرة على الانترنت، وتحولها إلى مواد إلكترونية.وتأكيدا لهذه المسألة بدأت المكتبات العامة بتغيير دورها، بعد أن رأت أن كتبها ستحتل مرتبة ثانوية بعد غزوها من قبل العالم الافتراضي، وسيخبو دورها كوسيلة لنشر المعلومات بين الناس، وعوضا عن ذلك قررت السماح لروادها باستغلالها كأماكن لإثارة النقاشات والحوارات سواء العلنية أو تلك التي تتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي مثل "تويتر"، وبرأي أصحاب المكتبات التي بدأت بمجاراة هذه المتغيرات عوضا عن مقاومتها، فإن غرض المكتبات سيكون واحدا وهو كونها مكان حر للسماح للناس للوصول إلى المعلومات ومشاركتها.

متجر غوغل للكتب الرقمية

الى ذلك قالت تقارير إعلامية إن خدمة "غوغل إدشن،" وهي المتجر الرقمي العملاق للكتب، كان من المقرر ان يتم إطلاقها قبل نهاية عام 2010، بعدما كان مقررا البدء بها في الصيف الماضي، وستتبع خدمة " غوغل إدشن" نمطا مختلفا في عملية البيع على الشبكة، عن ذلك الذي يتبعه معظم المنافسين، مثل موقع "أمازون،" أو "آيبوك ستور،" التابع لشركة "أبل" العملاقة"، وبدلا من شراء الكتب من خلال متجر واحد على الإنترنت، ستمكن "غوغل" المستخدمين من شراء الكتب سواء من غوغل أو من المكتبات المستقلة ومن ثم ربطها في حساب غوغل، والتي ستمكنهم من قراءة الكتب في أي مكان وعلى أي جهاز، وكان مقررا أن تطلق خدمة "غوغل إدشن،" في وقت سابق من العام الجاري، ولكن ذلك لم يحدث.

رغم أن مدير الشراكات الاستراتيجية في "غوغل،" قال في مايو/أيار الماضي، إن الخدمة الجديدة ستكون متوفرة في في يونيو/حزيران أو يوليو/تموز الماضيين، وقال مدير إدارة المنتج في "غوغل،" سكوت دوغال إن كل شيئ جاهز للانطلاق بحلول نهاية عام 2010 في الولايات المتحدة، وخلال الربع الأول من عام 2011 على الصعيد الدولي، واضاف دوغال "نظرا لتعقيد هذا المشروع، لم نكن نريد أن نطلق خدمة لم تمر بمراحل التدقيق والضبط"، يذكر ان الموقع يحمل اسم "غوغل إي بوك ستور،" الذي تقول إنه أكبر متجر للكتب على الإنترنت في العالم، وأعلنت الشركة في أعقاب إطلاق الموقع أنه "عبارة عن مكتبة على الانترنت أكبر من أي مكتبة أخرى. بحسب فرانس برس.

ومع أكثر من 3 ملايين عنوان في جميع التصنيفات، وبعض من الكتب هي مجانية للقراءة بإذن من مؤلفيها"، ويأتي الموقع الجديد إضافة لمحاولات غوغل دخول سوق الكتب الإلكترونية بعد أن أعلنت عن خدمة أخرى هي "غوغل إدشن،" المتجر الرقمي للكتب، والتي ستطلقها قبل نهاية العام، وستتبع خدمة "غوغل إدشن" نمطا مختلفا في عملية البيع على الشبكة، عن ذلك الذي يتبعه معظم المنافسين، مثل موقع "أمازون،" أو "آيبوك ستور،" التابع لشركة "أبل" العملاقة، وفقا لما نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال".

القضاء يعرقل مشروع غوغل

في سياق متصل لجم القضاء الاميركي مؤخراً مشروع غوغل الذي يقضي بتوفير المعارف على الشبكة العنكبوتية من خلال رقمنة كل الكتب، من خلال رفضه اتفاقية عقدت بين عملاق الانترنت ومؤلفين وناشرين اميركيين، واعلن القاضي الفدرالي في نيويورك ديني شين ان "الاتفاقية غير عادلة وغير ملائمة وغير مقبولة" وهو قرار سرعان ما شجبته غوغل ونقابة الكتاب وجمعية الناشرين الاميركيين، وكانت هذه الهيئات توصلت الى اتفاقية في تشرين الاول/اكتوبر 2008 من شأنها وضع حد لملاحقات قضائية اطلقت في العام 2005 وتتعلق بحقوق مؤلفي الكتب المرقمنة التي اصبحت نادرة او غير متوافرة لكنها لم تصبح ملكا عاما بعد، وكانت الاتفاقية تنص على ان تدفع غوغل 125 مليون دولار للمؤلفين الذين تم تحويل اعمالهم الى نسخ رقمية من دون إذنهم وتنشئ "صندوقا لحقوق الكتب" يضمن ايرادات للمؤلفين الذين يقبلون برقمنة كتبهم.

ومع تعليق الاتفاقية، يشهد الوضع الحالي جمود، فغوغل لا تنشر على الانترنت الا مقتطفات قصيرة جدا من هذه الكتب النافدة (التي لم تعد متوافرة) والخاضعة لحقوق الملكية الفكرية، لو تمت الموافقة على الاتفاقية، لكانت غوغل نشرت على الانترنت 20 % من هذه الاعمال، على ان يدفع مستخدمو الانترنت رسما للاطلاع على العمل بكامله. ولكانت العائدات ذهبت الى "صندوق حقوق الكتب"، لكن كان للقاضي عدة اعتراضات، وكان مترددا خصوصا في مكافأة غوغل "لاقدامها على عملية نسخ واسعة النطاق لاعمال تخضع لحقوق الملكية الفكرية من دون اذن"، وجادل القاضي بأن الاتفاقية توحي بأنها "تمنح غوغل السيطرة على سوق البحث" لأن مواقع غوغل ستشكل المرجع لمحتوى هذه الاعمال، وشرح غاري ريباك، المدير القانوني لمجموعة "اوبن بوك الاينس" المعارضة للاتفاقية ان هذه الناحية "شديدة الاهمية" بالنسبة اليهم، وتتضمن هذه المجموعة خصوصا شركات منافسة لغوغل مثل مايكروسوفت وامازون، فضلا عن ممثلي مؤلفين ومكتبات. بحسب السي ان ان.

واشار القاضي شين الى انه يمكن التوصل الى حل ان كانت مشاركة المؤلفين والناشرين في الاتفاقية اختيارية، فالاتفاقية تجعلها تلقائية الا ان عبر احد المؤلفين بوضوح عن رغبته في الانسحاب منه، لكن وكما اشار ريباك، من غير المحتمل ان تتخلى غوغل عن هذه النقطة، وقالت هيلاري وير، المسؤولة في القسم القانوني في غوغل "سوف ندرس خياراتنا"، واضافت "على غرار الكثيرين، نعتقد ان هذه الاتفاقية من شأنها ان تفسح المجال للولوج الى ملايين الكتب التي يصعب ايجادها حاليا في الولايات المتحدة، ومهما يكن سنستمر في السعي كي يتمكن الناس من ايجاد المزيد من الكتب على شبكة الانترنت بفضل غوغل بوكس وغوغل اي بوكس". من جهته ايض، رئيس نقابة المؤلفين الاميركيين، الكاتب الناجح سكوت تورو، أسف أيضا لقرار القاضي، معتبرا ان "افساح المجال للاطلاع على الكتب النافدة بفضل التكنولوجيا الحديثة التي تستحدث اسواقا جديدة هي فكرة آن أوانها"، وأمل تورو والناشرون المشاركون في الاتفاقية ان يتمكنوا من التوصل الى اتفاقية جديدة، لكن بالنسبة الى جمعية "كونسيومر واتشدوغ" التي تعنى بالدفاع عن المستهلكين، فإن العدالة سددت ضربة قوية لغوغل، وقال جون سمبسون، احد المسؤولين في هذه المنظمة "غوغل تعمل دائما على أساس عدم طلب الإذن وطلب السماح ان اقتضى الأمر، هذه رسالة لمهندسي غوغلبليكس (مقر مجموعة غوغل) في المرة التالية التي يريدون فيها استعمال الملكية الفكرية لأحدهم، عليهم أن يطلبوا الإذن".

جهاز كيندل من أمازون

من جهتها أعلنت شركة "أمازون" للتوزيع على شبكة الإنترنت أن نسخة جهاز "كيندل" الأخيرة لقراءة الكتب الإلكترونية حققت أرقاما أطاحت بمبيعاته جميعها، لا سيما الجزء الأخير من سلسلة كتب "هاري بوتر"، فشدد جيف بيزوس المدير العام المؤسس في بيان له "نحن ممتنون لملايين العملاء الذين جعلوا من جهاز "كيندل" المنتج الأكثر مبيعا في تاريخ "أمازون"، متخطيا "هاري بوتر 7"، ولفت بيزوس أيضا إلى نوع من التكامل بين جهاز "كيندل" واللوحات الإلكترونية من نوع "آي باد"، حيث يرى كثيرون منافسة محتملة ما بين أجهزة للقراءة. بحسب فرانس برس.

وقال مضيفا "يشير العملاء إلى أنهم يستخدمون لوحاتهم للألعاب ومشاهدة الأفلام وتصفح الإنترنت، في حين يستخدمون "كيندل" للقراءة، وهم يفضلون "كيندل" لأنه أخف وزنا ولا يشكل مصدر قلق بشأن بطاريته، كذلك فإن هذا الجهاز يتميز بتقنية الحبر الإلكتروني "بورل" الذي يشبه الورق فيخفف من حدة إجهاد العين ولا يؤثر سلبا على النوم في المساء، ويمكن أيضا استخدامه خارجا في الشمس، وهو أمر مهم بالنسبة إلى القراءات خلال العطل"، وأشار بيزوس إلى أن ثمن "كيندل" (الذي يبدأ ب 139 دولار مقابل 499 دولار للوحة "آي باد" من "آبل") يشكل "عاملا أساسيا" في شعبيته.

منظمة مكتبات بلا حدود

من جهة اخرى وبعد الزلزال المدمر الذي ضرب هايتي ساهمت منظمة "مكتبات بلا حدود" في انشاء عدة مكتبات في هايتي وهي توزع الاف الكتب في مخيمات المشردين على ما اوضحت المنظمة، وساهمت المنظمة مع السلطات الهايتية للتو باعادة فتح مكتبة وزارة الخارجية في بور او برانس التي انهارت في زلزال كانون الثاني/يناير 2010، وقال مدير المنظمة باتريك فيل ان "مكتبة بلا حدود"، "وفرت جزءا من الاثاث والقسم الاكبر من المجموعات من خلال تقديم اكثر من اربعة الاف عمل متخصص بالقانون والعلاقات الدولية، والى جانب اكثر من ثلاثة الاف كتاب انتشلتها من بين الانقاض فان "مكتبة بلا حدود" اشترت حوالى الف كتاب لمؤلفين هايتيين واقليميين من اجل هذه المكتبة". بحسب فرانس برس.

واوضح فيل "بموازاة ذلك نعمل على ورشة مكتبة مركزية كبيرة تابعة للجامعة الرسمية". وساهمت المنظمة في انشاء اول مكتبة رقمية في جامعة هايتي العامة بالتعاون مع جامعة انتيل-غويانا الفرنسية، واوضحت (ماري ايرمين دو مونتاجون) مسؤولة بعثة المنظمة في هايتي، ان "المكتبة الرقمية افتتح في اذار/مارس الماضي وهي مجهزة بسبعين جهاز كمبيوتر مع الوصول الى قواعد معلومات عالمية ومجلات علمية"، وخلال السنة الاخيرة فتحت المنظمة كذلك مكتبات في مخيمات اللاجئين في بور او برانس وسمحت بتدريب موظفين لادارة هذه المكتبات في فرنسا وهايتي، وعملت المنظمة كذلك على اعادة فتح مكتبة هايتي الوطنية المغلقة منذ زلزال 12 كانون الثاني/يناير 2010 وهي تدعم مشاريع المكتبات البلدية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 25/نيسان/2011 - 22/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م